دعا رئيس كتلة “المستقبل” النيابية الرئيس فؤاد السنيورة للعمل على إنتخاب رئيس للجمهورية وصون أمن لبنان، لافتًا الى ان لبنان يمر بمرحلة حرجة فإما أن نظل غارقين بالحسابات الصغيرة أو نغتنم الفرص المتاحة للتصرف المسؤول، كما قال.
السنيورة وفي كلمة القاها خلال احياء قوى “14 آذار” الذكرى الثانية لاستشهاد الوزير محمد شطح ورفيقه، قال: “لم ولن نبدل اهدفنا وتوجهاتنا ولن نوقف انفتاحنا على شركائنا بالوطن ولن نتراجع عن الاهداف الذي استشهد لاجلها محمد شطح”، وتابع: “لم ولن نوافق على تورط حزب الله في القتال بسوريا”.
وشدد على ان “انتفاضة “14 آذار” لا تزال الخزان لوقود تطلعاتنا وتطلعات أجيالنا”، مضيفًا: “14 اذار كانت وما زالت حاجة وطنية وهي اليوم حاجة ماسة وضرورية اكثر من أي وقت مضى”، واعتبر ان الاختلافات في الرأي داخل هذه القوى لن تؤثر على القضية الاساس التي تتعلق بجوهر وجود لبنان”، وقال: “14 آذار باقية مهما تعاظمت المصاعب والاختلافات”
وراى ان لبنان يمر بمرحلة حرجة جدًا حيث نشهد انحلالا في سلطة الدولة وهيبتها، مضيفًا: “نقف عند مفترق هام فإما أن نبقى متمسكين بالحسابات الصغيرة ونتسبب بضياع الوطن أو نغتنم الفرص المتاحة”.وشدد على ان المدخل الرئيس للحل يكون في انتخاب رئيس للجمهورية يحترم الدستور.
واذ اكد ان الصعوبات التي تواجه لبنان الى زوال، أعلن رئيس كتلة المستقبل مجددا التمسك بلبنان الرسالة والوحدة المسيحية – الاسلامية داعيًا أمانة 14 اذار الى تفعيل هذه القيمة.
وأمل في “ان تحمل السنة المقبلة بشائر انفراج سياسي للخلاص من الشغور الرئاسي والعودة إلى تفعيل عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية على قاعدة أساسية هي قاعدة اتفاق الطائف واحترام الدستور وليس على أية قواعد من خارج الدستور أو باتجاه اعراف أو بِدعٍ أو سوابق جديدة محفوفة بالمخاطر وحاملة للإرباكات”.
وختم قائلاً: “ستبقى ذكرى محمد شطح عابقةً ونديةً في ثنايا نضالات شباب لبنان وأجيالِه الحالمة بوطنٍ سيدٍ حُرٍّ مستقلّ، يتّسع لسائر بنيه محفزاً لجميع مبادراتهم الخيّرة ومستعصياً على الإخضاع أو الاستلحاق أو الاستتباع أو الفتنة”.
النص الكامل لكلمة السنيورة:
“مع مرور الذكرى الثانية لاستشهاد الأخ والصديق محمد شطح، ما يزال يلفتني كلامُ نجل الشهيد عمر لوالده: “أما كان باستطاعتك أن تنتبه لنفسك وأمنك الشخصي قليلاً يا والدي”؟ معنى هذا الكلام أنّ محمد شطح لم يكن يخطر بباله أنّ حياته قد تكون في خطر وأنه من الممكن أن يتعرض للاغتيال بهذه الطريقة البشعة والمجرمة التي تمت بها. والحقيقة حسبَ اعتقادي أنّ محمد شطح لم يكن يهتم الا بالسياسات العامة ولم يعْطِ بالاً للحزازات الصغيرة والمؤامرات الخسيسة وهي السمة التي طبعت جانباً من الحياة السياسية في لبنان في العقدين الماضيين، وصارت أبشع أحياناً من ممارسات الحرب الأهلية”.
وذكّر بأن “محمد شطح كان صاحب عقل منفتح ومستنير صادقاً مع نفسه ومع محيطه، يحلُمُ بلبنان وطناً حضارياً أساسُهُ الدولةُ المدنيةُ مستندِ إلى مفهوم المواطنة والمساواة في إطار النظام الديمقراطي. وهو قد كان رجل حوار وتواصل مع الآخر، والأهم من ذلك كلِّه، أنه كان رجلاً يحب الاطّلاع والمتابعة على ما يجري في العالم الأوسع من جديد على مختلف الصعد الاقتصادية والمالية والسياسية والثقافية ويوظف هذه المعارف الجديدة في خدمة لبنان”.
أضاف: “لقد آمن محمد شطح بلبنان الدولة الحضارية، دولة القانون والمؤسسات، دولة احترام الدستور، وتطبيق اتفاق الطائف باعتباره اتفاقُ إعادةِ صياغةِ وتمتين لميثاقنا الوطني. وطن العيش الواحد معاً، الضامن للحريات العامة والخاصة القائم على المناصفة والعدالة والتشارك في الحقوق والواجبات. وطنٌ تحكمُه دولةٌ ديمقراطية مدنية، دولةٌ تكون سيدةً على أرضها وعلى مؤسساتها من دون منازع أو مضارب وتحظى بثقة ودعم ابنائها. دولةٌ تعيش متناغمة ومتكاملة مع محيطها العربي ومع المجتمع الدولي، تحترم قراراته وتعمل على تنفيذها. وهذا ربما لم يكن ليروق ويريح من أراد استباحة الدولة والمؤسسات وانتهاك القرارات الدولية”.
وتابع: “لقد آمن وحَلُمَ وعمل محمد شطح من أجل وطن تزولُ فيه الفروقُ الطائفية والمذهبية والزبائنية والمحسوبيات والتسابق على استتباع الدولة وإدارتها للميليشيات والحزبيات والمصالح الصغيرة، وهي الممارسات التي لطالما كان يبدي محمد شطح ضيقه ونفادَ صبره منها. ولذلك كان حريصاً على إعادة الاعتبار إلى معايير الكفاءة والنزاهة والجدارة والمحاسبة على الاداء والانجاز كما والتصدي للفساد والافساد، وهو لذلك أراد العودة إلى لبنان والمشاركة في صنع مستقبله رغم كل العقبات والصعاب مشكلاً بذلك قيمةً مضافةً حقيقيةً بسبب عقله المنفتح وعمق معرفته واتساع تجربته وشمولية آفاقه وقدرته على ابتداع فكر جديد من خارج المألوف والمعتاد، ومضيفاً إلى ذلك كلِّه تميزَ أخلاقِه وحُسْن سمعته”.
ولفت السنيورة إلى أن “محمد شطح تبوأ معي منصب كبير المستشارين، وذلك منذ اليوم الأول لتسلمي المسؤولية كرئيس للحكومة اللبنانية حيث رافقني كظلي في اغلب خطواتي وتجربتي في رئاسة الحكومة وفي لقاءاتي السياسية المتعددة، كمستشار وبعدها كوزير للمالية. في الحقيقة لقد شكّل وجود محمد شطح إلى جانبي إضافةً ممتازةً للعمل في الشأن العام وهو بذلك قد أفاد لبنان في عمق تفكيره وبعد نظره ورؤيويته واتّساع معارفه ومعرفته بعالم العصر وعصر العالم”.
وزاد: “لقد كان محمد شطح فعالاً في إسهامه في كل المداولات التي آلت إلى إنجاز النص النهائي للقرار 1701 وكذلك في الإعداد لإقرار مجلس الأمن الدولي للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان. وهو أسهم إسهاماً حقيقياً أيضاً وهاماً في قضية لبنان في مزارع شبعا وتلال كفر شوبا وفي موضوع تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان في ملف الطاقة، والدفاع عن حقوق لبنان في هذا الشأن”.
ولاحظ ان “كثيرة هي القضايا والملفات التي كان يتابعها ويهتم بها أخي وصديقي ورفيقي محمد شطح، وكثيرةٌ هي الأَوقات والمناسبات، التي أقول فيها بيني وبين نفسي وحتى الآن، من دون أن أنتبه لنستشير محمد شطح ونستمعَ إلى رأْيه وملاحظاته. باختصار كان محمد شطح رجلَ عملٍ عامٍ وعمل وطني كبير ولم يكن يوماً ساعياً خلف منصب أو خلف استفادة. لقد آمن بالفكرة القائلة إنّ العمل السياسي إنما هو حوارٌ بين أنداد، وهو يراعي بلا شكّ اعتبارات القوة السياسية وتوازُناتها. لكنه يعتمد الإقناع العقلي والمنطقي وتلمُّس المصالح المشتركة، والتسويات الحافظة للوطن وأمنه وللمواطنين وسلامتهم، ولسلطة الدولة اللبنانية وسيادتها وسلامة علاقاتها الخارجية”.
وقال: “أذكر لكم هذه الصور أو هذه الخواطر والأفكار، لكي أقولَ ببساطة، كم كان دور محمد شطح مؤثراً وهاماً وفعالاً، ومن دون ضجيج، وكم كان اغتياله جريمةً بشعةً ومؤذيةً بالنسبة لنا في قوى الرابع عشر من آذار، وفي تيار المستقبل بالذات. بصراحة، لقد تركت جريمة اغتيال محمد شطح لدينا فراغاً لم نستطع حتى الآن تعويضَهُ أو إيجادَ البديلِ عنه”.
واعتبر أن “الكثيرُ من جمهورنا ومن الشخصيات المحيطة بنا، ما يزال يسأل لماذا اغتيل محمد شطح؟ الرجل الدمث والرصين والحواري، المحب للحياة والبعيد عن العنف الكلامي والسياسي؟ بكل بساطة لأن محمد شطح كان يحقق قَفَزاتٍ مستمرةً على مسار تعزيز خبرته واتصالاته وانفتاحه وإسهامه في إغناء العمل في الشأن العام. وهو كان من مدرسة على تناقُضٍ واضحٍ مع مدرسة المجرمين الذين خططوا لاغتياله وإزاحته من الحياة العامة كشخص منفتح من اصحاب العقول المستنيرة وذلك من أجل ضرب الاعتدال وروح الحوار ورسالة التواصل والقيم النبيلة التي كان يحملها ويؤمن بها. ليس ذلك فقط بل وكذلك أيضاً لتوجيه رسالة لآخرين في قوى الرابع عشر من آذار من أجل ترويعهم وترويضهم”.
واسترسل: “لقد اغتيل محمد شطح بغفلةٍ عن عين الدولة القادرة والعادلة المتمتعة بثقة ابنائها، التي ما نزالُ نبحثُ عنها ونعملُ لها ولن نتراجعَ في توجهنا من أجل إقامتها وإقدارها، وذلك من أجل أنفُسِنا، ومن أجل أجيالنا القادمة ومن أجل الشهداء أمثال محمد شطح. لقد تمسك محمد شطح حتى اخر يوم من حياته بالمرتكزات التي قام عليها لبنان وقامت عليها انتفاضة الاستقلال والسيادة والحرية، انتفاضة الشعب اللبناني في الرابع عشر من آذار في العام 2005، أي قِيَمِ لبنان الرسالة، رسالة العيش المشترك الإسلامي- المسيحي، والنظام الديمقراطي وقيام الدولة المدنية، دولة تطبيق دستور الطائف والقانون، دولة المواطنة. وهو قد عمل من أجل هذه المرتكزات وناضل في سبيلها ودفع حياتَهُ ثمناً لها ودفاعاً عنها من دون تراجُعٍ أو مساومة”.
واعتبر أن “هذه الذكرى تأتي بعد مرور سنتين على اغتيال الدكتور محمد شطح، وذلك في ظروف دقيقة يمر بها لبنان والمنطقة وهي تطرح أسئلة وتساؤلاتٍ مشروعةٍ عن ما آلت إليه الأمور فيما يتعلق بالمشروع الذي دافع عنه محمد شطح وسخّر نضاله من أجله والذي تسبب في اغتياله. نحن لم نبدِّل، ولن نبدِّلَ اهدافَنا وتوجهاتِنا ولن نوقف انفتاحنا على جميع شركائنا في الوطن أو نوقف عملنا من أجل أن نحتضن بعضنا بعضاً لنحافظ على سلمنا الاهلي وعلى نهوضنا الوطني واستقرارنا الامني والاجتماعي. كما أننا لن نتراجعَ عن الشعارات والأهداف التي استُشهد محمد شطح من أجلها وسنظل عاملين من أجل تحقيقها لما فيه خدمة الوطن والانسان في لبنان”.
وجزم بـ”أننا لم نقتنع أو نوافق على انزلاق وتورط حزب الله في الأتون السوري، ولن نوافق اليومَ على ذلك. نحن نريد لشابات لبنان وشبابه ان ينخرطوا في عالم العصر وعصر العالم الذي عرفه محمد شطح، لكي يضيف كل شابٍ لبناني الى بلده قيمةً حقيقيةً مفيدة. ونحن لا نريد أن يتورط هؤلاء الشباب، في القتال الدائر في سوريا بين نظام جائر وشعبه، في سبيل مسألة ليست بالقضية ولا هي قضيتهم على أي حال. حيث أنه يتثبت يوماً بعد آخر أنه ليس هكذا يجري التصدي للإرهاب الذي يشكل مع أنظمة الاستبداد وجهان لعملة واحدة. وليس هكذا يمكن أن نحمي لبنان في وجه الإرهاب وليس هكذا يمكن منع استدراج الارهاب الى لبنان، وليس هكذا يمكن أن نحافظ بالتالي على وحدة اللبنانيين وعلى سلمهم الأهلي وعلى علاقتهم السليمة بمحيطهم العربي”.
وأكد أن “المشكلة الكارثية أن ما يتحصل من ذلك كله، هو أن أولئك الشباب يعودون في نعوش الى وطنهم واهليهم. ولماذا؟ لإمداد نظريات التدخل في شؤون الآخرين ودعاة التوسع والهيمنة بالقوة والسلطان المزيف تحت ستار الأَيديولوجيات العابرة للحدود، والمدمِّرة للعمران والإنسان والتي قد تطيح بالسلم الأهلي في لبنان والمدمرة وفي ذات الوقت للعلاقات الأخوية التي يجب ان تسود بين الشعب اللبناني بكل مكوناته والشعوب العربية الشقيقة الأخرى”.
وقال: “نحن نؤمن بالدولة اللبنانية السيدة على ارضها كما آمن محمد شطح وناضل من أجلها، وما نزالُ على هذا الإيمان، وفي هذه المناسبة، مناسبةِ الذكرى الثانية لاستشهاد الصديق والأخ محمد شطح أودُّ أن أُشدِّدَ على نقطتين أساسيتين تحمِّلُنا جميعاً مسؤوليتين: الأولى، وهي المسؤولية التي يجب أن يتحمَّلها كل من ناضل ودافع عن مشروع 14 آذار مثل ما فعل محمد شطح. لأن سقوط هذا المشروع يقضي على الأمل بقيام الوطن ونموذجه الإنساني والحضاري وطن الاعتدال والانفتاح المستنير والقبول بالآخر، وطن الرسالة في التسامح والتقاء الاديان وتعارفها. مسؤولية التخلي عن المشروع تعني أن تضحية محمد شطح وتضحية جميع شهداء ثورة الارز قد ذهبت سدى. الأمر الذي نرفضه وترفضه كل قوى 14 آذار ولم تقبل به تحت اي ظرف”.
وأوضح أن “انتفاضة الشعب اللبناني في الرابع عشر من آذار 2005، ما تزال هي الخزان الذي نتزود منه بالوقود الدافع والداعم لتطلعاتنا وآمالنا في مستقبل لبنان وتطلعات أجياله نحو تحقيق وطنٍ حرٍ سيدٍ ومستقلٍ ومتألق ومتآلف مع محيطه ومع العالم الأوسع”.
وتابع: “نقول هذا الكلام ونتكلم عن هذا الموقف في الوقت الذي نحتاج فيه اكثر من اي وقت مضى لنؤكد لروح محمد شطح ولأرواح الشهداء جميعاً، ولكل اللبنانيين الشاخصين المتطلعين نحو مستقبل أفضل، ان تضحياتهم لم ولن تذهب سدى وان الاختلافات في الرأي التي طرأت أو قد تطرأ في صفوف 14 آذار في مسائل محددة لا يمكن ان تؤثر على القضية الأساس التي تتعلق بجوهر وجود لبنان كرسالة في محيطه وفي العالم. فقوى الرابع عشر من آذار كانت ومازالت حاجةٌ وطنية، وهي اليوم ايضاً حاجةً ماسة وضرورية أكثر من أي وقت مضى”.
وأردف: “فلا المشروع الوطني في الحرية والسيادة والاستقلال واستعادة دور الدولة العادلة والقادرة صاحبة الاحترام والهيبة على كامل اراضيها ومن قبل جميع ابنائها قد تحقق، ولا المخاطر التي تهدد الكيان زالت، ولا الذين راهنوا على إضعاف الدولة لحساب الدويلة تراجعوا عن رهانهم، بل هم اليوم أكثر إيغالاً وإصراراً وتعنتاً. ولأن أي خطوة سياسية تبقى مرهونة بالالتزام الكامل بالدستور والقانون وباتفاق الطائف والميثاق الوطني ومحترمة لمبدأ حصرية السلاح بالدولة وبحصرية قرار الحرب والسلم بالسلطة التنفيذية للدولة اللبنانية”.
وقال: “لقد جاء في بعض نصوص “المجمع البطريركي الماروني” الصادر في حزيران 2006: “… لقد شكّلت انتفاضة الاستقلال، إثر استشهاد الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005، لحظةً تاريخية فتحت الباب للخلاص الوطني بتوحُّد غالبية الشعب اللبناني على نحوٍ غير مسبوق… وكان ذلك بمثابة الحُلُم الذي تحوّل إلى حقيقة”. (نصّ “الكنيسة المارونية والسياسة”، الفصل الثاني، الفقرة 33).
وأشار إلى “أن العبارة المفتاحية في هذه الشهادة القيّمة للكنيسة المارونية هي عبارة “اتحاد غالبية الشعب اللبناني على نحو غير مسبوق”. وعندما تقول الكنيسة المارونية “على نحو غير مسبوق” فهي تدري ما تقول، لأنها – كما وصفت نفسها بحقّ – “كنيسةً خبيرةً بالعيش المشترك، مثلما الكنيسةُ الرسوليةُ الجامعةُ خبيرةٌ بالسلام العالمي”. ولا نُضيفُ إلى هذا البيان الناصع بياناً، إذا قرَّرنا أن اتحاد غالبية الشعب اللبناني” يعني تحديداً وخصوصاً ائتلاف مسيحييه ومسلميه على خيرٍ مطلق هو الحرية والسيادةُ والاستقلال، باعتبارها شروطاً ضرورية لحماية العيش المشترك. وهذا ما أعلنته قوى الاستقلال في قسم الشهيد جبران تويني. وهو ما أكّده مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في خطاب المولد النبويِّ الشريف من هذا المكان قبل أيامٍ قليلة”.
وتوجه إلى رجالات الرابع عشر من آذار بالقول: إنّ لبنان يمر خلال هذه الفترة بمرحلةٍ حرجةٍ جداً. بمعنى، أننا نقف على مفترقٍ هامٍ حيث حيث نشهد انحلالاً في سلطة الدولة وهيبتها واحترامها، واستتباعاً مقيتاً لإداراتها ولمؤسساتها، وتراجعا خطيراً في الاقتصاد الوطني وفي مستوى ونوعية عيش اللبنانيين. فإمّا أن نظلَّ غارقين في ممارسات الحسابات الصغيرة غير عابئين أو مبالين بالمخاطر اتي تتجمع حولنا في الافق، ونتسبّب بضياع البلد وتدمير المستقبل الوطني، أو أن نغتنم الفرص المتاحة، ونُفسِحَ المجالَ للتصرف المسؤول ولسياسات المصلحة العامة، بحيث تتغلب عندها الاعتبارات الوطنية على الصغائر وعلى المصالح الضيقة والزبائنية، وبحيث نتوافق على التوجهات الكبرى التي تُخرجُنا من أنفاق المكائد والتضييع التي دمرت بلدنا وأطاحت بأحلام السواد الأعظم من مواطنينا! رئاسةُ الجمهورية خاليةٌ من شاغلها. ومجلس النواب معطَّل. والحكومةُ عاجزةٌ عن الاجتماع والمدخل الرئيس والصحيح هو في المسارعة لانتخاب رئيس للجمهورية يكون بحق رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن الذي يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه وفقاً لأحكام الدستور”.
واعتبر السنيورة “أنّ ما جرى ويجري في لبنان وعلى لبنان، يكاد يستعصي على التعقُّل، وعلى الفهم في السياقات المعاصرة. عقل محمد شطح وشهداء لبنان الكبار جميعاً هو عقل المصلحة الوطنية والحكم الصالح. أمّا الذين اغتالوهم فإنهم ارتكبوا ذلك ويرتكبونه كلَّ يوم، لأنهم يتجاهلون المصالح الوطنية ولأنهم لا يؤمنون بقضية لبنان العربي السيد الحر المستقل، ولا يريدون له الاستقرار والازدهار ولا يريدون له أيضاً الحكم الرشيد، ولا يريدون له أن يكون الرسالة والنموذج في محيطه العربي. هل يكفي قولُ هذا في التصدي لأحداث الجرائم ضد الدولة والمواطنين؟ هذا كلُّه لا يكفي، لكنّ عزاءَنا شهداءَ وأحياءً أنّ قناعاتِنا لن تتغير ولن تتبدَّل ولن نذِلَّ أو نخضعَ أو نيأس أو نستسلِمَ، مهما صعُبت الظروف والمشقّات ومهما طالت. سنظلُّ نحاول ونعمل في ظلّ الدولة والدستور والسياسة الأخلاقية وبالأساليب الديمقراطية والسلمية مؤمنين وعاملين من أجل التقدم على مسارات الإصلاح والتلاؤم والإنجاز. ولذلك أتينا بالأمس وأتينا اليوم وسنأتي غداً للاحتفاء بذكرى الشهداء، ولتأكيد العزم مجدداً على صَون الدولة والوطن وصون المستقبل لأجيالنا الصاعدة”.
وأكد اننا “نتمسك بحقّ المواطنة المتساوية مع كلّ المواطنين اللبنانيين. فكلام البعض لا يحترم إرادة الشعب اللبناني ولا سلطة الدولة اللبنانية ولا منطق العيش المشترك ولا حقوق الإنسان بل يحاول أن يفرض منطق السلاح ووهجه والعنف والتسلط. والتجربة في لبنان تقول أنّ من اتبع هذا الطريق كان مصيره الفشل والإضرار بنفسه وبغيره والحاق المزيد من الخسائر بلبنان واللبنانيين.
إن سياسات المحاور والمصالح الخاصة، وسياسات التفلُّت من المراقبة والمحاسبة والمراجعة، هي التي أنتجب هذه السيولَ من الدماء في بلداننا العربية، وهذه السلسلة من الشهداء وهذا التدمير والخراب، وهذا الانقسام الوطني والقومي- وأين هذا كُلُّه من تقاليد وأعراف الحياة السياسية الحُرّة والمسؤولة، واينها من تلك الرحابة التي كان عليها شهداءُ لبنانَ الكبار من رفيق الحريري إلى محمد شطح ومن سبقهما من الشهداء”.
ولاحظ ان “صحيحٌ أنّ المجرم الذي اغتال محمد شطح نجح في توجيه طعنةٍ خبيثة لتيار المستقبل ولقوى 14 آذار وأيضاً لكل لبنان ولكل اللبنانيين، لكننا وعلى الرغم من ذلك فإننا على ثقة بأنّ الصعوبات التي تواجه لبنان ستكون إلى زوال، فنحن لن نتراجع ولن نسمح باغتيال محمد شطح مرة ثانية. ولهذا نحن نتمسك بكل ما آمن به وعمل من اجله شهداؤنا الكبار من أجل إعلاء شأن الدولة السيدة على أرضها وعلى مرجعية مؤسساتها وعلى كرامة اللبنانيين وذلك من أجل أن يبقى لبنان وسيبقى لبنان. هذا هو سرُّ لبنان الدائم، وسرُّ الاستقلال على الدوام، وهو الوديعةُ الإيجابية الأغلى لدى جميع اللبنانيين المؤمنين بمعنى عيشهم معاً على نصابٍ من الفضيلة الوطنية”.
وتابع: “من هنا، من منبر محمد شطح، أحدِ أبرز قادة 14 آذار المؤمنين بلبنان، والذين عملوا بدأَبٍ وصمْتٍ وتواضُعٍ نبيلٍ من أجله، أُعلنُ مجدداً تمسكَنا بلبنانَ الرسالة، لبنان الوحدةِ المسيحيةِ– الإسلامية، وأدعو الأمانةَ العامة لقوى 14 آذار إلى تفعيل هذه القيمة التي ائتُمنت عليها طويلاً، وأبْلَت البلاءَ الحسن في صَونها وحمايتها، وبخاصةٍ وهي تنطلقُ بزخمٍ جديدٍ بعد قيام مجلِسِها الوطني”.
وأكد “انّ قضية محمد شطح ومن سبقه من الشهداء لم ولن تموتَ أو تتراجعَ أو تضمحلَّ، بل ستبقى قضيةً ملحةً وقائمةً وأساسية، لأنها قضيةُ المصير الوطني اللبناني وستبقى عصية على الخلاف.
انَّ قضية 14 آذار هي قضيةٌ محقة، أرادها الشعب اللبناني وطالب بها وعبَّر عنها أغلبُ اطرافه ومكوناته. ولذا فإنّ تحالف قوى الرابع عشر من اذار سيبقى قائماً ومستمراً ومتماسكاً وعاملاً ومناضلاً، ولأنه قد ثبت أن قضية هذا التحالف ليست قضية عابرة، بل هي قضيةٌ أساسيةٌ ومركزيةٌ وأكثرُ من ضرورية في حياة الشعب اللبناني الوطنية”.
وأشار إلى ان “هذا واقع وحقيقة يجب ان نعيها جميعاً وان نتصرف على أساسها ونناضل من أجل تحقيقها. هذه الحقيقة مسؤوليةُ كل واحد منا تُجاه الوطن والمواطنين وتجاه شهدائنا من الرئيس رفيق الحريري إلى محمد شطح ومن سبقهما بالشهادة”.
واسترسل: “الثانية، تبقى المسؤولية الثانية تجاه شهدائنا وهي جلاء الحقيقة حول عمليات الاغتيال وإحقاق العدالة. فالعدالة وحدها تفتح الباب للاطمئنان حول المستقبل، والعدالة وحدها تمنع تكرار الجرائم في المستقبل. إنّ عدم تقدم التحقيق في جريمة اغتيال محمد شطح وقبله سمير قصير وجورج حاوي وجبران تويني وبيار الجميل ووليد عيدو وانطوان غانم واللواء فرنسوا الحاج وسامر حنا ووسام الحسن أمرٌ لا يجوز ولا يمكن السكوت أو التغاضي عنه، وكأنه تسليم للمجرم بالقبول بما ارتكب بل وأكثر من ذلك، وكأنه قبولٌ أو رضوخٌ للخوف والترهيب المقصود من ارتكاب الجريمة”.
وزاد: “ما يدفعنا أكثر إلى هذا التساؤل الانجازات النوعية والمشكورة والفعالة التي أنجزتها الأجهزة الأمنية والعسكرية والسلطات القضائية على صعيد مكافحة العمليات الارهابية وكشف مرتكبيها. نعم لقد أثبتت تلك الأجهزة الأمنية والعسكرية حرفية وقدرة فائقة تضاهي أكثر دول العالم تطوراً في هذا المجال وينطبق الأمر ذاته على اكتشاف الشبكات المرتبطة بالعدو الإسرائيلي وإفشال مخططاته وكذلك في كشف الخلايا الارهابية”.
وتساءل: “فهل من المعقول أن تظلَّ ملفّات التحقيقات بشأن اغتيال محمد شطح واغتيال زملائه خاليةً من اي تقدمٍ في الكشف عمن ارتكب هذه الجرائم الشنيعة؟! من أجل هذا أو غيره كثير، نحن أردنا ونريد الدولة القادرة والعادلة، والقضاء المستقل والقوي، أو تظل تحكمنا ممارساتُ الاستضعاف والفساد والإفساد.
فكيف يمكن ان نفسِّر أو نقتنع أو نقنع اللبنانيين أن النجاح الكامل والسريع والفعال في مجالات متعددة يبقى عاجزاً ومتلكأً وغير قادرٍ، حصراً في الجرائم التي تطال قادة 14 آذار، انه السؤال المسؤول الذي نطرحه وسنبقى نطرحه حتى يأتي الحوار أفعالاً لا أقوالاً”.
وتابع: “لأن الانجازات تبقى منقوصة، ولان الحرفية لا يمكن ان تكون انتقائية، ولان الفعالية لا يمكن ان تكون محددة وموجهة. نعم، ستبقى هذه المسؤولية على عاتقنا، تقلقنا، تحثنا، تدفعنا، تلاحقنا حتى نصل بها إلى الحقيقة. فالحقيقة وحدها تطمئننا وتريحنا وتريح أرواح شهدائنا… وتحررنا. لا ينبغي ان يُخطئ أحدٌ في الفهم أو التوقع. قوى 14 آذار باقية مهما تعاظمت المصاعب والاختلافات. لأنّ قضيتها كما ذكرتُ، وكما كان محمد شطح يؤكد دائماً، هي قضيةُ المصير الوطني اللبناني”.
أضاف: “لدينا الآن ثلاث مهماتٍ وطنية ليس هناك ما هو أدنى أو أعلى منها: انتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية، وصَونِ لبنان من الغرق في خضمّ الدمار المحيط بنا والمخاطر الشديدة التي تتحلق وتتجمع في الأفق من حولنا على أكثر من صعيد، وإدارة الشأن العام بما يؤدي إلى الصلاح والإصلاح والنهوض، وفتح الآفاق لمستقبلٍ زاهر للبنان يتطلع إليه كل شبابنا وشاباتنا. علينا ان لا ندفع شبابَنا إلى اليأس أو الهجرة. فاليأس خرابٌ وهجرةُ الشبان الناهضين خسارةٌ لا تُعوَّض”.
وأمل في “ان تحمل السنة المقبلة بشائر انفراج سياسي للخلاص من الشغور الرئاسي والعودة إلى تفعيل عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية على قاعدة أساسية هي قاعدة اتفاق الطائف واحترام الدستور وليس على أية قواعد من خارج الدستور أو باتجاه اعراف أو بِدعٍ أو سوابق جديدة محفوفة بالمخاطر وحاملة للإرباكات. وطالما بقي الأمل، واستمرَّ العمل من أجل لبنان، الذي كان وسيبقى عصياً على التطويع والسيطرة والإخضاع. ستبقى ذكرى محمد شطح عابقةً ونديةً في ثنايا نضالات شباب لبنان وأجيالِه الحالمة بوطنٍ سيدٍ حُرٍّ مستقلّ، يتّسع لسائر بنيه محفزاً لجميع مبادراتهم الخيّرة ومستعصياً على الإخضاع أو الاستلحاق أو الاستتباع أو الفتنة”.
وختم: “تحية الى الأخ والصديق وابن الرفيق دولة الرئيس سعد الحريري.. تحية الى جميع قيادات ومناصري قوى الرابع عشر من آذار.. تحية الى جميع اللبنانيين المتمسكين بثقافة الحياة والساعين الى مستقبل أفضل.. عاش لبنان كما أراده محمد شطح وأراده شهداؤنا..وسيبقى لبنان، سيبقى لبنان، سيبقى لبنان”.