واحدة من أكبر عمليات السحب ستتعلق بسيارات فولكسفاجن المثيرة للجدل، فهي الأكثر امتداداً من الناحية الزمنية، لكن ذلك دون إصلاح الضرر الذي لحق بسمعة الشركة، فتلك هي المهمة الصعبة.
“أنا آسف”. هكذا بدأت الرسالة من شركة فولكسفاجن هذا الشهر التي وجّهتها إلى مالكي سياراتها في المملكة المتحدة، لمعالجة أكبر فضيحة للشركة.
كان أول اعتذار مباشر حصل عليه الزبائن من شركة صناعة السيارات الألمانية، بعد اعترافها في أيلول (سبتمبر) الماضي، أنها وضعت في نحو نصف مليون سيارة في الولايات المتحدة “أجهزة تحايل”، لإخفاء المدى الكامل للانبعاثات في الاختبارات المخبرية.
قالت شركة فولكسفاجن في وقت لاحق “إن ما يصل إلى 11 مليون سيارة في جميع أنحاء العالم تضرّرت من الغش، وهذا يعني أن السيارات كانت تُخرج أكاسيد النيتروجين – أو Nox، المُصطلح الجماعي لملوّثات الديزل – بمعدلات تتجاوز الحدود القانونية”.
في العام الجديد، ستبدأ الشركة عملية إصلاح السيارات التي تستخدم محرّك EA-189 السيئ السمعة الآن، في واحدة من أكبر عمليات سحب السيارات في تاريخ صناعة السيارات.
كما ستكون واحدة من الأكثر امتداداً من الناحية الزمنية، حيث يجب أن تجد شركة فولكسفاجن الحلول التي تُلبّي لوائح الانبعاثات، وفي نفس الوقت تُحافظ على الكفاءة في استهلاك الوقود، والأداء وقيم إعادة البيع المتوقعة من الناس الذين اشتروا السيارات “النظيفة التي تعمل بالديزل”.
تفكيك أكاسيد النيتروجين إلى نيتروجين وأوكسجين وماء يُمكن أن يؤثر سلباً في كفاءة استهلاك الوقود والتسارع.
تعتقد شركة فولكسفاجن أنها وجدت حلولا مناسبة، على الأقل في أوروبا، من خلال خلق طرق ذكية – وقانونية – لضبط المحرّكات والبرامج.
ماتياس مولر، الرئيس التنفيذي للشركة قال في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي “نحن نُقدّم الحلول، الحلول التقنية، التي لا تؤثر في أداء سياراتنا، لكن إذا فعلت، فإن ذلك التأثير سيكون هامشياً ولا يكاد يُذكر. لن نكون قادرين على الشعور به”.
مع ذلك، بمجرد إصلاح السيارات، فإن هيئات السيارات وشركات المحاماة ومجلات المستهلكين ستضعها تحت الرقابة لأدنى تقلّب في الأداء. أي انحراف عن المستويات السابقة، يُمكن أن يُثير الزبائن أكثر ويمنحهم الأسباب لرفع دعاوى قضائية ضد شركة فولكسفاجن للتعويض عن الأضرار.
في حين إنه تمت الموافقة على إصلاحات شركة فولكسفاجن في أوروبا، إلا أن ثاني أكبر شركة لصناعة السيارات في العالم تواجه تحدّيا صعبا في إرضاء المُنظّمين في الولايات المتحدة، الذين كانوا أول من كشف فضيحة الغش، ويبقون أكبر تهديد لخططها الرامية للتغلّب على الكارثة.
حلول أوروبا
ستبدأ عملية سحب سيارات فولكسفاجن في أوروبا بشكل جدي في كانون الثاني (يناير) المقبل، عندما ستبدأ دعوة مالكي سيارات التيربو ديزل بسعة لترين – التي تُمثّل أكثر من خمسة ملايين سيارة من أصل 8.5 مليون سيارة مُتضرّرة في أوروبا – إلى الوكلاء المحليين لتحديث البرامج. كما ستحصل نماذج سعة 1.2 لتر المُتضرّرة أيضاً على تحديثات برامج، ابتداءً من فصل الربيع.
تقول فولكسفاجن “إن إصلاح النموجين لا ينبغي أن يستغرق أكثر من نصف ساعة، ويُمكن أن يتم العمل جنباً إلى جنب مع الخدمة الروتينية”.
السيارات التي بمحرك 1.6 لتر تتطلّب تحديث برامج وأنبوبا بلاستيكيا بقيمة عشرة يوروات، معروف باسم “محوّل التدفّق”. حيث يوضع في نظام كمية الهواء ويعمل على تسهيل الديناميكية الهوائية في المحرك، لضمان عملية احتراق مُستقرّة.
سيبدأ إصلاح السيارات المُتضرّرة اعتباراً من أيلول (سبتمبر) المقبل، الأمر الذي تقول شركة فولكسفاجن “إنه سيُتيح لها الوقت للتحضير من أجل تعديل الأجهزة”. وقت العمل للإصلاح سيكون أقل من ساعة.
هذا وقد وافقت الهيئة الفيدرالية للنقل في ألمانيا، KBA، على خطط شركة فولكسفاجن الأسبوع الماضي، وتتوقّع الشركة أن ينتهي العمل بحلول نهاية العام المُقبل.
تقول “فولكس فاجن”، “إنها صمّمت إصلاحات الديزل باستخدام برامج لتحسين نظام إدارة المحرك، ربما عن طريق زيادة ضغط الوقود أو تغيير خصائص احتراق الوقود. هذا سيُمكّنها من إرضاء كل من المُنظّمين والزبائن.
سيتم اختبار السيارات
يقول جاريث بوب، محامي الدعاوى القضائية للمجموعة في شركة المحاماة سلاتر آند جوردون في لندن “سنوجّه مختصينا لتجربة جميع هذه السيارات، ومعرفة كيف سيكون أداؤها. نحن بحاجة إلى معرفة ما إذا كان هؤلاء الزبائن، بعد الإصلاح، قد عانوا أي خسارة”.
في الوقت الحالي، الإصلاح يبدو أقل امتداداً – وتكلفة – مما كان يُخشى في البداية.
وكان أرندت إلينجورست، المحلل في وكالة إيفركور آي إس آي، قدّر أن إصلاح محرك بسعة 1.6 لتر قد يُكلّف 700 يورو لكل سيارة. ويقول “إن الحل الذي وافقت عليه الهيئة الفيدرالية للنقل ينبغي أن يُكلّف ما بين 150 و200 يورو فقط. وإصلاح المحركات الأخرى ينبغي أن يُكلّف أقل من ذلك بكثير: ليس أكثر من 100 يورو”.
هذا يعني أن شركة فولكسفاجن، التي وافقت على تحمّل جميع تكاليف السحب، تواجه فاتورة تبلغ نحو مليار يورو مقابل عملية الإصلاح في أوروبا – تماماً ضمن مبلغ الـ 6.7 مليار يورو الذي وضعته جانباً في أيلول (سبتمبر) الماضي.
يقول إلينجورست “ستبقى شركة فولكسفاجن ضمن حدود مبلغ 6.7 مليار يورو من خلال الإنفاق في أوروبا أقل بكثير مما كان يُخشى في البداية، حتى تتمكن من الإنفاق أكثر بكثير في الولايات المتحدة. المساهمون سيُرحبّون بهذا الأمر”.
التحدّي الأمريكي
في حين إن “فولكس فاجن” حصلت على الموافقة على إصلاحاتها في أوروبا، إلا أنه لا يزال عليها الحصول على الموافقة في الولايات المتحدة، حيث قدّمت حلولاً لوكالة حماية البيئة ومجلس كاليفورنيا لموارد الهواء في العشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وكانت تلتقي المُنظّمين كل أسبوع.
في الأسبوع الماضي، قال مجلس كاليفورنيا لموارد الهواء “إنه قام بتأخير حكمه على إصلاحات المحرك بسعة لترين حتى منتصف كانون الثاني (يناير) المقبل.
التحدّي الذي تواجهه “فولكسفاجن” في الولايات المتحدة أصعب بكثير لأن سياراتها يجب أن تُلبّي لوائح تتعلّق بأكاسيد النيتروجين، أكثر صرامة من لوائح الاتحاد الأوروبي: بحد أقصى يبلغ 31 ملليجرام لكل كيلومتر مقابل 80 ملليجرام بموجب معايير قانون يورو 6. على هذا النحو، فإن حلول الولايات المتحدة من المتوقع أن تتضمن كلا من الأجهزة والبرامج، وربما تكون أكثر تعقيداً من وضع أنبوب هواء بقيمة عشرة يوروات.
وكان البعض قد اقترح أن إيجاد حل يُلبّي معايير الانبعاثات في الولايات المتحدة، دون إلحاق الضرر بالأداء أو كفاءة استهلاك الوقود هو أمر مستحيل.
حذّر محلّلون في وكالة إكسان بي إن بي باريبا من أن محركات الجيل الأول القديمة التي تعمل على الديزل قد تكون غير قابلة للتعديل، ما يعني أن شركة فولكسفاجن يجب أن تقوم بإعادة شراء 325 ألف سيارة بعلاوة تبلغ 25 في المائة. هذا من شأنه أن يُعادل تكلفة عملية إعادة الشراء الإجمالية البالغة 3.25 مليار دولار، على افتراض عدم وجود قيمة لقطع السيارة بعد تفكيكها.
هناك جانب إيجابي واحد بالنسبة إلى شركة فولكسفاجن هو أن الزبائن ربما لن يكونوا قادرين على متابعة دعوى القضية الجماعية، إذا قبلوا عملية إعادة الشراء مع علاوة.
يقول ستيوارت بيرسون، المحلل في أكسان “المسؤولية القانونية لا بد من أنها ستنخفض بالمقدار المناسب”.
تحرّكت شركة فولكسفاجن لإرضاء المستهلكين في الولايات المتحدة من خلال تقديم بطاقتي هدية بقيمة 500 دولار – واحدة منهما يجب استخدامها في إحدى وكالات فولكسفاجن – فضلاً عن تغطية تعطّل مجانية لمدة ثلاثة أعوام.
يجب على الشركة معالجة قضية منفصلة في الولايات المتحدة، حيث تم اكتشاف أن 85 ألف سيارة ذات محرك بست أسطوانات سعة ثلاثة لترات – مثل البورش كايين – تحتوي على جهاز تحايل. أمام “فولكسفاجن” فترة حتى شباط (فبراير) المقبل، لتُقدّم رسمياً خطة إصلاح لها.