أطلق نشطاء إيرانيون حملة تهدف إلى مساعدة المشردين كي يتجاوزوا ظروف موجات البرد القارس خلال فصل الشتاء. وهناك تجاوب شعبي كبير مع الحملة التي تحمل بين طياتها انتقادات للحكومة بسبب تملصها من مسؤولياتها تجاه الفقراء.
بدأت القصة في مدينة مشهد شمال إيران. فقبل أسابيع قليلة ربط شخص حبلا على جدارن أحد المنازل وعلق ملابس عليه كما كتب مخاطبا المارة: “إذا كنت لا تحتاج إليها، فاتركها، واذا كنت في حاجة إليها فخذها معك”. هذه الرسالة هي في نفس الوقت نداء، حتى يتبرع الناس بالملابس التي لم يعودوا في حاجة إليها، لذوي الحاجة، فتحميهم من البرد القارس خلال فصل الشتاء.
وقد يعتقد المرء أن هذه الفكرة البسيطة سببها موجة البرد التي تشهدها إيران. لكن السياق الحقيقي لظهورها ومن يقف ورائها غير معروف. رغم ذلك فهذه الحملة لقيت نجاحا كبيرا وأطلق عليها شعار “جدران الإيثار”.
تفاعل كبير في وسائل التواصل الإجتماعي
يوما بعد يوم يزداد صدى هذه الحملة الخيرية انتشارا. كما ترافقها نقاشات حية على مواقع التواصل الإجتماعي. وظهرت في باقي المدن الإيرانية “جدران الإيثار”، كما نشرت صورها على الفيسبوك أو تويتر. وعلى سبيل المثال يكتب أحد المستخدمين حول هذا العمل الإنساني الذي لا يرتبط بأي هدف ديني أو سياسي: ” يجب علينا أن نكون سعداء لأن الناس لا زالوا يفكرون في إخوانهم في الإنسانية، و”جدران الإيثار” توقظ الكثير من الأمل”.
الأمر لا يقتصر فقط على نشر صور الملابس المعلقة على الجدران في مواقع الإنترنت، بل يشمل أيضا صور الأطفال السعداء والذين استفادوا من حملة التبرع بالملابس. لكن هذه الصور هي أيضا حملة غير سارة بالنسبة لحكومة الرئيس حسن روحاني. فهي حملة تسلط الضوء على مشكلة كبيرة لم يتم حلها في البلاد بعد وهي التشرد. وحسب الإحصائيات الرسمية، يوجد بإيران حوالي 15 ألف مشرد، ثلثهم من النساء، نقلا عن المحامية والناشطة الحقوقية الإيرانية شاهين دوخت مولافيردي. لكن الجمعيات الخيرية تقدر أعدادهم بأكثر من ذلك، غالبيتهم من الأطفال والشباب.
المشردون مشكلة إيران العويصة
يشرف مجيد بخيلي على “دار أطفال”، وهي مؤسسة تعتني بالأطفال والشباب المحرومين. وحول حملة “جدران الإيثار” يقول في مقابلة مع الدويتشه فيله: “مثل هذه الحملات تأتي كرد فعل على الوضع الراهن في إيران وعلى العديد من المشاكل كالبطالة والفقر”. ويضيف مجيد بخيلي: “مجتمعنا في حاجة إلى مثل هذه المبادرات. ولكن في الوقت نفسه لا يمكن حل المشاكل الأساسية عن طريق هذه الحملات”.
شكل عام 2015 نقطة تحول في إيران بعد 13 عاما من الجدل الدائر حول برنامجها النووي الذي أثار انتقادات كثيرة. وفي نهاية الأمر نجحت طهران في يوليو/ تموز المنصرم في التوقيع على اتفاق مع القوى العظمى في فيينا. ووافقت طهران على خفض أنشطتها المتعلقة ببرنامجها النووي، مقابل رفع العقوبات الصارمة المفروضة عليها بحلول نهاية العام الجاري. ويعد هذا الاتفاق خطوة مهمة من المنتظر أن تنعش الاقتصاد الإيراني المنهار.
هل يغير رفع العقوبات من هذا الوضع؟
في الوقت الحالي يصل معدل البطالة إلى 10.8 في المائة وفقا للإحصائيات الرسمية، بينما يصل معدل التضخم إلى 14.8 في المائة. ومع ذلك تمكن الاقتصاد الإيراني من تحقيق طفرة بنسبة ثلاثة بالمائة عام 2014، حيث تحسنت أوضاعه منذ ثلاث سنوات. وتضم القطاعات الاقتصادية الرئيسية في إيران النفط والغاز والبتروكيماويات وصناعة السيارات، والزراعة، وصناعة المعادن.
ورغم رفع العقوبات على طهران فإن الشكوك تظل قائمة بشأن التأثيرات المباشرة في المستقبل على حياة المحتاجين والمشردين. فهؤلاء المشردون في أمس الحاجة إلى مساعدات عاجلة على شكل ملابس دافئة، كالتي يحصل عليها البعض بفضل حملة “جدران الإيثار”.