تراجعت إدارة الجمارك اللبنانية عن قرارها القاضي بترفيق جميع إرساليات الألبسة والنسيج التي تصل في شاحنات عبر البواخر من مرفأ طرابلس الى مرفأ بيروت للكشف عليها ودفع رسومها هناك، وذلك بعد حملة الاعتراض الواسعة التي عمت المدينة، بدءا من المخلصين الجمركيين والوكلاء البحريين والمتعهدين ونقابة عمال المرفأ، وصولا الى قيادات طرابلس وهيئات المجتمع المدني، وما صدر عن كل هؤلاء من تهديدات باللجوء الى الاضراب العام إحتجاجا على ما أسموه «ضرب أحد أهم أبواب التنمية في عاصمة الشمال».وكان مدير عام الجمارك أبلغ إدارة المرفأ بعد التحركات الاحتجاجية التي شهدها على خلفية هذا الموضوع، بأن قراره قضى بترفيق إرسالية واحدة فقط تتألف من عشر شاحنات تحمل الألبسة والنسيج، لكن المدير الاقليمي إلياس خزاعة التبس عليه الأمر فأبلغها بضرورة ترفيق كل الارساليات الى مرفأ بيروت، مؤكدا إستمرار الوضع على ما هو عليه في مرفأ طرابلس في ما يتعلق بهذا النوع من البضائع.
وإذا كانت إدارة الجمارك أوضحت الملابسات التي أحاطت بقرارها المتعلق بارساليات الألبسة والنسيج، فان ما لم يتم توضيحه حتى الآن هو السبب الذي يكمن خلف عدم قيام الادارة بتعيين كشافين جمركيين في مرفأ طرابلس الذي يوجد فيه كشاف واحد يقوم بثلاث وظائف دفعة واحدة، الأمر الذي بدأ ينعكس سلبا على حركة المرفأ ويدفع بعض الشركات الى التهديد برفع دعاوى قضائية على إدارته بسبب التأخير الذي يلحق ببضائعها، ومن أبرز هذه الشركات «غولفتاينر» الاماراتية متعهدة تشغيل الرصيف الجديد للحاويات.
وما يقلق إدارة المرفأ أن عدم زيادة عدد الكشافين من شأنه أن يعرقل أيضا عمل الرصيف الجديد الذي تم افتتاحه أخيرا، واستقبل مطلع هذا الأسبوع أول باخرة محملة بالحاويات قادمة من رومانيا، ومن المفترض أن يستقبل بعد أيام قليلة باخرة ثانية، وتتوقع إدارة المرفأ أن تستقبل نحو 200 ألف حاوية في العام المقبل، لكن بحسب مصادر إدارية، فإن أعمال المرفا عموما لا يمكن أن تسير من دون كشافين جمركيين، وأن الاستمرار في الاعتماد على كشاف واحد من شأنه أن يهدم كل ما تم بناؤه في مرفأ طرابلس.
ويقول مدير المرفأ الدكتور أحمد تامر لـ «السفير»: لقد تم توضيح الالتباس من قبل إدارة الجمارك حول ترفيق إرساليات الألبسة والنسيج، ونحن نشكر المدير العام شفيق مرعي والمدير الاقليمي إلياس خزاعة على تعاونهما وتفهمهما، لكن نناشدهما إيجاد حل سريع وفوري للوضع المأساوي المتعلق بوجود كشاف جمركي واحد يقوم بكل المهام، لافتا الانتباه الى أن إيرادات المرفأ زادت بنسبة 30%، وقد أبصر الرصيف الجديد بطول 600 متر وعمق 15 مترا النور، وهذا من شأنه أن يضاعف من حركة المرفأ، داعيا الى مواكبة هذا التطور بتعيين كشافين جدد، وإلا فان الأمور ذاهبة نحو مزيد من التأزم.
وكان رئيس غرفة التجارة في طرابلس توفيق دبوسي وجه كتابا الى وزير المال علي حسن خليل، أشار فيه الى الخلل الكبير الذي يعاني منه المستوردون والمصدرون والتجار وأصحاب البواخر والوكلاء البحريون والعملاء الجمركيون وناقلو البضائع، بسبب معوقات ومشاكل روتينية متداخلة ومتراكمة، وأهمها البطء والتأخير في دخول البضائع عبر النقاط الجمركية في مرفأ طرابلس».
وأشار دبوسي الى «ان مرفأ طرابلس، هو مرفأ لبنان في عاصمته الثانية، بما له من دور أساسي وحيوي في دعم خزينة الدولة، من دون أن ننسى أنه يشكل مصدراً لمداخيل أهل المدينة ومنطقة شمال لبنان، وبالتالي مورداً لإنعاش الإقتصاد الوطني وتعزيز حركة التجارة من وإلى لبنان ورفع مستوى الاستثمار في هذا المجال».
ورأى «أنه وأمام هذا الواقع وهذه العوائق التي تعاني منها شرائح واسعة ترتبط مصالحها بهذا المرفق، لاعتباره شرياناً حيوياً بات من الضروري معالجة أماكن الخلل في تقدم سير العمل فيه للقيام بتقديم التسهيلات لمختلف الأعمال التجارية من مصدرين ومستوردين وإتخاذ إجراءات عاجلة تتمحور حول زيادة عدد النقاط الجمركية وتطويرها وتزويدها بالأجهزة الحدديثة، وتعزيز العناصر العاملة فيها، في أسرع وقت ممكن.
وأبدى دبوسي ثقته الكاملة بأن الوزير علي حسن خليل، بما يتمتع به من همة عالية ومسؤولية وغيرة على شؤوننا العامة، سيولي حركة مرفأ طرابلس وتعزيز دوره كل عناية وإهتمام، رفعاً للضرر اللاحق بالحركة التجارية، ولأجل تحسين الأداء في المرفأ لمصلحة المواطن اللبناني».