موريس متى
في منتصف الاسبوع المنصرم، وعلى غرار ما فعل مجلس الشيوخ في السابع عشر من تشرين الثاني الفائت، أقر الكونغرس الأميركي بالإجماع قانونا يفرض عقوبات على المصارف التي تتعامل مع “حزب الله” الذي تعتبره واشنطن منذ العام 1995 منظمة “إرهابية”.
مساء يوم الجمعة وقع الرئيس باراك أوباما القرار الجديد الذي حمل إسم:
“H.R.2297 – Hizballah International Financing Prevention Act of 2015”
ويفرض على الرئيس إدراج قواعد لمعاقبة المؤسسات المالية التي تقوم بمعاملات مع “حزب الله” أو تبييض أموال لفائدته. وسيكون على الإدارة الأميركية تقديم تقارير إلى الكونغرس لتسليط الضوء على الشبكات العالمية للحزب خصوصا في جنوب الصحراء الأفريقية وآسيا، كما على الإدارة الأميركية أن تحصي الدول التي تدعم الحزب أو التي يحتفظ فيها بقاعدة لوجستية مهمة. ووفق بنود القرار، سيتم إعلام الكونغرس بأسماء المصارف المركزية التي يحتمل أن يكون لها صلة بتعاملات “حزب الله” المالية، على ان يقدم أوباما بعد 120 يوما تقارير تصف انشطة الحزب في مجال تهريب المخدرات وأنشطة إجرامية محتملة عبر الحدود ، مثل الاتجار بالبشر. وجاء في القرار:
“Not later than 120 days after the date of the enactment of this Act, the President shall prescribe regulations to prohibit, or impose strict conditions on, the opening or maintaining in the United States of a correspondent account or a payable-through account by a foreign financial institution that the President determines, on or after such date of enactment, engages in an activity described in paragraph”.
وقد استهدف النواب الاميركيون بقرارهم ايضا قناة “المنار” التابعة للحزب، التي صنفتها واشنطن منظمة “ارهابية”، ويسعى النواب لقطع تعاملها مع مشغلي الأقمار الاصطناعية، على ان تحدد السلطات الاميركية في غضون 90 يوما المشغلين الذين يحتفظون بتعامل مع القناة. ويندرج القرار الاميركي الجديد في سياق سلسلة قوانين عابرة الحدود أقرتها الولايات المتحدة بهدف مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب، ضمن ما يعرف في القانون الاميركي بالذراع القانونية الطويلة التي تتخطى حدود الولايات المتحدة لتطال أطراف خارجية تتهمها الادارة الاميركية بخرق قوانين تجفيف مصادر تمويل الإرهاب ومكافحة تبييض الاموال.
على الصعيد اللبناني…
ما هي الا ايام قليلة حتى تكشفت خلفية المخاوف الكبيرة التي ارتكزت عليها جمعية المصارف ومصرف لبنان لمطالبة مجلس النواب في الاشهر الماضية بالاسراع في إقرار التشريعات المصرفية المتعلقة بمكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب والتوقيع على معاهدة انضمام لبنان إلى اتفاق الأمم المتحدة الخاص بمكافحة الإرهاب. هذه القوانين، لو لم يقرها البرلمان، لصار وضع لبنان بعد القرار الاميركي غير سليم وفق مصادر مصرفية رفيعة المستوى. والقرار الاميركي يرغم مرة جديدة المصارف اللبنانية في لبنان والخارج ومصارفها المراسلة على الالتزام ببنوده لعدم التعرض لعقوبات شبيهة بتلك التي فرضت على البنك اللبناني الكندي، مما يدفع هذه المؤسسات، الى اتخاذ المزيد من الاجراءات الوقائية لعدم خرق بنود القرار، منعا لإنفاذ التحاويل المصرفية للأفراد والمؤسسات المتهمة بتأمين غطاء لتمويل الحزب وصولاً إلى إمكان إدراجهم في اللائحة السوداء الاميركية:” ومما جاء في القرار:
“knowingly facilitates a significant transaction or transactions of a person identified on the list of specially designated nationals and blocked persons maintained by the Office of Foreign Assets Control of the Department of the Treasury and the property and interests in property of which are blocked pursuant to the International Emergency Economic Powers Act (50 U.S.C. 1701 et seq.) for acting on behalf of or at the direction of, or being owned or controlled by, Hizballah”.
وقد أكدت المصادر انه تم إدخال سلسلة تعديلات على القرار قبل إقراره، ساهمت فيها جمعية المصارف في لبنان عن طريق مستشارها القانوني في الولايات المتحدة وبإشراف مباشر من حاكم مصرف لبنان، وتمكن الجانب اللبناني من إلغاء بعض العبارات التي أشير فيها الى القطاع المصرفي اللبناني، مؤكدا التزامه القوانين التي ترعى جميع مراسليها في الولايات المتحدة. كما ارتكز الجانب اللبناني على القوانين التي أقرها مجلس النواب اخيرا وتؤكد مدى التزام لبنان كل القرارات الاميركية والدولية المتعلقة بمكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب. وبحسب المعلومات، فان تدخل جمعية المصارف ومصرف لبنان في ما يعرف بالـ “لوبينغ” الاميركي قد خفف من وطأة توجيه أي اتهام مباشر للبنان ضمن القرار (H.R.2297).
وتؤكد المصادر ان مصرف لبنان طلب من جميع المصارف اللبنانية في الداخل والخارج التقيد ببنود القرار حماية للقطاع، مع تأكيدها بأن هذه المصارف لم تخفف يوما من إجراءاتها منعا لأي خرق للقوانين الاميركية، ما قد يحمل القطاع المصرفي عقوبات لا تحمد عقباها. وقد تحدثت بعض المعلومات عن بدء عدد من النواب الاميركيين التحضير ايضا لسلسلة القوانين إضافية تهدف الى تضييق الخناق المالي أكثر على “حزب الله”.
وقد خطا لبنان خطوات أساسية منذ العام 2001 في تطوير بنيته القانونية والتنظيمية في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، هذه الخطوات والاجراءات التي يتخذها هي اساسية لعدم استهداف قطاعه المصرفي بعقوبات قد تطيح بكل الاقتصاد اللبناني ما دام هذا القطاع عموده الفقري.