تبدي اوساط سياسية مراقبة خشية من ارتدادات التسوية السياسية للازمة السورية التي تحاك في الاروقة الدولية لا سيما من زاوية “شظايا” اللاجئين السوريين الموجودين في لبنان الممكن ان تصيب الجسم اللبناني الواهن، اذا لم تعالج مسألة عودتهم في شكل حاسم في متن القرارات الدولية المتصلة.
وتقول الاوساط لـ”المركزية” ان مجموعة عوامل تضافرت أخيرا تحمل على القلق من امكان ان يدفع لبنان الذي فتح أبوابه للاجئين السوريين انسانيا وأخويا، ثمن “فعل الخير” على حساب سيادته واستقراره المعرضة للخطر في ما لو بقيت القرارات في هذا الشأن على مستوى” العودة الطوعية” للسوريين الى بلادهم.
وتشير اولا الى الفقرة الرابعة عشرة من نص قرار مجلس الامن 2254 حول حل الأزمة السورية الذي صدر يوم الجمعة الماضي وفيها ان مجلس الامن “يؤكد الحاجة الماسة الى تهيئة الظروف المؤاتية للعودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين داخليا الى مناطقهم الاصلية وتأهيل المناطق المتضررة وفقا للقانون الدولي…”
وهذه العبارة بالذات وتحديدا “الطوعية” اثارت حفيظة واعتراض وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الذي أكد أن لبنان لن يلتزم سوى بما يتعلق بضيافته وانسانيته وأخوّته للشعب السوري وانه يرفض توطين غير اللبنانيين، وفقا لدستوره، مشددا على ان العودة الآمنة للنازحين السوريين، مع اعتماد المعايير الانسانية، هي الحل الوحيد الدائم لهذه الأزمة وان شروط هذه العودة الآمنة يمكن لها أن تسبق الحل السياسي في سوريا، وقد اجتمع لاحقا مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وابلغه موقف لبنان وتوجسه من ان يشكل القرار تكريسا لتوطين السوريين في لبنان واستعادة للسيناريو الفلسطيني اثر نكبة 1948 التي “نكبت” لبنان حيث بقي الفلسطينيون النازحون فيه حتى اليوم، مع مفارقة خطيرة تتمثل في ان اعداد السوريين النازحين الى لبنان ناهز المليون ونصف المليون.
والى قرار مجلس الامن و”طوعية العودة” تكشف الاوساط عن عوامل أخرى من بينها زيارات بعض المسؤولين الغربيين للبنان والتمني على نظرائهم تسهيل شؤون النازحين بما يخفف من معاناتهم، وتوضح في السياق ان مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون السكان واللاجئين سيمون هانشاو الذي زار بيروت منذ نحو اسبوعين طرح في لقائه مع وزير العمل سجعان قزي “امكانية وضع برنامج لايجاد فرص عمل للنازحين السوريين ليساهموا في بناء بلادهم حين يعودون اليها”، ما اثار استغراب قزي الذي شرح للمسؤول الاميركي المعاناة اللبنانية في سوق العمل وتفشي البطالة لا سيما في اوساط الشباب حيث تبلغ نحو 36 في المئة و25 في المئة في شكل عام، وهي ارقام عالية للبطالة يعجز لبنان عن حلها، فكيف بالاحرى اذا ما تم تشريع عمل السوريين، علما ان اعدادا كبيرة جدا من بين هؤلاء تعمل في مختلف القطاعات وبعضهم يستأثر بمجالات عمل معينة الى درجة انه لم يعد من مكان للبنانيين فيها وسط عنصر المنافسة وقبول هؤلاء برواتب منخفضة.
وتستغرب في هذا المجال، كيف ان المساعدات الدولية تنحصر باللاجئين السوريين من دون ان يصل قرش واحد الى الدولة التي تستضيفهم وتتكبد خسائر فادحة لتأمين مقومات “الاستضافة” على المستويات كافة، علما ان اكثر من مؤتمر دولي أكد وأقر بضرورة تقديم المساعدات للدول المضيفة، بيد ان الوعود بقيت حبرا على ورق. وتسأل المصادر لماذا لا يتم تخصيص مناطق آمنة في سوريا بعد الاتفاق على التسوية يتم نقل جميع النازحين اليها وتأمين مستلزماتهم الى حين عودتهم الى ديارهم، أم ان وراء الاكمّة ما وراءها، ولبنان سيدفع مجددا فاتورة التسويات الدولية؟