القطاعات الاقتصادية، خصوصاً الإنتاجية منها، تشهد تراجعاً تراكمياً منذ بداية العام الحالي حتى الشهر الحادي عشر، متأثرة بالمناخ العام في البلد، والتطورات الإقليمية، واستمرار تراجع المؤشرات الفعلية لعناصر النمو الاقتصادي، المتلازم مع الهدر والفساد في المرافق العامة، والشلل في المؤسسات الرسمية، وغياب التشريع، واستمرار الفراغ في موقع الرئاسة الأولى.
فقد تراجعت الاستثمارات في القطاعين الصناعي والزراعي بين حوالي 20.71 في المئة و23.70 في المئة على التوالي، في نهاية تشرين الثاني 2015، من حيث العدد، وفق احصاءات شركة «كفالات»، وبالتالي تراجع الحجم الاجمالي للقروض المدعومة منها، في الفترة ذاتها، من حوالي 103 ملايين دولار الى نحو 84.97 مليون دولار. وهنا لابد من الاشارة إلى ان الصادرات الصناعية والزراعية تراجعت خلال الفصول الثلاثة من العام أكثر من 10.6 في المئة للصناعة، وحوالي 6.8 في المئة للقطاع الزراعي.
الى ذلك يستمر التراجع في النشاط العقاري وتجارة الأبنية، حيث انخفضت المبيعات العقارية خلال الفترة المنتهية من العام 2015 حوالي 13.5 في المئة، وهذا التراجع هو نتيجة غياب المستثمرين من الدول العربية خصوصاً، ونتيجة تقلص تحويلات اللبنانيين المغتربين، بسبب انخفاض أسعار النفط.
قروض «كفالات» المدعومة
في ظل الوضع المنكمش والتراجع شهراً بعد آخر. فقد أظهرت إحصاءات شركة كفالات تراجعاً سنوياً بنسبة 22.49 في المئة في عدد التسليفات الممنوحة من الشركة الى 617 مع نهاية الشهر الحادي عشر من العام 2015، مقابل 796 كفالة من العام الفائت، وفق «وحدة الأبحاث الاقتصادية في بنك الاعتماد اللبناني» وشركة «كفالات».
أما بالنسبة للحجم الإجمالي للقروض المكفولة من الشركة، فقد انخفض بنسبة 17.73 في المئة على صعيد سنوي، الى حوالي 128 مليار ليرة، او 84.97 مليون دولار، حتى تشرين الثاني 2015، مقارنة مع 155.70 ملياراً، او ما يوازي حوالي 103.28 ملايين دولار، حتى تشرين الثاني من العام 2014.
انسحبت نتيجة هذا التراجع على متوسط قيمة الكفالة الواحدة الذي زاد الى 207 ملايين و610 آلاف ليرة، او ما يوازي 137 ألفاً و720 دولاراً وبنسبة 6.14 في المئة على صعيد سنوي، مع نهاية الأشهر الأحد عشر من العام 2015، من 195 مليوناً و600 الف ليرة، او ما يوازي حوالي 129.75 الف دولار، خلال الفترة ذاتها من العام 2014.
وقد تركّزت النسبة الأكبر من التسليفات في قطاعي الزراعة بنسبة 47.49 في المئة، والصناعة بنسبة 35.98 في المئة، تلاهما قطاع السياحة بنسبة 10.05 في المئة.
توزّع «الكفالات» على القطاعات الإنتاجية
وبالعودة إلى إحصاءات «كفالات»، حول توزّع المشاريع، خلال 11 شهراً من 2015، والفترة المقابلة لها في 2014 وبحسب القطاعات، يتبين الآتي:
ـ الزراعة: 384 مشروعاً في تشرين الثاني 2014، مقابل 293 مشروعاً في تشرين الثاني 2015، بانخفاض 91 مشروعاً، وما نسبته 23.70 في المئة.
ـ الصناعة: 280 مشروعاً في تشرين الثاني 2014 و222 في تشرين الثاني 2015 بتراجع 58 مشروعاً، وما نسبته 20.71 في المئة.
ـ السياحة: 89 مشروعاً في تشرين الثاني 2014، و62 في تشرين الثاني 2015، بتراجع 27 مشروعاً، وما نسبته 30.34 في المئة.
ـ قطاعات أخرى: 43 مشروعاً في تشرين الثاني 2014 مقابل 40 مشروعاً في تشرين الثاني 2015، بانخفاض 3 مشاريع، وما نسبته 6.98 في المئة.
ـ المجموع: 796 مشروعاً في تشرين الثاني 2014 مقابل 617 مشروعاً في تشرين الثاني 2015، أي بتراجع 179 مشروعاً وما نسبته 22.49 في المئة.
أما مجموع قيمة الكفالات في تشرين الثاني 2014، فبلغ 103 ملايين و280 الف دولار، وفي تشرين الثاني 2015 بلغ 84.97 مليون دولار، بتراجع 18.31 مليون دولار وما نسبته 17.73 في المئة. وبلغ متوسط قيمة الكفالة في تشرين الثاني 2014 ما مقداره 128.01 ألف دولار، و129.75 ألف دولار في تشرين الثاني، بانخفاض قيمته 18.31 ألف دولار، وما نسبته 6.14 في المئة.
حصة جبل لبنان الأكبر
من منظارٍ آخر، يظهر التوزع الجغرافي لمحفظة شركة كفالات أنّ منطقة جبل لبنان قد استحوذت على الحصّة الأكبر وما نسبتها 37.93 في المئة من إجمالي التسليفات المدعومة من قبل الشركة خلال الفترة المنتهية في شهر تشرين الثاني 2015، تلتها منطقة البقاع بنسبة 21.39 في المئة، والجنوب 12.97 في المئة والشمال بنسبة 12.80 في المئة، والنبطيّة بنسبة 8.27 في المئة وبيروت 6.65 في المئة. وفي ما يأتي توزّع الكفالات بحسب المناطق خلال أحد عشر شهراً من 2015:
ـ بيروت: 30 مشروعاً في تشرين الثاني 2014، و41 مشروعاً في تشرين الثاني 2015، بارتفاع 11 مشروعاً وما نسبته 36.67 في المئة.
ـ جبل لبنان: 337 مشروعاً في تشرين الثاني 2014، و234 مشروعاً في تشرين الثاني 2015، بانخفاض 103 مشاريع وما نسبته 30.56 في المئة.
ـ الجنوب: 97 مشروعاً في تشرين الثاني 2014 و80 مشروعاً في تشرين الثاني 2015، بانخفاض 17 مشروعاً، وما نسبته 17.53 في المئة.
ـ النبطية: 84 مشروعاً في تشرين الثاني 2014، و51 مشروعاً في تشرين الثاني 2015، بتراجع 33 مشروعاً، وما نسبته 39.29 في المئة.
ـ البقاع: 157 مشروعاً في تشرين الثاني 2014، و132 مشروعاً في تشرين الثاني 2015، بانخفاض 25 مشروعاً وما نسبته 15.92 في المئة.
ـ الشمال 91 مشروعاً في تشرين الثاني 2014 و79 مشروعاً في تشرين الثاني 2015 بتراجع 12 مشروعاً وما نسبته 13.19 في المئة.
التراجع في الاستثمارات لم توقفه المعالجات الجارية حالياً، ولا يُخفَى على أحد أن تردّي حركة القطاعات التجارية والسياحية والزراعية، هي نتيجة للفراغ الرئاسي، من جهة، وعدم الاستقرار السياسي والأمني، من جهة ثانية.