رأى وزير الخارجية السابق فارس بويز ان ما يقوم به الرئيس سعد الحريري لحلحلة ازمة الرئاسة هو اكثر من مبادرة، انه طرح في منتهى الجدية والمسؤولية الوطنية، وناتج عن عدة عناصر رئيسية اهمها المتغيرات الاقليمية والدولية التي لم تعد من وجهة نظر الولايات المتحدة وأوروبا ودول الخليج العربي قابلة للتهاون والتساهل معها، خصوصا بعد ان تمكن تنظيم داعش من الوصول الى كل انحاء العالم نتيجة الاخطاء الكثيرة المرتكبة سواء في العراق او سورية، معتبرا ان تلك المتغيرات جعلت من تنظيم «داعش» الخطر الاول على تلك الدول ورفعته الى اولوية العداء الدولي له بدلا من النظام السوري، من هنا يعتبر بويز ان مع هذا التبدل في الاولويات والمتغيرات الدولية اصبح من غير المستحيل ترشيح شخصية من قوى 8 آذار لرئاسة الجمهورية حتى وان كانت حليفة حزب الله والرئيس السوري بشار الاسد.
وعليه، لفت بويز ـ في تصريح لصحيفة “لأنباء” الكويتية الى ان ما كان مستحيلا منذ فترة اصبح اليوم ممكنا، وهو ما جعل الرئيس الحريري يعيد خلط الاوراق والحسابات بدقة وتجرد، بحيث خلص الى طرح ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية وذلك بعد ان ايقن انه من المستحيل ايصال حليفه رئيس القوات اللبنانية د.سمير جعجع او غيره من مستقلي 14 آذار الى قصر بعبدا او حتى ايصال اي شخصية حيادية لأن الزعماء او الاقطاب الموارنة الاربعة قرروا من عندياتهم في بكركي حصر الترشيحات بهم وحدهم، لافتا الى ان هذا الطرح نال اضافة الى تأييد بري وجنبلاط له، غطاء دوليا واسعا قل نظيره، بما جعل هذا الطرح يتمتع بأكثرية عددية في المجلس النيابي ويستطيع تأمين فوز النائب فرنجية برئاسة الجمهورية، الا ان اعتراض جعجع والعماد عون وتضامن حزب الله مع الاخير رغم تحالفه الاستراتيجي مع فرنجية ورغم علاقته المميزة به، جعل طرح الحريري غير وفاقي ما آل الى جموده وليس الى سقوطه.
وردا على سؤال، لفت بويز الى ان خيار الرئيس الحريري بترشيح فرنجية لم يكن اعتباطيا، انما لاعتبار الحريري ان فرنجية اكثر طراوة واكثر استقرارا من العماد ميشال عون ومن السهل بالتالي التفاهم معه على مروحة كبيرة من المواضيع الداخلية الشائكة والمعقدة، من هنا يؤكد بويز أنه لا بديل حاليا عن طرح الرئيس الحريري، لاسيما ان العماد عون استنفد كل امكانياته للوصول الى الرئاسة، اضافة الى ان هناك استحالة وصول اي من مرشحي 14 آذار او حتى اي مرشح من خارج الاصطفافات السياسية اقله على المدى المنظور.
واستنتاجا، يعتبر بويز ان المشكلة تكمن في نوعية التفاهم الذي حصل بين فرنجية والحريري، اي ان يأتي فرنجية من 8 آذار الى رئاسة الجمهورية مقابل الاتيان بسعد الحريري من 14 آذار الى رئاسة الحكومة، علما ان هذه المعادلة غير مرفوضة من قبل الفريقين 8 و14 آذار، الا ان ما جعل حزب الله يتريث في ابداء موافقته عليها هو خشيته من ان يأتي الحريري في ظل قانون الانتخاب الحالي ـ اي قانون الستين ـ بأكثرية نيابية تمكنه من تعطيل دور رئيس الجمهورية تماما كما تعطل دور اميل لحود في ظل حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، ما يعني ان حزب الله يريد تعديل قانون الانتخاب قبل الموافقة على فرنجية.
وعليه، يعتبر بويز ان سليمان فرنجية بما تمتع ترشيحه من دعم دولي ومن دعم نيابي اكثري هو عدديا الرئيس الحالي للجمهورية، انما رئاسته معلقة الى حين البت بقانون الانتخاب، بمعنى آخر يعتبر بويز ان الحريري عرف كيف يقدم لحزب الله عرضا غير قابل للرفض، لذلك فإن ما يجري البحث به حاليا هو التفاهم حول توازن الحكم من خلال قانون الانتخاب وليس اسم الرئيس الذي بات محسوما من الناحية العددية بأنه سليمان فرنجية، حتى ما اذا تمت معالجة قانون الانتخاب خلال الاسابيع الاولى من العام الجديد لن يعود هناك من عائق امام انتخاب فرنجية رئيسا، والا فلبنان ذاهب الى مزيد من الفراغ قد يتجاوز الستة اشهر اضافية الى حين ان يدرك الجميع ان ما قيل في بكركي عن حصر الرئاسة في الاقطاب الاربعة هو مأزق لابد من الخروج منه والعودة بالتالي الى تسوية كاملة تأتي برئيس للجمهورية وللحكومة من خارج 8 و14 آذار.