أكدت تقاير صحفية أن أرباب العمل الأتراك يستفيدون بالفعل من الأيدي العاملة السورية الرخيصة، التي لا تستطيع الدفاع عن حقوقها، في وقت تستعد فيه تركيا لمنح المزيد من السوريين الحق في العمل.
ويشير انخفاض أجور اللاجئين إلى تعرضهم للاستغلال، لكن مخاوفهم تحولت إلى احتمال فقدانهم لفرص العمل، حالما تسن قوانين جديدة وهي معضلة دفعت للسطح بتساؤلات عن محاولات لدمج السوريين في المجتمع التركي.
ووعدت تركيا التي تستضيف الآن 2.2 مليون لاجئ سوري في الأسبوع الماضي بالمساعدة في وقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا مقابل الحصول على 3 مليارات يورو في صورة مساعدات وإحياء المباحثات بشأن انضمام أنقرة للاتحاد الأوروبي.
وتهدف المساعدات المالية الأوروبية إلى رفع مستويات معيشة السوريين وإقناع المزيد منهم بالبقاء في تركيا.
وأنفقت تركيا نحو 8.5 مليار دولار على إطعام لاجئين سوريين وإعاشتهم منذ بدأت الحرب الأهلية السورية قبل نحو 5 سنوات، لكنها لم تقر حتى الآن السياسة التي طال انتظارها بالسماح لهم بالعمل بشكل قانوني.
في تركيا اليوم نحو ربع مليون سوري يعملون بشكل غير قانوني وفقا لتقديرات مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية.
وقال ألطان وهو صاحب متجر في اسطنبول “إنهم أرخص مقارنة بالعامل التركي. يوجد الكثير من العمال السوريين هنا الآن”. ويدفع نحو 8.7 دولار لكل عامل سوري يوميا، وهو أقل من نصف أجر العامل التركي.
وأضاف دون أن يبدو عليه القلق من تهديد بغرامة قدرها 2900 دولار على كل عامل غير قانوني “الكل يعرف لكن لا أحد يريد وقف ذلك. الشرطة تعتقد أنه إن لم يحصل السوريون على عمل فسيبقون في الشارع”.
ويصفهم القانون التركي بأنهم “ضيوف” لكن ليس كلاجئين. ولا يتمتع السوريون الذين يعملون بشكل غير قانوني بأي حقوق وظيفية أو حماية قانونية ملائمة.
ويقول العاملون منهم إن تغيير هذا الوضع صار ضروريا إذا كانت تركيا تريد أن تصبح مكانا يمكن للسوريين فيه بدء حياة جديدة وهو أمل يتمنى الاتحاد الأوروبي حدوثه.
وقالت المحامية إيدا بيكجي التي ترْؤس إحدى منظمات المجتمع المدني “إذا حصلوا على وضع قانوني ونفضوا عنهم الخوف من المستقبل فأعتقد أنهم سيتوقفون عن الفرار إلى أوروبا”.
وحتى الآن تسببت مخاوف من أن يسرق السوريون الوظائف من الأتراك في تأخير أي تقدم في خطة السماح للاجئين بالعمل.
وقال فؤاد أوكتاي رئيس وكالة إدارة الأزمات بتركيا “الأمر أوشك على الاكتمال. من الضروري تحقيق توازن بحيث لا يشعر المجتمع المحلي بأن اللاجئين يسرقون الوظائف”
ورفضت وزارة العمل التعليق على خطط منح المزيد من اللاجئين تراخيص عمل لذلك لا يعرف حتى الآن شكل التشريع الجديد أو توقيت صدوره.
وقالت المحامية بيكجي إن عملية إصدار تراخيص عمل معقدة ووضعت للاحتفاظ بالأيدي العاملة المؤهلة التي فر قطاع كبير منها بالفعل إلى أوروبا.
وأضافت “على صاحب العمل أن يملأ نموذجا يصل إلى 50 صفحة يجيب فيها عن الغرض من تعيين هذا الموظف”. وقالت إن هناك ستة آلاف عامل سوري فقط يعملون بشكل قانوني كانت لديهم تأشيرات قبل الحرب ولديهم الآن تراخيص عمل.
ووفقا للروايات من الواضح أن الأيدي العاملة السورية محببة لدى أرباب العمل الأتراك بوجود ما يصل إلى مئات الآلاف في سوق العمل غير الرسمي.
وفي ضاحية كاجيتاني باسطنبول حيث يعمل أطلان تسمع اللغة العربية من صفوف المتاجر والمحلات بوجود سوري يمثل غالبية القوة العاملة.
والمسألة أضحت قضية سياسية أكبر في أقاليم أفقر قرب الحدود السورية.
وقال أوكتاي أوزتورك عضو البرلمان عن حزب الحركة القومية اليميني عن محافظة مرسين القريبة من الحدود السورية “إننا نجلب عدم راحة لشعبنا. شعبنا يعتقد أن السوريين يسرقون الوظائف والكل قلق من المستقبل”. وأضاف أوزتورك حين سئل عن خطة تراخيص العمل “أمر غريب أن توفر احتياجات شعب آخر ولا تفي باحتياجات الأتراك”. وقال إن عليهم “العودة لبلادهم”.
ووسط مخاوف من حصول العمال السوريين على وظائف الأتراك الذين يواجهون بالفعل نسبة بطالة تتجاوز عشرة بالمئة يدافع جمعة أسطى البالغ من العمر 35 عاما عن توظيف 3 سوريين في مطعمه للوجبات السريعة بشكل غير قانوني رغم أنه يدفع لهم أقل كثيرا من الحد الأدنى للأجور.
وقال “لا يمكنني العثور على عمال أتراك. وحتى لو عثرت عليهم فسيبحثون عن عمل في مكان آخر ويتركونني. العمال السوريون لدي أكثر استقرارا. لم تحدث لي أي مشكلة معهم”.
وبإضافة رسوم التأمين سيتكلف أسطى عن كل عامل تركي أكثر من 1200 ليرة شهريا وهو مبلغ سيرتفع بعد زيادة الحد الأدنى للأجور في 2016. ويتكلف العمال السوريون 850 ليرة لكنهم إذا حصلوا على عمل بشكل قانوني فسيكون على صاحب العمل أن يدفع لهم على الأقل الحد الأدنى للأجور ورسوم التأمين.
لكن مع هذه الفروق في تكاليف الاستعانة بهم يخشى بعض السوريين أن يتسبب الوضع القانوني والحماية التي سيكفلها القانون الجديد في خروجهم من سوق العمل.
وقال عامل سوري يعمل لدى أسطى “لن نحصل على وظائف في تركيا إذا تم منحنا تراخيص عمل. عدم صدور تراخيص عمل هي نقطة القوة لدينا”.