اعتبر حاكم مصرف لبنان رياض سلامه، في كلمة القاها في مؤتمر “The Second Global Lebanese Entrepreneurs & Investors Summit”، “أن أعمال ومساهمات LIFE وتعاونها مع Endeavor ستساعد الاقتصاد والشعب في لبنان”، مشيرا الى انه “في سنة 2015، واجه لبنان صعوبات عديدة، فنمو الاقتصاد كان صفرا بالمئة تقريبا، كما أننا لم نواجه ضغوطا تضخمية فناهزت نسبة التضخم صفرا بالمئة أيضا”.
وقال: “ان النمو المعتدل في قطاع التسليف بلغ 4% تقريبا مقارنة بسنة 2014 هو دليل على الضعف الحاصل في اقتصادنا لهذا العام. إلا أن الثقة بالقطاع المصرفي بقيت مترسخة. فالودائع نمت بنسبة 5% والبنية الرأسمالية المصرفية تعززت. إن نسبة الملاءة لدى المصارف اللبنانية على أساس بازل 3 تفوق الـ12%. وهذا يشهد على أن القطاع المصرفي لا يزال قويا وقادرا على دعم جهودنا وجهودكم لتطوير اقتصاد المعرفة في لبنان ولتوفير السيولة لقطاعات أخرى”.
اضاف: “هذه السنة، كان ميزان المدفوعات سلبيا بأكثر من ملياري دولار. وهذا ناتج عن انعدام حركة المقيمين، إلا أن ميزان المدفوعات كان سلبيا في السنوات الخمس الماضية، أي منذ بدء الحرب في سوريا. هذه السنة، شهدنا إنجازات أدت الى تعزيز الثقة بلبنان. فعملتنا مستقرة، وهذا انجاز بحد ذاته حينما نرى أن قيمة العملة الوطنية في دول مجاورة في الحوض المتوسط وفي بلدان عربية أخرى قد انخفضت، مع أن هذه البلدان لا تواجه التحديات التي يواجهها لبنان. أما معدلات الفائدة في 2015 فتراجعت مقارنة بسنة 2014، مع أن تصنيف لبنان بقي B- مع توقعات سلبية”.
وأكد سلامة “ان إدارة السيولة بفعالية أمنت موارد للاقتصاد، ولا سيما من خلال جهودنا لتعزيز التسليف، كما ساهمت في استقرار الاسعار في لبنان”. وقال: “بالطبع إن تراجع أسعار النفط كان مفيدا للبنان إذ إنه حسن القدرة الشرائية للمواطن اللبناني”.
واشار الى انه “في العام 2015، أصدر مصرف لبنان عدة تعاميم ساهمت في تحسين سمعة لبنان وتعزيز الثقة به”. وقال: “أنشأنا وحدة لحماية المستهلك مهمتها التعاون مع المصارف لمعاملة العملاء بشكل منصف وعادل. كما أصدرنا تعاميم لتوسيع وإعادة تنظيم التسليف في القطاع الخاص، نظرا للمشاكل التي نواجهها في اقتصادنا. نعتقد ان هذا التعميم سيساعد الأفراد والشركات على مواصلة نشاطاتهم، على أمل أن تحل عليهم ايام أفضل فيساهمون في نمو الاقتصاد”.
وأعلن “ان مجلس النواب أقر مؤخرا 4 قوانين من شأنها ان تؤمن للقطاع المصرفي والمالي في لبنان كل ما يلزم للحؤول دون إدراج لبنان على لائحة سوداء أو التعرض للعقوبات”. وقال: “هذه القوانين تتعلق بمكافحة تبييض الاموال ونقل الأموال عبر الحدود- مثلا إذا كان المبلغ يتجاوز الـ15 ألف دولار، يجب التصريح عنه- وقانون انضمام لبنان إلى الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الارهاب وقانون تبادل المعلومات الضريبية لمنع التهرب الضريبي والاحتيال الضريبي. هذه القوانين مهمة لانها تساعد لبنان في المحافظة على السرية المصرفية، إلا في الحالات الاستثنائية التي تستوجب رفع السرية المصرفية”.
اضاف: “في سنة 2015، أطلقنا هيئة الأسواق المالية. وهدفنا هو إنشاء هيئة تساعد في تنظيم الأسواق المالية في لبنان والإشراف عليها. أحرزنا تقدما هاما في هذا المجال ونأمل في المستقبل أن نستقطب رساميل اللبنانيين المغتربين ومواطنين من جنسيات أخرى للاستثمار مباشرة في شركات في لبنان. ونحن نستعد لإطلاق منصة تداول إلكترونية في النصف الأول من سنة 2016، يتم تشغيلها من قبل القطاع الخاص، في حين تقوم هيئة الأسواق المالية بالإشراف عليها وتنظيمها. نحن نعتقد أن هذه المنصة ستخلق السيولة اللازمة للشركات الناشئة والصناديق ذات الصلة كما أنها ستوفر سيولة لأدوات مالية أخرى أو أسهم أو سندات من القطاعين الخاص والعام. وبما أن هذه المنصة إلكترونية، فستكون موصولة دوليا وتتيح للبنانين في الخارج الاستثمار من خلال هذه المنصة الموثوقة”.
وتابع: “في سنة 2016، نعتقد أن التحديات ستبقى على حالها. والواقع أننا لا نرى تغييرا في الظروف السائدة، فأسعار النفط والسلع ستبقى منخفضة ما يؤثر على التحويلات الى لبنان من اللبنانيين العاملين في الخارج، ولا سيما في البلدان النفطية في الخليج أو في إفريقيا. ونتمنى أن تتحسن الأوضاع السياسية في لبنان، لكن في الوقت الحاضر لا نزال نواجه الصعوبات. نضيف الى ذلك الاتجاه الجديد في الولايات المتحدة القاضي برفع معدلات الفائدة، مع أن هذه الزيادة خفيفة. إلا أن الأسواق تفسر ذلك كبدء لزيادة الفوائد على الدولار”.
وأعلن سلامة “ان المصرف المركزي سيطلق مبادرات نقدية بهدف المحافظة على الاستقرار رغم الأوضاع الصعبة المحيطة بنا”. وقال: “لقد وافقنا على رزمة تحفيزية بقيمة 1.5 مليار دولار لإقراضها للمصارف بمعدل 1% وتقوم المصارف بدورها بإقراضها للقطاعات الإنتاجية والسكن والبيئة. ونحن ملتزمون بدعم القطاع المالي من أجل تأمين السيولة للشركات الناشئة في الاقتصاد الرقمي، إذ إننا نؤمن بأن هذا القطاع هو قطاع المستقبل للبنان، على غرار القطاع المالي وقطاع الغاز والنفط. ومن خلال هذه المبادرات، نسعى إلى تعزيز الطلب الداخلي، باعتبار أن الطلب الإقليمي سيبقى بطيئا ومعتدلا نتيجة الظروف السائدة في المنطقة”.
واكد حاكم مصرف لبنان “ان الظروف في العام 2016 لن تمنعنا من التعاطي بقوة مع الأسواق لحماية استقرار الليرة اللبنانية، ولدينا الوسائل لتحقيق ذلك وللمحافظة على استقرار معدلات الفائدة رغم الزيادة التي قد نراها خارج لبنان”. وقال: “يمكننا المحافظة على بنية مستقرة لمعدلات الفائدة في السنوات المقبلة. فقد أظهر لبنان مناعة في الماضي ولا يزال لدينا الإمكانيات والقوة للمحافظة على الاستقرار في بلدنا. نحن لا نترقب أية أزمة كبيرة في لبنان بل فقط حصول تباطؤ. ونؤمن أنه بالتعاون وضم الجهود، يمكننا المحافظة على الثقة بقطاعنا المالي وبلبنان”.