في خطوة كانت متوقعة، أعلن “البنك الأوروبي للإعمار والتنمية” أخيراً ان مجلس المحافظين وافق بعد اجتماعه على طلب لبنان الانضمام اليه كمساهم، بما قد يسمح له بالحصول على استثمارات في المستقبل.
يستخدم البنك الأوروبي للإعمار والتنمية (EBRD)، وهو مصرف تنموي متعدد الطرف، الاستثمار كأداة للمساعدة في بناء اقتصادات السوق. وقد اكتسب صفة الخبير في الانتقال إلى السوق المفتوحة وتحرير الأسعار وتثبيت الخصخصة، اضافة الى دعم المبادرات الخاصة والأعمال الحرة. أنشئ البنك عام 1990 بهدف تشجيع دول الكتلة السوفياتية السابقة على الانتقال إلى اقتصاد السوق، وركز بداية على بلدان الكتلة الشرقية السابقة، ساعياً إلى دعم تنمية الديموقراطية في 30 دولة، من وسط أوروبا إلى آسيا الوسطى وجنوب البحر الأبيض المتوسط وشرقه. كذلك تركزت عملياته على تمويل القطاع الخاص باعتباره المحرك الرئيسي للتغيير. ومنذ ذلك الحين، وسّع المصرف نطاق عمله، إلى أن قرّر مع بداية عام 2012 التوسّع نحو جنوب المتوسط وشرقه، اذ استثمر في أربع دول: مصر، الأردن، المغرب وتونس. جاء قرار توسيع نشاط هذه المؤسسة المالية نحو بلدان جنوب المتوسط بناءً على مبادرة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي التي تبنّتها “مجموعة الثمانية” في أيار 2011 ضمن ما عرف حينها بـ “شراكة دوفيل”. وقد استثمر البنك الأوروبي حتى اليوم، أكثر من ثلاثة مليارات أورو في 83 مشروعاً في منطقة المتوسط. ويبلغ عدد المساهمين فيه 66 مساهماً ويضم حالياً 64 دولة اضافة الى الاتحاد الأوروبي وبنك الاستثمار الأوروبي. وتتولى وزارات المال تمثيل الدول في مجلس المحافظين، الذي يملك صلاحية قبول عضوية أي دولة. حتى عام 2009، كانت إسرائيل هي المساهم الوحيد في البنك من منطقة الشرق الأوسط، قبل توسيع عملياته وضم تركيا الى محفظته، ومن ثم الأردن وتونس والمغرب ومصر وكوسوفو عام 2012، وقبرص في 2014، وصولا الى انضمام اليونان في 2015.
مراحل انضمام لبنان
طالبت وزارة المال بعضوية لبنان في البنك الأوروبي للإعمار والتنمية منتصف تموز المنصرم. نوقش الطلب خلال اجتماع مجلس المحافظين في العاصمة البريطانية لندن وقررت الحكومات المساهمة في هذه المؤسسة الدولية الموافقة عليه، مما يجعل الاسواق اللبنانية مفتوحة أمام استثمارات البنك في مرحلة لاحقة. ويُتيح انضمام لبنان الى البنك، تشجيع نموّه عبر دعم قطاعات أساسية في اقتصاده وإدخال إصلاحات عليه، ويسمح له بطلب الحصول على تمويلات واستثمارات.
وكان وفد من المؤسسة الدولية قد اطلع من وزير الاقتصاد والتجارة ألان حكيم وفد البنك، بتاريخ 21 تشرين الثاني الماضي، على الأوضاع في لبنان وجرى تقويم تقني لكيفية عمل البنك في لبنان في حال تم قبول طلب العضوية. كذلك استطلع الوفد الإجراءات القانونية والمالية والحوكمة في لبنان واجراءات مساهمة البنك في تطوير الإقتصاد اللبناني وتنميته. قاد المدير العام لوزير المال آلان بيفاني الاتصالات مع البنك والمساهمين الكبار فيه قبل اشهر من طلب العضوية، فيما تؤكد المصادر التي واكبت هذا الملف، ان بيفاني هو من بادر الى طرح فكرة الانضمام الى هذه المؤسسة المالية الدولية بعدما قررت التوسع عام 2011.
عام 2013، أرسل وزير المال السابق محمد الصفدي رسالة الى مجلس المحافظين في البنك اعرب فيها عن رغبة لبنان في الانضمام اليه، وتولى بيفاني حينها متابعة المشاورات والمفاوضات في هذا الشأن. وفي منتصف ايار 2014، أقر مجلس الوزراء طلب وزير المال علي حسن خليل تفويض وزارة المال اجراء الاتصالات اللازمة لانضمام لبنان الى البنك الأوروبي للإعمار والتنمية، مما وضع المفاوضات مجدداً على نار حامية الى حين تمت موافقة مجلس المحافظين في المصرف على طلب انضمام لبنان اليه كمساهم.
مع انضمام لبنان الى البنك الأوروبي، من المتوقع ان يستفيد القطاع الخاص من عمليات تمويل جديدة. وستتيح هذه الخطوة خيارات اضافية للدولة لتمويل مشاريع البنى التحتية عبر القروض الميسرة. علماً أن نطاق عمل البنك يشمل مشاريع الزراعة والمياه والبنى التحتية والبيئة والطاقة النظيفة، وتقديم المساعدة التقنية الى المؤسسات الخاصة والدول الاعضاء.