Site icon IMLebanon

هل ينجح المرآب الآلي حيث فشلت خطط السير؟

automatedparking
ماري مارون

تمتزج يوميات اللبناني بزحمة سير مريرة، تتحول معها الطرقات الى مواقف كبيرة لا تتحرك فيها عجلات السيارات بسهولة، نظراً لعددها الهائل الذي يزيد عن المليون و800 ألف مركبة. وأحد أسباب زحمة السير في لبنان قلة عدد مواقف السيارات وسوء تنظيمها، فيضطر معظم السائقين الى التجوال في الشوارع مرات عديدة بحثاً عن موقف. وتعتبر مدينة بيروت النموذج الأمثل لهذه الصورة إذ يدخلها ما يقارب الـ450 ألف سيارة يومياً في حين لا تتسع شوارعها ومواقفها لكل هذه السيارات، فتبقى 20 ألف سيارة منها بلا مواقف، وفق ما تظهره احصاءات “اليازا”.

وفي إطار الحلول المطروحة للحد من أزمة المواقف كشف مؤخراً عن تحضير نموذج لما يعرف بالمرآب الآلي، وهو عبارة عن مبنى مخصص لركن السيارات مؤلف من طبقات عدة، يتم ركن السيارة في الطابق الأرضي وتنقل بعدها بواسطة مصعد كهربائي الى الموقف المحدد أتوماتيكياً. وينتشر مثل هذا المرآب في دول أوروبا وأميركا منذ حوالي 20 عاماَ. كما دخل هذا المشروع منذ حوالي خمس سنوات الى بعض دول الخليج كالكويت ودبي. أما اليوم فهو مشروع قيد الدراسة والترخيص في لبنان على أمل أن يبدأ العمل به في عام 2016، بحسب المدير التنفيذي لشركة “سمارت باركينغ كوربوريشن”، Smart Parking Corporation، المشرفة على المشروع، علي جابر.

ويشير جابر، في حديث لـ”المدن”، الى أن “المشروع يهدف بالدرجة الأولى، إلى الحد من أزمة المواقف باستبدال المساحة المستعملة لركن ثلاث سيارات، بمرآب تصل سعته الى 30 سيارة، ومؤلف من 15 طبقة كحدّ أقصى. فكل سيارة بحاجة الى مساحة بين 15 الى 20 مترا مربعا، في حين أن مساحة الموقف الآلي للسيارات لا تتجاوز الـ50 متراً مربعاً بارتفاع 2.20 متراً لكل طابق. كما يمكن اعتماد المرآب تحت الأرض أو فوقها. وتقدّر التكاليف بحوالي 12 ألف دولار للسيارة الواحدة وهي أقل بكثير من كلفة المرآب المستورد والذي يباع بأكثر من ضعف او ثلاثة أضعاف المبلغ المذكور، وذلك وفقاً للمعايير العالمية التي تراعي شروط السلامة العامة”.

تلاقي فكرة المرآب الآلي أصداءاً ايجابية تحديداً في أوساط المقاولين بهدف تأمين عدد أكبر من المواقف للسكان تحديداً في المناطق الأكثر ازدحاماً، كما في أوساط المستثمرين في مجال المواقف العامة، والذين يحددون مكان إنشاء المواقف بحسب القوانين والأنظمة المرعية الإجراء في كل بلدية. أما كمية الانتاج فلم تحدد بعد لأنها مرتبطة بالطلب، وهذا ما تكشفه الأيام الآتية بعد الكشف عن النموذج الأول مع بدايات الـ2016 الذي يتم العمل على أنهائه تحت إشراف خبراء محليين، ومساعدة وزارتي الأشغال العامة والصناعة بهدف الاستحصال على الترخيص القانوني للمشروع بأقل وقت ممكن. وذلك بانتظار ان يبصر النموذج الأول النور، إذ أن هذا المنتج هو الأول من نوعه في لبنان، ما يبرر غياب أي من النصوص القانونية التي تحتوي على الشروط والأحكام للترخيص ما يجعل من المرآب الآلي فكرة الى أن يشرّع وجودها قانونياً. ويلفت جابر الى أن المشروع هو تحت اشراف خبراء لبنانيين كما ان المواد المستعملة انتاج لبناني ما يضع هذا المنتج في اطار الصناعات المحلية.

الخطوات التنفيذية للمشروع، تتخذ من محيط قصر العدل وبيت المحامي مكاناً لها، وذلك عبر استبدال موقف تقليدي بمساحة 7000 متر، يتسع لـ300 سيارة، بـ 40 مرآباً آلياً تتسع لألف سيارة. فضلاً عن دراسة اماكن عديدة تصلح لوضع مرآب آلي فيها، وهي منطقة المرفأ ووسط بيروت والحمرا والضبية في محيط المجمعات الصناعية، بالاضافة الى جونية. ولفت جابر الى أن النموذج الأول استغرق حوالي العامين بين الدراسة والتنفيذ، وهو عبارة عن مبنى من الزجاج مؤلف من خمس طبقات، يتسع الى 10 سيارات وقد تم التعاون مع وزارة الأشغال العامة التي ساعدت في تقديم قطعة من الأرض في ساحة العبد- الأشرفية، استعملت لجمع القطع ووضع النموذج. ويضيف، أن التنسيق جار مع وزارة الصناعة للعمل على تخفيض الضرائب المتوجبة على المشروع ما يخفض من كلفة إنتاج المرآب لتصل الى حوالي 10 الاف دولار بدلاً من 12 ألف دولار للسيارة الواحدة. ويقدّر جابر أن تكاليف المرآب الآلي المؤلف من 10 طبقات تبلغ 240 ألف دولار. ويعمل هذا المرآب على الكهرباء، وهو بحاجة الى حوالي 70 أمبيراً، أي ما لا يزيد عن استهلاك أي مصعد كهربائي.

من جهته يشير وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر إلى أنّ مشروع المرآب الآلي هو فكرة لا تزال قيد الدراسة، منوها بأهمية المشروع خصوصاَ أنه “لبناني 100%، من حيث الخبرات والبضاعة المستعملة”، وفق ما يقوله لـ “المدن”، مضيفاً أن الوزارة تشجع الصناعات اللبنانية وخصوصاً تلك التي تفيد المصلحة العامة. كما يؤكد أن الوزارة تقدم الدعم الكامل للمشروع، كما عملت على تأمين عقار لاقامة أول نموذج للمرآب الآلي.

تبقى فكرة المرآب الآلي مفيدة جداً لبلد مثل لبنان، خاصة وانه يستعمل في أكثر من دولة حول العالم. الا ان التجارب في لبنان، تثبت ان مشروعاً كهذا قد يصطدم بمعوقات سياسية، تبدأ بالاتفاق على من سيسيطر على عائداته. ومن ناحية ثانية، يمكن ان يتحول المشروع الى قناة جديدة لتحصيل الاموال من اللبنانيين من دون حل ازمة المواقف، فيتحول المرآب الآلي الى “فالي باركينغ” بصيغة جديدة، يستفيد منها من يملك المال، اما المواطن العادي، فيبقى امامه اما الخضوع للنظام الجديد، واما تحمّل ازمات السير والبحث عن قطعة ارض لركن السيارة، او على مرآب “تقليدي”.