Site icon IMLebanon

“النأي بالنفس”.. منعاً للتحول إلى ساحة تصفية حسابات

 

 

كتب داود رمال في صحيفة “السفير”:

يفرض موقف رئيس الحكومة تمام سلام من انضمام لبنان إلى «التحالف الإسلامي ضد الإرهاب»، بنداً من خارج جدول الأعمال في جلسة مجلس الوزراء اليوم المخصصة لترحيل النفايات.

لا يهادن قطب نيـابي في مسألة تعامل البعض مع «تحالف دُبّر في ليل». يعتبر أن «الموقف المتسرع المتمثل بالترحيب بضم لبنان، بإرادته أو مغلوباً على أمر بعض ساسته، إلى التحالف الإسلامي الذي أعلنته السعودية، هو مشبوه الغايات والأهداف والتوقيت». كما يأسف إلى أن «دعاة النأي بالنفس والابتعاد عن لعبة المحاور وصراعها، كانوا السبّاقين في الترحيب بهذا الفتح العظيم لبطل الحروب الخاسرة والمجازر المستمرة من العراق الى سوريا والبحرين وصولاً الى اليمن».

ويرى القطب النيابي أن «أي موقف من مسألة الإعلان عن ضم لبنان الى التحالف من دون احترام الآليات والمؤسسات الدستورية، هو انتهاك فاضح للسيادة اللبنانية، خصوصاً أن التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب لم يشمل دولاً أساسية تعاني من هذا الوباء المتنقل والمعروف المنشأ والتمويل». لذلك، يعتبر المصدر أن الموقف من هذا التحالف يندرج في شقين:

الأول سياسي، يتمــثل في أن التــفاوض لضم أو انضمام لبنان الى المعاهدات أو التحالفات، إقليمــية كانت أو دولية، مسؤولية منوطة برئيس الجمــهورية حصراً، والذي ينسق بشأنها مع رئيس الحكومة على أن تُبرم في مجلس الوزراء. وفي ظل الشغور الرئاسي صارت هذه الصلاحية منوطة وكالة بمجلس الوزراء مجتمعاً، وبالتالي هي ككل المواضيع التي تحتاج إلى إجماع وتوافق.

والتوافق ضروري جداً في هذه المسألة المستجدة، لأنه وفق التصنيف السعودي للإرهاب تندرج أحزاب ومنظمات غير «داعش» ضمن أهداف الحرب على الإرهاب، وتحديداً المقاومة في لبنان المتمثلة بـ «حزب الله» والفصائل الفلسطينية المقاومة و «أنصار الله» في اليمن و «الحشد الشعبي» في العراق. وبالتالي اعتماد لبنان للتصنيف السعودي يؤدي إلى أزمة سياسية جديدة هو بغنى عنها.

أما الشق الثاني فأمني. وبالرغم من أن التحالف قد لا يطلب من لبنان مشاركة عسكرية تقديراً لوضعه، وربما يتذرع لبنان بعدم قدرته على المشاركة بأي عمل عسكري لمحاربة الإرهاب وتحديداً خارج حدوده، ولكن هذا الوضع لا يعفيه من تقديم مساهمات أمنية حول المجموعات المصنفة إرهابية حسب اللوائح السعودية والأميركية، أي من ضمنها «حزب الله». وبغياب رئيس الجمهورية الذي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة يصبح الموضوع أكثر إحراجاً للأجهزة الأمنية جميعها، وستقع أمام خيارين: إما تقديم معلومات حول المجموعات المصنفة إرهابية، وإما الامتناع عن ذلك.

وفي ظل هذا الواقع، يلفت القطب النيابي إلى أن «الأجهزة الأمنية تحتاج، في الحالتين، إلى غطاء سياسي، يمثله أولاً رئيس الجمهورية، وثانياً السلطة السياسية الممثلة بمجلس الوزراء مجتمعاً. وكلا الغطاءين غير متوافر اليوم، فتكون هذه الأجهزة عملياً قد وُضعت أمام اختبار صعب سيزيد من تعقيدات مهمتها في محاربة الإرهاب، والتي سبقت كل الدول في خوضها منذ العام 2000. أما إذا قررت المنظمات الإرهابية التكفيرية القيام بعمليات إرهابية ضد دول التحالف، ومن بينها لبنان، فذلك قد يحوله إلى ساحة جهاد. وهو الذي يعاني أصلاً من عدم استقرار سياسي. وتجهد الأجهزة الأمنية برغم ذلك في تأمين الاستقرار الأمني».

ويستغرب المصدر «عدم اللجوء إلى التشاور بين رئاسة الحكومة والوزارات المعنية لتأمين موقف لا يحرج لبنان، وعدم استخدام القنوات الديبلوماسية لشرح وجهة نظر لبنان القائمة على النأي بالنفس، وصولاً إلى تأمين تفهم عربي لوضع لبنان وخصوصيته».

ويسأل القطب النيابي: ماذا سيكون الموقف لو قامت العراق وسوريا وإيران وروسيا ودول أخرى بإنشاء تحالف لمحاربة الإرهاب، وطُلب من لبنان المشاركة فيه؟

يختصر المصدر الحل، «لتجنب الدخول في هذه الأزمة الجديدة والتي ستكون أكلافها باهظة جداً، بـ «الالتزام بالبيان الوزاري للحكومة الحالية ومقررات الحوار الوطني وأبرزها إعلان بعبدا لجهة تحييد لبنان عن الصراعات والمحاور، والعكس هو نعي لكل ذلك وتحويل لبنان الى ساحة تصفية حسابات عربية وإقليمية ودولية».