كتبت نسرين يوسف في صحيفة “الجمهورية”:
فتحَ ما أعلنته قيادة الجيش عن إحالة مديرية المخابرات ستّة موقوفين من أفراد الخلية الإرهابية التي يقودها الإرهابي الفارّ محمّد الصاتم المرتبطة بتنظيم «داعش» وقبلها وضع اليد على مخزن ذخائر في الشمال اللبناني، البابَ مجدّداً على حلمِ الإمارة في عكّار والذي تُحبط فصولَه المؤسسة العسكرية.فهذه المجموعة كانت تُحَضّر لإنشاء مربّع أمني بتنسيق مع مجموعة خربة داوود، لضربِ مراكز الجيش المنتشرة في المنطقة والسيطرة عليها، لتسهيل دخول عناصر التنظيم من سوريا إلى لبنان عبر البقاع الشمالي فعكّار والشمال لإنشاء الإمارة.
هذا المشروع هو وليدة سَنتين وقد قُضيَ على أُسُسه ومخاطره بعد القبض على العقل المفكّر والمدبّر له في المنطقة، والمتمثّل في أحمد سليم ميقاتي.
حلمُ الإمارة الإسلامية في جزء من الشمال اللبناني راوَد البعضَ من شباب المنطقة مع بدء التحضير لبيئة حاضنة وإنْ كانت محصورة، لكنّها أسهَمت في تفعيل «طموحات» أولئك الذين ظنّوا أنّهم سيقودون إمارات لهم السيطرة عليها بمباركة أبو بكر البغدادي كان يُعمَل على أن تتوافر لها حيثيات الانطلاق والاستمرار… فالإعلان.
قصّة فكرة المساعدة بإنشاء إمارة في الشمال بدأت بدرس المدعوّ أحمد سليم ميقاتي الملقّب بِـ»أبي الهدى» لأفكار تنظيم الدولة الإسلامية، وما زاده قناعةً بالتنظيم شخصيةُ أميره أبو بكر البغدادي، ما دفعَه إلى الانضمام لـ»داعش» ومبايعته والعمل على نشر مبادئه في الداخل اللبناني لرفعِ الظلم.
يقول أحمد سليم ميقاتي إنّ الانطلاقة العَملانية بدأت عند بدء الأحداث بين منطقتَي جبل محسن وباب التبانة، حيث اشترى بعضَ الأسلحة والذخائر الحربية، وألّفَ مجموعة تضَمّنَت كلّاً من شقيقه محمد الملقّب «ابو عبدالله» وابنِه ابو بكر (الذي قتِل لاحقاً في معارك طرابلس)، وأحمد غازي كسحة المعروف بأبو عمر كسحة، وفايز فواز عثمان الملقّب «أبو مصعب» (أوقِف لاحقاً)، إضافةً إلى قاسم خضر الملقّب بِـ»أبي زيد»، ومحمّد العتر الملقّب بـ»أبي عمر»، وعبد الرحمن البازرباشي الملقّب بـ»حفيد البغدادي»، وابنه عمر الملقّب بـ»أبي هريرة».
وقد أكّد ميقاتي مشاركتَه ومجموعتَه في المعارك ضد جبل محسن، وأنّه عملَ على شراء الأسلحة والذخيرة التي كان يؤمّنها له أبو عمر كسحة، وأيضاً تاجرُ الأسلحة فادي صابونة. وخلال معارك المحاور، تعرّفَ ميقاتي إلى أسامة منصور وشادي المولوي وفادي جبارة وأبو داوود.
ومع بدءِ الخطة الأمنية في طرابلس طلبَ من وليد غازي أن يستأجر له منزلاً في بقاع صفرين (المنية) للتواري فيه عن الأنظار، وعدم تمَكّنِ الأجهزة الأمنية من توقيفه. كان أحمد سليم ميقاتي يتردّد على المنزل بحسب حاجته للاختباء، متى كانت الأجواء لا تُتيح له بالتنقّل.
شكّلَ شهر رمضان (2014) نقطةً مفصلية في مسيرة ميقاتي الإرهابية. في ذلك التوقيت بدأت مسيرته مع «داعش» بكلّ حيثياتها. تَعرّفَ إلى شخص يدعى «أبو خطاب» من عناصر التنظيم وعبّرَ له عن رغبته في إيواء المطلوبين وتوحيد كلّ المجموعات ومبايعة «داعش. وهكذا بدأت مسيرة أحمد سليم ميقاتي الإرهابية بشكلٍ مقونَن لدى الدولة الإسلامية.
عرّف «أبو خطاب» ميقاتي على أمير «داعش» في الرقة «أبو أيوب العراقي» الذي أرسل له مع شخص ملقب «أبو الحسن» مبلغ 25 ألف دولار، وطلب منه التنسيق مع أبو مصعب سكاف الذي سيكون هو المسؤول الشرعي للمجموعات التي سيُديرها أحمد ميقاتي، الذي وتسهيلاً للمهمات الموكلة اليه ولمجموعاته، استأجر منزلاً في عابون (الضنية) وانتقل اليه ونقل السلاح والذخيرة والمتفجرات التي كانت لديه في التبانة الى هذا المكان «الآمن». هذه الشقة حضنت أيضاً مطلوبين للدولة، إذ عمل أبو مصعب على تأمينهم اليها حيث مكثوا فيها لفترات.
وكان أبو مصعب يتولّى في الأثناء تحريض العسكريين للإنشقاق عن الجيش اللبناني، حيث نجح وانشقّ المجند عبد القادر الاكومي والرقيب عبد المنعم خالد اللذين أعلنا عن انشقاقهما من منزل أبو مصعب في التبانة، فأرسلهما مع ثلاثة عناصر آخرين وأربعة بنادق كلاشنكوف الى ميقاتي الذي سلمهما الشقة التي كان استأجرها في بقاع صفرين، وانضم اليهم غالي حدارة وشخص ملقب «أبو عمر».
لماذا اختيرت الضنية؟
يقول أحمد سليم ميقاتي إنه تم اختيار الضنية لإنشاء مربع أمني بالتشاور مع أبو أيوب العراقي «أمير الرقة» في «داعش»، كونها آمنة ولا انتشار عسكرياً كبيراً فيها.
وتضم الضنية بلدات عاصون وبخعون وسير الضنية وبقاع صفرين. أما ساعة الصفر لبدء العملية العسكرية والإلتفاف للسيطرة على المراكز العسكرية للجيش، فكانت بعد شهر من تاريخ الإنتقال الى النقاط لحين الإنتهاء من نقل المجموعات والأسلحة الى تلك المنطقة.
خطة الإنتشار
يؤكد أحمد سليم ميقاتي في اعترافاته أنّ تنفيذ المخطط كان على النحو الآتي: عندما تبدأ الأعمال القتالية في طرابلس وتأتي مؤازرة للعمليات المنطلقة من الضنية على أن يلاقي تلك التحركات تحرُّك من القلمون، تتم السيطرة على المنطقة، وترفع أعلام «داعش»، وتتم مبايعة أبو بكر البغدادي.
والأهم في الخطة كان طريقة إعاقة «حزب الله» من التقدم الى المنطقة، بحيث تم العمل على تصنيع العبوات الناسفة والحشوة الدافعة لصنع الصواريخ.
وكان العمل سينفذ عبر زرع العبوات الناسفة على الطرق لمنع وصول عناصر «الحزب» الى المنطقة وإعاقة تقدمه، وكانت هذه الخطة كما يقول ميقاتي والتي كان يعلم بها كل من أسامة منصور وشادي المولوي وأبو عمر كسحة، ستمر من دون عوائق.
المجموعات
خطة إعلان الإمارة كانت تحتاج الى مجموعات كما قال أحمد سليم ميقاتي، لذا عمل أبو مصعب على تشكيلها وتألفت من:
– مجموعة أحمد كسحة الملقب «أبو عمر كسحة» وعديدها 17 عنصراً ومعها 35 قطعة سلاح فردي، إضافة الى قواذف «.آر. بي. جي» و»بي. كا. سي.».
– مجموعة عيسى عبدالله عوض الملقب «جليبيب» وعديدها 15 عنصراً ومعها 10 قطع سلاح فردي.
– مجموعة جوهر مرجان وعديدها 6 عناصر.
– مجموعة أسامة عنتر وعديدها 12 عنصراً ومعها 12 قطعة سلاح فردي وقاذف «آر. بي. جي. «وبي. كا. سي.».
– مجموعة فادي جبارة الملقب «أبو يحي» وعديدها 20 عنصراً ومعها 10 قطع سلاح فردي وقاذف «أر. بي. جي.».
– مجموعة أبو عدس وعديدها 8 عناصر.
– مجموعة أبو انس وعديدها 7 عناصر ومعها 5 قطع سلاح فردي.
– مجموعة خالد زكي منصور «أبو الدرداء» ومجموعات بلغ عددها ما يقارب المئة وخمسين عنصراً كانت ستنتقل الى الضنية لبدء العمل على
أرض الواقع ولمباشرة القتال والسيطرة على مراكز الجيش وأسر ما تتمكن من عناصره للتفاوض عليهم أو العمل على إقناعهم بالإنشقاق عن المؤسسة العسكرية وإقامتهم في «الملاذ الآمن» في الضنية تمهيداً لإعلان الإمارة!