كتبت صحيفة “الأخبار”: “نودي على سجى الدليمي، طليقة خليفة «داعش» أبو بكر البغدادي، وزوجها كمال الخلف في قاعة المحكمة العسكرية أمس، لكن لم يكن هناك سوى المتّهم الثالث لؤي المصري، الذي يُحاكم في القضية نفسها بجرم تزوير بطاقة هوية. أما خلف والدليمي فيُحاكمان بجرم تزوير وثائق ثبوتية له ولها ولأولادها، قبل أن تخرج الأولى في صفقة التبادل مع تنظيم «جبهة النصرة» لتحرير العسكريين المخطوفين.
ثم لحق بها زوجها بعدما بتّت المحكمة طلب إخلاء سبيله أمس، وقد تعهدت وكيلة خلف والدليمي بحضورهما في الجلسة المقبلة التي حدّدها رئيس المحكمة في ٢١ آذار، وأكّدت أنهما موجودان في لبنان.
قبل الدليمي، مثلت زوجة عضو هيئة علماء المسلمين الشيخ نبيل رحيم، المتّهمة فاطمة ع.، إلى جانب المتهمين فادي النجار ومحمد غلاييني. السيدة المنقبة تحاكم بجرم مساعدة مجرمين من بينهم زوجها على التواري وتوفير الطعام لهم عام ٢٠٠٧. وردّاً على سؤال العميد إبراهيم: «نبيل رحيم ماذا يكون لك؟»، قالت: «زوجي». وقد طلب ممثل النيابة العامة إعفاءها من العقوبة لكون المتهم زوجها ومكان تواريه منزلهما الزوجي، قبل أن تقضي هيئة المحكمة بإنزال عقوبة السجن بحقها لمدة شهر مع توقيف العقوبة. أما النجار، الذي يحاكم في القضية نفسها بجرم الانتماء إلى تنظيم مسلّح، فكشف أنّه عمل سائقاً ومرافقاً للشيخ سالم الرافعي، وعدّد أسماء عدد من الأشخاص الذين كانوا يحضرون خطب الرافعي التي «تدعو للجهاد في سوريا». ولما سأله رئيس المحكمة: «كم شخصاً أرسل الشيخ سالم إلى سوريا»، ردّ: «لم يكن يضعنا في جو هذا الموضوع». كذلك تحدث عن «لجوء كثير من المطلوبين إلى منزل الشيخ الرافعي في أثناء الخطة الأمنية من بينهم شادي المولوي وأبو عمر منصور وآخرون مكثوا في منزله إلى حين انتهاء الخطة».
أما المتهم الثالث محمد غلاييني، فنفى أي علاقة له بالعمل المسلّح، مدّعياً أن دوره اقتصر على علاقته بالشيخ بسام حمود الملقب بـ «أبو بكر حمود» الذي كان مسجوناً في السعودية، مشيراً إلى أن العلاقة توتّرت على خلفية خلاف على الراتب في وقت لاحق. وعن سبب تواريه منذ 2007، قال إنّه غادر إلى السعودية لأداء العمرة وعاد بشكل طبيعي، ولم يكن يعلم أنّه مطلوب. وأفاد بأنّه حضر الجلسة الأولى من المحاكمة من دون أن يجري توقيفه. وعن سبب العثور على هوية مزوّرة في منزله قائلاً: «هذا خطئي الوحيد لكنني لم أستعملها». وقد ترافع وكلاء الموقوفين الثلاثة طالبين كف التعقبات بحق موكليهم. وصدر الحكم بسجن النجار لمدة سنة، فيما حُكم غلاييني بالسجن شهرين.
هاتان الجلستان كانتا من أصل 84 جلسة انعقدت في المحكمة أمس، تنوّعت فيها الجرائم المنسوبة إلى المتّهمين الماثلين أمام هيئة المحكمة، فسُجّل مثول متّهم إيراني بجرم تمويل جماعات مسلّحة في سوريا. وقد حضر الإيراني بشّار الشيرازي والسوري محمد العطش اللذان حاولا الانتقال إلى تركيا لنقل أموال إلى جبهة النصرة. كذلك اتُّهما بمحاولة تهريب الإرهابي بلال ميقاتي المتورط بذبح العسكري عباس مدلج. وقد قضت المحكمة بسجن الشيرازي سنة، فيما حُكم على العطش بالسجن تسعة أشهر. كذلك برزت قضية محاكمة الموقوف علاء حلاوي بجرم محاولة قتل عناصر قوى الأمن بإطلاق النار عليهم من سلاح كلاشنيكوف. حلاوي انفجر بالبكاء في اللحظات الأخيرة، راجياً رئيس المحكمة إخلاء سبيله كي يتمكّن من حضور أربعين والدته التي توفّيت في أثناء وجوده في السجن. أما الجريمة التي سقط فيها شاب سوري يُدعى هنانو الصطيفي إثر إصابته في رأسه، والتي يحاكم فيها متّهمان آخران غيابياً، فقد أثار فيها أربعة شهود ريبة العميد إبراهيم وممثل النيابة العامة القاضي كمال نصّار، ما حدا الأول إلى القول: «هذه أول قضية تتناقض فيها إفادات ضباط عناصر وقوى الأمن بهذا الشكل»، إذ قدّم ضابط، مَثُل كشاهد، إلى جانب ثلاثة عناصر حضروا كشهود أيضاً، إفادات متناقضة في مسائل أساسية على شاكلة: «هل أطلق المتهم النار أم لا؟ أو هل كانت الرؤية جيدة في أثناء توقيف المشتبه فيه» وغيرها من المسائل. وقد أُرجئت الجلسة إلى ٢١ آذار.
من جهتها، كتبت “السفير”: في إحدى المناطق خارج بيروت، تمكث سجى الدليمي في شقّة مع زوجها المخلى سبيله الفلسطيني كمال خلف وأولادها الأربعة: التوأم عمر وأسامة وهاجر والرضيع يوسف. تدرك “أم عمر” أنّ جزءاً من الإجراءات الأمنيّة المفروضة عليها هي بهدف حمايتها وحماية ابنتها من أبو بكر البغدادي.
ولذلك هي مرتاحة. ولعلّ السبب في ذلك يعود أيضاً إلى عدم مطالبة أبو بكر البغدادي بابنته إلا مرةً واحدةً عندما علمَ بأمرها، إذ أنّ زوجته لم تخبره حينما طلّقها منذ سنوات أنّها كانت حاملا بالأشهر الأولى. ذهب كلّ منهما بطريق واختارت الوالدة أن تعتني بهاجر وحيدة.
أوضاع طليقة “أمير المؤمنين” اليوم ليست على أحسن حال. وبانتظار “الفرج”، تهتمّ بأولادها وتستقبل أطباء نفسيين متخصصين للإشراف على حالة أحد أولادها الذي يعاني من أزمة نفسية، ولكنّها تحاول إبعاد نفسها عن الأضواء والإعلام بعد خروجها من السجن، ليبقى هدفها واحدا هو السّفر إلى تركيا حيث يقطن بعض أقربائها، وربّما للانطلاق في ما بعد إلى إحدى الدول الأوروبيّة والانصراف للاهتمام بأولادها الأربعة.
ملّت سجى الدليمي من ربط اسمها بالإرهاب، وتتمنى، بعد أن رفضت البقاء مع “جبهة النصرة” في جرود عرسال، أن تنسى أيّام التوقيف التي قضتها بين السجون اللبنانيّة والسورية، لتبدأ من الصّفر حيث لا أحد يتعرّف على والدها المسؤول في “داعش” حميد ابراهيم الدليمي وأشقائها الموزّعين بين قيادتي “النّصرة” و”داعش”.
لا تريد ابنة الـ28 عاماً سوى الانتهاء من المعاملات الضروريّة التي تسمح لها بالسّفر خارج لبنان، فهي لم “تبيّض” سجلّها بل إنّها ما زالت مصنّفة كمتّهمة مخلى سبيلها إلى حين البتّ بقضيّة اتهامها مع زوجها كمال خلف بالانتماء إلى تنظيم إرهابي مسلّح وإقدامها على تزوير وثائق لها ولأولادها بأسماء وجنسيّات مغايرة بالتعاون مع المدعى عليه الثالث الفلسطيني لؤي المصري.
توحي كلّ المؤشرات التي يبني عليها وكيل الدّفاع المحامي حنّا جعجع أنّ ملفّها غير حساس. وبالتالي لن يكون الحكم عليها أعلى من المدّة التي قضتها في السجن (أكثر من سنة سجنيّة).
ولأنّ الأمل موجود بإمكانية استحصالها وعائلتها على ورقة تأذن لها بالخروج من الأراضي اللبنانيّة بعد أن وعدها القائمون على المديرية العامّة للأمن العام بذلك، لم تحضر سجى الدليمي جلستها الأولى بعد إخلاء سبيلها في المحكمة العسكريّة، أمس. وما أضاف لديها الرغبة في التغيّب هو تعرّض أولادها الثلاثة لتسمّم غذائي واضطرارها مع زوجها للبقاء إلى جانبهم.
لن تبقى طليقة البغدادي على غيابها عن الجلسات، بل ستعمد إلى حضور الجلسة المقبلة إذا لم تكن قد أنهت أوراقها بغية استجوابها والحكم عليها، ثمّ مغادرة الأراضي اللبنانيّة. إذ أنّها ترفض أن تسافر ويصدر حكم غيابي يمنعها من التحرّك بحريّة في الخارج.
وما يعزّز هذا الأمر هو تأكيدها الحضور لوكيلة الدفاع عنها وعن زوجها المحامية ماري رين حنا جعجع، التي حضرت الجلسة أمس، حينما قرّر رئيس “العسكريّة” العميد الرّكن الطيّار خليل ابراهيم تكرار جلبهما وإرجاء الجلسة إلى 21 آذار المقبل.