Site icon IMLebanon

سبعة إحتمالات لرفض “الحزب”

 

كتب شارل جبور في صحيفة “الجمهورية”: رَفضُ “حزب الله” السير بالتسوية الرئاسية شَكّل في اللحظة الأولى مفاجأة سياسية من منطلق استغراب الأسباب التي تجعله يفوِّت فرصة لا يمكن أن تتكرر إلّا في حال انتصار مشروعه في سوريا، ولكن سرعان ما تبين انّ الأسباب الموجبة لرفضه قد تعود إلى سبعة احتمالات.

الاحتمال الأول الذي قد يكون وراء تجنّب “حزب الله” تبنّي التسوية الرئاسية مراعاته للعماد ميشال عون. ولا يفترض الاستخفاف في هذا العامل، لأنّ ما يستطيع عون تقديمه للحزب لا يقدر عليه أيّ مسيحي في ٨ آذار.

وبالتالي، ما بين ان يربح الرئاسة ويخسر الشارع المسيحي الذي للمرة الأولى في تاريخه يلجأ إلى خيار من هذا النوع يعبِّر عن تحوّل استراتيجي تاريخي في العقل والوجدان المسيحيين، فإنه لن يتردد في ترجيح كفة الشارع على الرئاسة، أي ترجيح الربح الفعلي على الربح المعنوي. وإذا كان الحزب يفضّل ان يكون الرئيس من صفوفه، إلا انه لن يبدّي الرئاسة على الشارع.

وفي هذا السياق، إنّ الخطأ الذي وقع فيه النائب سليمان فرنجية تمثّل في هجومه على عون الذي صبّ في مصلحة الأخير لجهة مضاعفته من إحراج الحزب الذي حتى لو كان موافقاً على التسوية لن يسير بها على حساب عون، بل كان سيسعى إلى البحث عن الإخراج الذي يحفظ ماء وجه العماد عون.

الاحتمال الثاني قد يكون متصلاً بالسلة الكاملة التي طرحها السيد حسن نصرالله، والتي يشكل فيها قانون الانتخاب حجر الزاوية الذي يريده الحزب لتعديل ميزان القوى داخل السلطتين التشريعية والتنفيذية، وإضعاف نفوذ “المستقبل” داخل البيئة السنية، حيث انّ الحزب يبحث عن أكثرية نيابية تخوّله الإمساك بمفاصل الحكم، أكثر من الإتيان برئيس من صفوفه لا يستطيع ان يحكم فعلياً إذا كانت الأكثرية بيد الفريق الآخر.

ويدرك الحزب انّ الحريري لن يتأخر في إبرام تسوية تعيده اليوم إلى رئاسة الحكومة مقابل رئيس من ٨ آذار، ولكنه لن يوافق على قانون انتخاب ولَو أدرج في خانة الغموض البنّاء.

الاحتمال الثالث يرتبط بالتوقيت بمعنى إذا كانت الانتخابات الرئاسية تشكل مصلحة حيوية لتيار “المستقبل” اليوم، فإنّ الحزب ليس على عجلة من أمره ولا يشعر بهذه الحاجة، بل تؤدي الانتخابات إلى إرباكه وإحراجه لاضطراره إلى المفاضلة بين عون وفرنجية، فيما بإمكانه ترك الأمور للأحداث ومستجداتها.

وإذا كان الحزب تقاطع مع “المستقبل” في تأليف الحكومة ولم يتقاطع في انتخاب فرنجية، فلأنه كان بحاجة للأولى من زاوية تَولّي “المستقبل” المواجهة مع المتطرفين في الشارع السني، فيما هو ليس بحاجة للثانية التي لا تشكل بالنسبة إليه حاجة ماسة.

الاحتمال الرابع يتعلق بالطرف المبادر، أي الحريري، وعدم رغبة الحزب في ملاقاته في منتصف الطريق من أجل إحراجه حيال شارعه وحلفائه. وبالتالي، العمل على مزيد من إضعافه، فضلاً عن عدم تقبّل الحزب ان يكون الحريري هو من يضع قواعد اللعبة والتسوية ويأتي بالرئيس الذي يختاره ولَو من صفوفه.

الاحتمال الخامس يتصل بالخشية من أن يؤدي انتخاب فرنجية إلى وحدة موقف وصَفّ بين العماد عون والدكتور جعجع يستفيد منها رئيس “القوات” عبر الإمساك بالورقة المسيحية في ظل غضّ نظر من عون بعد التخلي عنه رئاسياً، الأمر الذي يؤدي إلى تعزيز دور جعجع وتقويته.

الاحتمال السادس يتصل بمصلحة الحزب باستمرار الفراغ كذريعة لحل الأزمة الرئاسية ضمن تسوية برعاية دولية-إقليمية لن تتبلور قبل التسوية السورية وتحقق له هدفين: رفع الإحراج عن نفسه باستبعاد عون، وانتزاع ضمانات دستورية تتعلق بسلاحه وحق الفيتو في السلطة التنفيذية، فيما انتخاب الرئيس يعني تمديد الوضع القائم، بينما مصلحة الحزب تكمن في الاستفادة من اللحظة التي يعاد فيها رسم المنطقة من أجل إدخال مطالبه في صلب الدستور.

الاحتمال السابع يرتبط بالوضع الإقليمي لجهة عدم رغبة طهران بحل الأزمة الرئاسية بمعزل عن الرئاسة السورية في سياق أوراق المقايضة، خصوصاً انّ شيئاً في لبنان لا يستدعي التخلي عن هذه الورقة في ظل الوضع المثالي لحليفها “حزب الله” الذي يقاتل في الإقليم ولا يواجه أي معارضة داخلية، بل يستفيد من هدنة غير مسبوقة حياله منذ العام ٢٠٠٥.

فلكلّ هذه الاحتمالات مجتمعة أو منفردة وغيرها الكثير ربما بَدّى “حزب الله” استمرار الفراغ على انتخاب حليفه فرنجية، الأمر الذي عطّل التسوية الرئاسية ورحّل الملف الرئاسي إلى ظروف أخرى تتطلب معطيات جديدة لتحريكه قد تكون ذات طابع أمني-سياسي في لبنان أو إقليمي نتيجة نضوج ظروف الحوار السعودي-الإيراني ومسار التسويات في المنطقة.