الفونس ديب
على خلفية الأزمة بين روسيا وتركيا، أثيرت مجددا امكانية استفادة لبنان من تردي العلاقات بين البلدين لا سيما على المستوى الاقتصادي، لجهة زيادة الصادرات اللبنانية الى الاسواق الروسية، حيث برزت أخيرا دعوات من بعض المعنيين بالملف الاقتصادي لمتابعة هذا الموضوع والنظر في الامكانيات المتاحة في هذا المجال.
الا ان رئيس اتحاد الغرف اللبنانية رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير اعتبر في تصريح له لـ»المستقبل»، ان هذا الموضوع «غير ممكن على الاطلاق، خصوصا انه كانت للقطاع الخاص اللبناني محاولات جدية اثر العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي على روسيا والتي منع بموجبها تصدير منتجات زراعية وحيوانية وغذائية الى هذا البلد». فهناك مشكلة حقيقية في هذا الاطار، يقول شقير، حالت دون الاستفادة من هذه السوق الكبيرة و«تتمثل بعدم قبول المصارف اللبنانية الاعتمادات الروسية بالدولار أو باليورو بسبب التزام المصارف بقرار العقوبات«.
اجتماعات عدة عقدها شقير مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامه لايجاد مخرج لموضوع الاعتمادات أو على الاقل ايجاد بدائل، «الا ان الحاكم كان مصرا على وجوب احترام لبنان للعقوبات خصوصا ان علاقات المصارف اللبنانية بالولايات المتحدة والدول الاوروبية جوهرية، ولا يمكن المساس بها».
ولان الابواب باتت موصدة على هذا الخط، «تم اقفال المكتب الذي انشئ في غرفة بيروت وجبل لبنان وكلف بادارته موظف لديه جنسية روسية ومن اصل لبناني ويعرف التعاطي مع التجار الروس نهاية العام الجاري«، يكشف شقير.
وكان القطاع الخاص اللبناني قام بزيارة الى روسيا بعد فرض عقوبات عليها، «حيث التقينا كبار المسؤولين المعنيين بالشأن الاقتصادي وكذلك بعدد من القيادات في البلد، واطلعنا عن كثب على حاجات السوق الروسية وكيفية التصدير والاجراءات المطلوبة لجهة التغليف والمواصفات».
وكان تحرك القطاع الخاص سريعا لـ»التقاط الفرص المتاحة، واتخذنا كل الاستعدادات اللازمة، حيث عقدنا في مقر غرفة بيروت وجبل لبنان اجتماعات عديدة، منها مع القطاعات المعنية بالتصدير وأخرى مع الوزارات المعنية بالشأن الاقتصادي لاتخاذ كل الاجراءات لتسهيل عمليات التصدير وتخفيف التكلفة».
واشار شقير الى ان «كل الوزراء كانت لديهم الحماسة والاستعداد في اتخاذ اي قرار مطلوب لافادة اللبنانيين من هذه الفرصة الذهبية.. كان هدفنا لم يكن فقط الاستفادة من الفرصة الآنية، انما كنا نعمل على ترسيخ علاقات طويلة الامد، حيث كنا قد بدأنا بدرس تنظيم معرض للمنتجات اللبنانية في روسيا، اضافة الى بناء علاقات راسخة مع شركاء تجاريين في في هذا البلد لكي تكون مستدامة«.
اضاف: «ان هذا الموضوع ترافق ايضاً مع انشاء المكتب الذي سبق ذكره، حيث كلف شخص لديه دراية كبيرة بالسوق الروسية لمتابعة كل تقدم العمل على هذا المسار… واجرى المكتب كل الاتصالات اللازمة، لجمع المعطيات عن السوق وشروط التصدير ومواصفات المنتحات اضافة الى تلقي الطلبيات».
ولفت شقير الى «اننا تلقينا طلبيات هائلة لعدد من المنتجات، لكن للأسف لم نستطع اتمام عملية التصدير بسبب مشكلة الاعتمادات، وإضافة الى ان التجار والمصدرين اللبنانيين يرفضون قبض ثمن منتجاتهم بالروبل بسبب التقلبات التي تشهدها العملة الروسية».
واشار الى ان «هناك دولا عربية استفادت بشكل كبير من قرار العقوبات لتصدير منتجاتها خصوصا مصر والمغرب اللتان صدرتا بمليارات الدولارات خلال عام». كما اشار الى ان بعض المزارعين والمصدرين اللبنانيين استفادوا على نطاق ضيق من هذا الموضوع، من خلال توريد منتجاتهم الى المصدرين المصريين، لكن باسعار متدنية.
وقال شقير: «ان الوقوف على حقيقة هذا الموضوع، تكون من خلال النظر الى حجم التصدير اللبناني الى روسيا حيث بلغ نحو 7 ملايين دولار سنويا في السنوات الماضية في حين بلغ في الاشهر الستة الاولى من العام الجاري حوالي 3،5 ملايين دولار، وهذا يؤكد ان لا تغيير يذكر في ارقام التصدير بعد العقوبات ما يعني ان لبنان لم بستفد من هذه الفرصة«.
واكد «انطلاقا من ذلك، فان السوق الروسية وفي ظل استمرار العقوبات الاقتصادية الاميركية والاوروبية على هذا البلد ستبقى موصدة بوجه الصادرات اللبنانية«، مؤكدا انه «كان هناك فرصة واعدة جدا لزيادة صادراتنا الى هذا البلد بين 200 و250 مليون دولار سنويا.
وقال شقير : «هذا رقم كبير بالنسبة لحجم المنتجات اللبنانية، وكان من شأنها ان تحدث تحسنا نوعيا في اوضاع الصناعيين والمزارعين اللبنانيين».