Site icon IMLebanon

عون لن يستسلم لـ”التواطؤ” ضده!

 

 

كتبت ملاك عقيل في صحيفة “السفير”:

العديد من «العونيين» يرون اليوم أنه لولا نضال «جنرالهم» العام 2008 لفصل زغرتا عن طرابلس وإقرار قانون الستين، لم يكن اليوم سليمان فرنجية نائباً على رأس كتلة من أربعة نواب… واستطراداً مرشّحاً لرئاسة الجمهورية!

بالمقابل، يرى مؤيّدو فرنجية أن ميشال عون والحلقة الضيقة المحيطة به، قدّموا «أسوأ أداء» في كيفية طرح مرشح ماروني نفسه لرئاسة الجمهورية. قالها رئيس «تيار المردة» بالحرف الواحد «انتم عندما ذهبتم كنتم تطلبون الرئاسة، أما نحن فذهبنا مقبولين رئاسياً. مع غيري حصلت الزيارة قبل أن يكون هناك حتى همس بالشأن الرئاسي».

الى هذا الحدّ ارتفعت خطوط التوتر العالي بين بنشعي والرابية. لكن في اقتناع فرنجية أن «مصيبة» أزمة الرئاسة ستصغر والوقت هو الكفيل بذلك، إن كان على مستوى تقريب وجهات النظر مع عون أو فكفكة الألغام المزروعة على طريق قصر بعبدا.

في الوقائع، يجزم المطلعون أن لقاء فرنجية والحريري في باريس انتهى على قاعدة «نقبل بك رئيساً للجمهورية بلا شروط مسبقة». «الملحق» لكلام كهذا هو أن كل تفاوض لاحق بين الحلفاء أنفسهم ثم بين فريقي «8 و14 آذار» هو الذي سيحدّد بنود «السلّة» وسقوفها من دون شروط مسبقة من جانب الرئيس سعد الحريري. سيكون هنا مفهوماً، برأي المتابعين، أن كلام الحريري عن ضمانات بعدم إسقاط حكومته ليس شرطاً بقدر ما هو ضمانة «طبيعية» تبقي رئاسته في «منطقة الأمان»، وإن رفضه لقانون انتخابات على أساس النسبية هو موقف مبدئي ومعروف، حتى أن موضوع المحكمة الدولية لم يأت على ذكره لا من قريب أو بعيد.

بعد كشف فرنجية مؤخراً عن جزء من برنامجه الرئاسي، بعد التمسّك بترشيحه لرئاسة الجمهورية في مقابل خطوة متوقعة من الرئيس الحريري بالإعلان عن تأييده للترشيح المعلن، سينتقل رئيس «تيار المردة» مضطراً الى الخطوة التالية: التنسيق مع حلفائه حول المهلة التي يوجب الالتزام بها لإعطاء ترشيح ميشال عون المدى الأقصى قبل انتهاء الصلاحية والانتقال الى الترشيح «الأكثر جدّية».

تقول شخصية وزارية من صلب قوى «8 آذار»: إذا تقاطعت الظروف لتزكية خيار فرنجية، فهذا الأمر سيشكّل دافعاً أكبر للتسليم بالقدرة التمثيلية لميشال عون وضرورة ترجمتها في سياق التفاوض على المرحلة المقبلة. لقد وقفنا إلى جانب عون في مرحلة معينة، لكننا لا نستطيع أن نكمل سيرنا نحو المجهول بعد استنفاد حظوظ ترشيحه. شعار «أنا أو لأ أحد» مرفوض، حتى لو كان المرشح من صلب خطنا السياسي. سنقاتل من أجل تكريس حضور عون في ترتيبات العهد الجديد بما يعكس حجمه السياسي الفعلي، وسنلتزم معه بما يراه حقاً منصفاً له.

على الأرجح سيبقى قانون الانتخاب عقدة العقد. في المداولات الباريسية بين فرنجية والحريري، كان الأول واضحاً بعدم رغبته بالبدء في عهده، في حال انتخابه رئيساً، بتأجيل الانتخابات النيابية لأن ذلك سيشكّل أولى النكسات له. ولذلك فالتوافق ضروري ومطلوب، وأي صيغة يتفق عليها «تيار المستقبل» والنائب وليد جنبلاط، أعلن فرنجية أنها ستكون محط نقاش مع حلفائه، ولن يقدم أصلاً على أي التزام إلا بالتنسيق مع الحلفاء.

وفي حال صحّت توقعات مَن يقول بانتخاب الرئيس قبل الاتفاق على قانون الانتخاب، فستكون الساحة الداخلية أمام خيارين: التأجيل حتى صيف 2017 (تاريخ انتهاء التمديد لمجلس النواب) أو السير بالقانون الحالي في حال عدم التوافق على صيغة انتخابية موحّدة. فرنجية الملتزم بإجراء الانتخابات النيابية في أول عهده سيسعى لإيجاد أرضية لهذا التوافق، أو في أسوأ الحالات السير بالقانون الحالي أو بما يدخل عليه من تعديلات تخفّف من نسبة التشوّه التمثيلي فيه.

تتقاطع هذه القراءة مع قراءة فريق يقول إن حلفاء عون سيقدّمون كل التسهيلات في ما يتعلق بقانون الانتخاب، لكن الرفض سيأتي من جبهة الحريري ـ جنبلاط، مما يكرّس بقاء الستين أو الذهاب بقانون مختلط يجمع بين الأكثري والنسبي يلقى الحد الأدنى من قبول القوى السياسية.

هذا النوع من السيناريوهات يقف عند عتبة لم يتمكّن أحد حتى اليوم من تجاوزها: للمرّة الأولى هناك تخلٍّ واضح ورسمي من جانب الحريري عن ترشيح سمير جعجع في مقابل دعم واضح لترشيح «البيك» وتفنّن بعض رموز «المستقبل» في الترويج لـ «نيو» سليمان فرنجية. في المقلب الآخر، قبول واضح لجزء كبير من فريق «8 آذار»، على رأسه نبيه بري، لترشيح فرنجية في مقابل ممانعة واضحة لعون. «حزب الله» يقف خلف «الجنرال» مانحاً إياه الحدّ الأقصى لاستنفاد فرض ترشيحه وبعدها سينتقل، مع عون نفسه، الى الخطة «ب».

لكن حتى يحين آوان تلك اللحظة هناك واقعتان يصعب حجبهما: الأولى أن التواطؤ الداخلي والخارجي صار أكثر من مكشوف لمنع عون، ومنذ العام 2005، من الوصول الى سدّة الرئاسة. الثانية أن رئيس أكبر كتلة مسيحية يدرك جيداً هذه الحقيقة.. لكنه لن يستسلم بسهولة.