Site icon IMLebanon

إقتصاد سوريا في 2015 .. ذروة الإفقار والسوق السوداء والهجرة


رولا عطار
أصدرت الحكومة السورية خلال العام 2015 قرارات عديدة، ساهمت بتعقيد الظروف المعيشية للسوريين، أبرزها تلك التي طالت خفض نسبة الدعم لعدد من المواد الأساسية وعلى رأسها الخبز الذي كانت تعتبره الحكومة على مدى أعوام خطاً أحمر لا يجوز المساس به. وقد قامت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك برفع سعر ربطة الخبز من 25 إلى 35 ليرة، ومن ثمّ بعد أشهر عدة إلى 50 ليرة.

المحروقات ايضاً كانت على موعد مع رفع الأسعار، إذ قامت الحكومة برفع سعر البنزين من 130 ليرة للصفيحة بداية العام، الى 160 ليرة، وكتعويض عن هذه الزيادات المتلاحقة، مُنح العاملون المدنيون والعسكريون والمتقاعدون، تعويضاً معيشياً قدره 4000 ليرة (حوالي 11 دولاراً). كما تم توحيد سعر المازوت للقطاعين العام والخاص وفق مبلغ 125 ليرة للصفيحة، وبعدها رُفع السعر الى 135 ليرة. وفي ما يخص سعر أسطوانة الغاز المنزلي، فتم زيادة سعرها إلى 1800 ليرة، بعدما حدد في فترة سابقة بـ 1500 ليرة، علماً أنه لا يجري الالتزام بهذا السعر الرسمي إذ قد يتجاوز سعرها 2500 ليرة في بعض المناطق.

ولم يسلم الدواء من سياسات الحكومة، حيث رفعت أسعار الدواء بنسبة 50%، وتبع ذلك، قرارٌ بخفضها بنسبة 5%. وبرر النظام سياسته هذه بالسعي لضمان استمرارية عمل المنشآت المنتجة للدواء المحلي. لكن الهدف لم يتحقق، وشهد قطاع الدواء سوقاً سوداء كبيرة، لم تستطع الحكومة السيطرة عليها.
ويرى الخبير الإقتصادي ربيع نصر أن “توجه الحكومة نحو زيادة الاسعار ورفع الدعم عن الكثير من المواد بهدف زيادة ايراداتها لم يحقق الأهداف المطلوبة، ولم تستطع الحكومة الاستفادة من خطتها، إذ اضطرت الى مضاعفة حجم استيرادها من مادة المازوت، على سبيل المثال، وبالتالي، وبحسب ظروف الأزمة السورية، كان من المفترض ان لا تقدم الحكومة على اتخاذ مثل هذه الخطوات”.

على الصعيد المالي والنقدي، قام النظام السوري باصدار ورقة نقدية من فئة 1000 ليرة، وتم سحب 70 مليار ليرة من فئة الألف ليرة القديمة. وتبع هذا الأجراء العديد من التداعيات، حيث منع تداول العملة الجديدة في المناطق المعارضة بقصد الإضرار بإقتصاد المناطق التي يسيطر عليها النظام. وفي المقابل استمر تدهور سعر صرف الليرة أمام الدولار ليقترب سعرها، خلال الأسابيع الماضية صعوداً وهبوطاً بحسب حالة العرض والطلب، من 400 ليرة للدولار الواحد.
من ناحية ثانية، كان اقفال معبر نصيب الحدودي مع الاردن، حدثاً بارزاً في العام 2015، إذ اثر ذلك، في ظل ارتفاع الاسعار وازمة سوق الانتاج والتصريف الداخلي، على المنتجات السورية وعلى المنتجات العابرة لسوريا من خلال هذا المعبر، وابرزها المنتجات اللبنانية، حيث لا مجال لتصديرها برّاً الى دول الخليج إلا عبره.

لكن تداعيات إغلاق معبر نصيب الحدودي لم تتوقف عند هذا الحد، بل ظهرت نتائج أخرى في منتصف الشهر الحالي، وذلك لأنه خلال هذه الفترة من العام تبدأ سوريا باستيراد منتجات زراعية من الاردن ومصر، ومع اغلاق معظم المعابر الحدودية توقف الاستيراد في هذه المرحلة وانعكس هذا الأمر ارتفاعاً كبيراً في أسعار الخضار لاسيما البندورة، الكوسا، الخيار والبطاطا. واستمرار هذا الوضع سيؤدي إلى مزيد من الارتفاع في أسعار الخضار والفواكه.

والى جانب الصورة الاقتصادية المتشائمة، سجّل العام 2015 أعلى نسبة هجرة للسوريين، حيث دفعهم الوضع المعيشي وارتفاع حدة الأزمة وتعقيداتها الى التخلي عن كل شيء بهدف الهجرة. وبرغم محاولات الدعم الروسية والصينية للنظام، الا ان هذه المساعدات لم تسعف الاقتصاد السوري، ليبقى اقتصاد العام 2015 الأسوء في عمر الأزمة السورية، حيث حصد باكورة رفع الاسعار والاسواق السوداء وهجرة السوريين.