Site icon IMLebanon

“الرمادي” إلى المسرح العسكري… هل يستعيد العراق المبادرة؟! (تالي طانس)

 

تقرير تالي طانس

 

لا يهدأ المسرح العسكري من اليمن وسوريا مروراً بالتوتر الأمني الأخير على الحدود اللبنانية، وصولاً إلى العراق، في تطوّر ربما يعكس فرض توازنات ميدانية معينة قبل انطلاق قطار التسويات، والمرحلة الثانية من المفاوضات التي انتجت حتى الساعة ولو بشكل صوري قراراً من مجلس الأمن بشأن سوريا.

ففي وقت، تستمر المماحكات النارية في اليمن على الرغم من قرار وقف إطلاق النار، وفي ضوء الخطوة العسكرية التركية في اتجاه شمال العراق، يتحضر الداخل السوري عبر التحالف العسكري الرباعي (النظام السوري – روسيا – إيران و”حزب الله”) لمعركة استراتيجية بالنسبة إليه تهدف للسيطرة على كامل ريف اللاذقية بما فيه جسر الشغور واستعادة ما تبقى من ريف حمص والريف الجنوبي لحلب.

على خط مواز، لا يبدو ان الداخل العراقي بعيد عن هذه التطورات العسكرية الاستراتيجية، إذ تتحضر القوات العراقية، بعد محاصرة تنظيم “الدولة الإسلامية” في الرمادي وقطع الإمدادادت عنه، إلى الدخول في معركة استعادة هذه المدينة الاستراتيجية، التي توقع مسؤولون عراقيون ان تنتهي مع نهاية العام الحالي، علماً ان قادة اميركيين كانوا وصفوا “معركة الرمادي” بأنها ستكون معركة “شرسة جدا”، فالتنظيم المتطرّف اقام “اشرطة دفاعية” حول المدينة، خصوصاً عبر نشر العديد من المتفجرات اليدوية الصنع على مساحات واسعة.

وانطلاقاً من هنا، يمكن إلقاء الضوء على أبرز المعارك التي قادتها القوات العراقية المشتركة بغطاء جوي من التحالف الدولي في العام 2015، والمناطق التي استعادتها من قبضة تنظيم “الدولة الإسلامية”.

فمع انتهاء العام 2014، كانت معارك الكرّ والفرّ بين القوات العراقية وقوات “البيشمركة” من جهة، ضد تنظيم “داعش” من جهة اخرى على اوجها، إذ اختتم العام بتحرير مناطق خانقين، وبعقوبة والخالص في وسط ديالى (شرق العراق)، ليبدأ العام 2015 باستكمال تحرير باقي مدن المحافظة. فحررت القوات الأمنية حوض شروين، تلاه تحرير قضاء المقدادية، لتنتهي العملية الأمنية بتحرير محافظة ديالى بالكامل، لتصبح أول محافظة من بين 4 تتحرّر بالكامل من قبضة “الدولة الإسلامية”.

بعد ديالى، انطلقت عملية تحرير مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار، بعدما كانت سقطت في 17 أيار 2015 بيد تنظيم “داعش”. فسُجّل أول نجاح من خلال تحرير منطقة البوغانم شرقي المدينة.

واستطراداً، في آذار من العام الحالي، تم الإعلان عن انطلاق عملية “لبيك يا رسول الله”، وهي عملية غيّرت موازين القوى على الأرض، وجعلت قوات الجيش والشرطة والحشد الشعبي في موقع هجوم.

وانتجت العملية في أيامها العشرة الاولى تحرير قضاء الدور في صلاح الدين، واتجهت غربا، فحررت ناحية العلم والبوعجيل، وبعد توقّف تكتيكي، أعلنت تكريت محررة بالكامل في الواحد والثلاثين من آذار. وبالعودة إلى المناطق المحيطة بالرمادي، تمكنت القوات الأمنية من تحرير مناطق الطاش والعنكور جنوب مدينة الرمادي. وفي السابع من أيلول تمكنت القوات العراقية من هزيمة “داعش” في مناطق عدة من الأنبار وتمكنت من تحرير خمس مناطق في الرمادي، ومنها مناطق زنكورة والبوريشة والبوجليب والعدنانية شمال الرمادي، ومنطقة الخمسة كيلو غربها. وفي الخامس من شهر تشرين الثاني، تمكنت قوات من المغاوير الأولى والثانية إضافة للشرطة الاتحادية التابعة لقيادة عمليات سامراء، من طرد مسلحي “داعش” واستعادة المناطق الواقعة غرب مدينة سامراء، ما جعل الطريق بين تكريت وسامراء آمنة ومؤمّنة بالكامل.

وفي الفترة الزمنية عينها، استولت قوات مكافحة الإرهاب ومقاتلون متطوعون على قصر الرئيس السابق صدام حسين على جبل مكحول شمال بلدة بيجي، ما قطع الطريق الذي يربط بين الزاوية والفتحة والذي كان يعد من أهم إمدادادت “داعش” لتزويد بيجي بالمقاتلين والأفراد. الأمر الذي مكّن القوات العراقية من استعادة السيطرة على بيجي في الرابع عشر من الشهر عينه.

وفي السادس عشر من تشرين الثاني تمكنت قوات البيشمركة وبغطاء جوي من التحالف الدولي من تحرير سنجار بالكامل. وقد شارك في الهجوم نحو 7500 من مقاتلي البيشمركة مدعومين بقوات من الأيزيديين كما شارك مقاتلو حزب العمال الكردستاني في الهجوم.

 

لمدينة الرمادي أهمية استراتيجية عسكرية وجغرافية تعطي لمن يسيطر عليها أفضلية راجحة وواضحة في التحكم بمفاصل رئيسة داخل العراق.

جغرافيًّا:
هي عقدة ربط أساسية في الوسط على الطرق الدولية بين بغداد ودمشق وعمان، حيث يعتبر هذا المثلث ممرا شبه اجباري في التواصل بين العواصم الثلاث وبالتالي هو الرابط البري الاستراتيجي المشترك بين سوريا والاردن والعراق. تبعد عن بغداد قرابة الـ 110 كلم غربا، يخرقها نهر الفرات ويتفرع داخلها باتجاهين شرقي أساسي باتجاه الفلوجة، وجنوبي شرقي ثانوي باتجاه بحيرة الحبانية.

استراتيجيًّا :
– بالنسبة لتنظيم “داعش” تؤمن الرمادي تواصلًا سهلًا مع وحداته المنتشرة في محافظة الانبار وامتدادا لمراكزه داخل الاراضي السورية باتجاه مدن القائم وابو كمال ودير الزور، او باتجاه تدمر وحمص، وتؤمن له قاعدة خلفية غربًا لحماية عناصره في مدينتي الحبانية والفلوجة شرقا وتواصلا بريا سهلا جنوب غرب المنطقة باتجاه الاردن او السعودية.

– مدينة الرمادي بوابة خطرة نحو بغداد وكربلاء، ومن يسيطر عليها يستطيع التحكم بأغلب المحاور المؤدية الى العاصمة والجنوب العراقي.

– للرمادي أهمية طبيعية لناحية وفرة المياه فيها، ومن يسيطر على الرمادي يستطيع التحكم بانسيابية تدفق المياه الى وسط وجنوب العراق وهو سلاح فعال في الحرب الارهابية ضد العراق وشعبه.

وقبل ان يلفظ هذا العام ايامه الاخيرة نجحت قوات الامن في محاصرة الرمادي من جميع الجهات بعدما احكمت السيطرة وحررت المناطق المحيطة بالمدينة، كما تمكنت من استعادة السيطرة على منطقة التأميم وسط تأكيدات من القيادة العسكرية بأن تحرير الرمادي بالكامل بات قاب قوسين أو أدنى.