تؤكد أوساط دبلوماسية مراقبة لسير التطورات في لبنان والمنطقة للوكالة “المركزية”، أن توقيع الاتفاق النووي بين مجموعة 5 +1 وإيران في تموز الماضي، لم يبدّل قيد أنملة في قرار الولايات المتحدة الاميركية الحازم في التصدي للتوجهات الايرانية السياسية أو العسكرية المتشددة التي تتجلى تارة في سوريا والعراق وطورا في لبنان واليمن، وتضيف: “صحيح أنّ الاتفاق النووي نصّ على رفع عقوبات أنهكت الاقتصاد الايراني ما سمح لطهران باستعادة أموال تتراوح قيمتها بين 100 و180 مليار دولار من الأرصدة المجمدة في المصارف الغربية بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، الا أنّ تصرّفَ ايران بهذه المبالغ سيكون حتما تحت المراقبة للتثبت من عدم استخدامها لتغذية منظمات تراها واشنطن ارهابية أو مصدر توتير ومنها قوات الحشد الشعبي في العراق والحوثيين في اليمن و”حزب الله” في لبنان”.
انطلاقاً من هنا، تعتبر الاوساط انّ “العقوبات التي فرضها الكونغرس الاميركي بجناحيه الديموقراطي والجمهوري، على “حزب الله” ليست موضع استغراب، ولم تفاجئ المراقبين، الذين لاحظوا ان فك التشنج الاميركي ـ الايراني اثر النووي لم تصل مفاعيله الى “الحزب” الذي بقي الموقف الأميركي منه على حاله، حتى انّه ازداد تصلباً حيث يبدو انّ واشنطن قررت اللجوء الى خيار التضييق على شرايينه المالية، كوسيلة ستفضي حتماً الى اضعافه. واذا كان القرار الصادر عن الكونغرس أخيراً لتجفيف منابع تمويل الحزب، يستهدف المصارف والمؤسسات المالية التي تقوم بمعاملات معه أو تبيّض أموالا لفائدته، فان خبراء اقتصاديين أكدوا ضرورة تجاوب المصارف اللبنانية مع القانون الاميركي مذكرين بأنّ “القطاع المصرفي لا يخضع للقانون اللبناني بل الى قانون النقد والتسليف”، ما يحتم عليه الالتزام بالمعاهدات والاتفاقات الدولية في هذا الشأن.
أمام هذا الواقع، تشير مصادر بارزة في قوى 14 آذار عبر “المركزية” الى انّ الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله يدرك أن الخناق بدأ يضيق عليه تدريجيا وانّ وضع الحزب المالي سيزداد حراجة في المرحلة المقبلة لانّ المصارف المحلية مضطرة الى مجاراة التوجهات الخارجية، وهذا ما يفسّر إفساحه جزءاً مهمّاً من كلمة كان يفترض ان تُخصّص للشهيد سمير القنطار، للتطرق الى العقوبات الاميركية. وفي قراءة لردّ فعل الحزب على ضائقته المالية التي فاقمتها العقوبات الاميركية، تتوقع المصادر ان تكون مقسمة الى 3 اتجاهات في المرحلة المقبلة:
أولاً، أن يرفع من حدة نبرته السياسية في الداخل، وأن يصعّد في مواقفه، خاصة اذا استمر الكباش الايراني ـ السعودي في المنطقة الذي استعر مجدّداً بعد انشاء المملكة التحالف الاسلامي العسكري لمواجهة الارهاب. فيواصل بالتالي عرقلة التسوية التي اقترحها الرئيس سعد الحريري لانجاز الانتخابات الرئاسية وتقوم على استعداده لدعم ترشيح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية.
ثانياً، أن يمسك الحزب بحقائب وزارية خدماتية في ايّ حكومة مقبلة.
ثالثاً، أن يركّز الحزب في مواقف مسؤوليه وفاعلياته على الدور الذي لعبه قبل ايّ أطراف أخرى، في التصدي للارهاب ولـ”داعش”، ساعياً بذلك الى تجميل صورته أمام الغرب وتذكيره بأنّهما يواجهان عدواً واحداً اليوم هو التطرف التكفيري.
غير انّ المصادر تؤكد أخيراً انّ تشدّد “حزب الله” المتوقع في المرحلة المقبلة رئاسياً وسياسياً، قد يبدّل فيه أيّ تواصل بين طهران والرياض، علماً انّ ثمة مساعي تدور اليوم لجمع القطبين لا للخروج بتفاهمات كبرى بل لتبريد التشنج بينهما.