IMLebanon

علامَ ينطوي تحذير نصر الله للمصارف والدولة؟

nasrallah
سابين عويس

للمرة الأولى رد “حزب الله” بكلام مباشر لأمينه العام السيد حسن نصر الله على ما طاول الحزب من عقوبات أميركية جديدة. المفارقة أن الكلام المباشر لم يكن في اتجاه من صدرت عنهم هذه العقوبات، بل في اتجاه المصارف اللبنانية والدولة، إذ انطوى على تحذير واضح بضرورة عدم “الانصياع إلى الارادة الاميركية”.

أثار هذا الكلام لغطاً ليس لتوقيته الذي ارتبط بصدور قانون العقوبات الاميركية، بل لمضامينه التي تناولت للمرة الأولى المصارف اللبنانية.
ترك كلام نصر الله علامات استفهام في الوسطين السياسي والمصرفي للمغزى او الرسائل التي حملها وما تنطوي عليه، ولتبيان ما إذا كانت تحمل تهديدا أو إنزعاجا أو قلقاً لدى الحزب من وجود مناخ أميركي ودولي للتضييق عليه، خصوصاً أن القرار الاميركي تزامن مع اقتراب موعد بدء رفع العقوبات المالية عن إيران المقرر في كانون الثاني من السنة المقبلة، وذلك في إطار تطبيق الاتفاق النووي.

في القراءة الأولية للقانون الذي حمل توقيع الرئيس الاميركي ومطالبة الكونغرس له بشقيه الجمهوري والديموقراطي بالمتابعة وتقديم تقرير لتقدم العمل فيه، أنه يعكس حرصاً أميركيا على الاستقرار المالي والاقتصادي في لبنان من جهة، والتزاماً أميركيا لضبط كل العمليات المالية لـ”حزب الله” في إطار مكافحة تمويل الارهاب.
كذلك يحمل القانون رسالة واضحة وحازمة للقطاع المصرفي اللبناني بعدم التراخي في المراقبة الذاتية التي يقوم بها وفي تطبيقه للمعايير والقوانين الدولية لمكافحة تمويل الارهاب وغسيل الاموال، خصوصا أن ثمة بعض المصارف المحدودة عدداً لا تزال موضوعة تحت المجهر الاميركي لمنع أي عمليات تفلت من الرقابة الدولية.
في قراءة مصادر مالية مطلعة، أن الامين العام لـ”حزب الله”، أفسح في المجال واسعا في كلمته الاخيرة للموضوع المالي، حرصا منه على توجيه أكثر من رسالة:
– اولاها تتعلق برفع الشبهات عن المصارف اللبنانية وتخفيف الضغط الاميركي عنها من خلال تأكيده أن لا أموال أو ودائع للحزب لديها.
– لكن نصر الله بتعمده لغة فوقية في توجهه الى المصارف أو الدولة، سعى إلى عدم إعطاء براءة ذمة لكليهما خصوصا أن في المفهوم الاقتصادي والمالي للحزب، تحمل السياسة النقدية والمالية مسؤولية عن مآل الوضع الاقتصادي والمالي. كما يرفض نصر الله في كلامه الاعتراف بأي دور لهذه المصارف بأنها الرافعة للإقتصاد وللدولة وصمام أمان للوضع المالي بسبب الكلفة الباهظة المترتبة عن الدور الذي تضطلع به هذه المصارف كممول أساسي لدين الدولة.
– إن مطالبة نصر الله الدولة والحكومة بـ”تحمل مسؤولياتهما في حماية المواطنين وتجارها وشركاتها”، يرمي إلى حماية هؤلاء من القيود المتشددة التي تفرض عليهم جراء الاستهداف المباشر للحزب الذي يطاول شرائح كبيرة من المؤسسات والافراد.
– يدرك الحزب أنه لن تكون بعد القانون الاميركي الاخير أي مسايرة أو مهادنة أو قدرة على التفلت، تسمح له بالتراخي او التهاون. وهذا يؤكد شعوره بأن مرحلة من التضييق بدأت تشق طريقها بالتزامن مع انفتاح أميركي على إيران، مما يعني أن ثمة فصلاً أو عزلاً للحزب عن امتداده الايراني يجري العمل عليه راهنا بعد أشهر طويلة تراجع فيها الاهتمام الاميركي به على حساب تقدم أولوية التنظيم الإسلامي “داعش”.
وايا تكن القراءات الاولية للكلام الاول من نوعه لنصر الله في هذا المضمار، تبقى للقابل من الأيام بلورة ما سيرتبه على الساحة الداخلية عموما وعلى المشهد المصرفي والحكومي في شكل خاص.