يبرز العجز في ميزان المدفوعات اللبناني، رغم تراجع اسعار النفط، بمثابة النقطة الاكثر سوداوية في العام 2015، برأي الخبراء. كذلك، هناك مخاوف عديدة في شأن التحديات التي سيفرزها العام 2016 من ضمنها احتمال مراجعة التصنيف الائتماني وخفضه من -B الى CCC.رأى الخبير الاقتصادي مازن سويد أن لبنان سجل في العام 2015 أدنى نسبة نمو منذ العام 2006، بحيث تشير التقديرات الى ان نسبة النمو المسجلة خلال هذا العام هي صفر في المئة، مع ارتفاع كبير في عجز ميزان المدفوعات.
أضاف: في ظل هذه الظروف الصعبة، شهد لبنان نوعاً من الانكماش أو التضخم السلبي الذي يدل على تباطؤ الحركة الاقتصادية. وأكد لـ«الجمهورية» انه في ظل هذه الظروف السلبية، بقي القطاع المصرفي اللبناني من القطاعات الوحيدة أو القليلة الصامدة، بحيث نتوقّع أن يسجل معدل النمو في الودائع والأصول ما بين 6 و 8 في المئة، وأن تكون نسبة الارتفاع بالتسليفات ما بين 8 الى 10 في المئة. وبرأي سويد، تعتبر هذه المعدلات مقبولة جداً نظراً الى الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها لبنان.
أضاف: ان وضع المصارف من حيث قدرتها على النمو مرتبطة بالوضع الاقتصادي، وتالياً إذا استمر الوضع الاقتصادي في مساره الانحداري عام 2016، من المتوقع ألاّ تتعدّى نسبة النمو النسبة المحقّقة في العام 2015 على صعيد الودائع والتسليفات والاصول، بل قد تكون أقل من ذلك.
أما بالنسبة الى وضع السيولة وملاءة المصارف، فأكد سويد انها لا تزال محصّنة، خصوصاً أنه تمّ في نهاية العام الحالي اقرار القوانين الاساسية التي كانت مطلوبة من مجلس النواب لناحية مكافحة الارهاب وتبييض الاموال، وغيرها من القوانين التي من شأنها أن تحصّن المصارف في العام الجديد، وتجعلها قادرة على استقطاب تحويلات اللبنانيين المقيمين في الخارج.
اما أهم الاستحقاقات المتوقعة في العام 2016 فهي بحسب سويد مراجعة التصنيف الائتماني المرتقب للبنان، بحيث من غير المستبعد أن ينخفض الى ccc، في حال لم تحصل اي صدمة ايجابية على الصعيد السياسي او الاقتصادي. لكن ذلك لا يعني حتمية خفض التصنيف، الا في حال سجل ميزان المدفوعات والعجز بالمالية العامة مزيداً من التدهور مقارنة مع العام 2015.
تحديات 2016
وعن ابرز التحديات المرتقبة في العام 2016، اعتبر سويد ان العودة الى معدلات نمو مرتفعة وايجابية تشكل ابرز التحديات خصوصاً وأننا في بلد يحتاج الى معدل نمو أقله 5 في المئة لخلق فرص عمل، لأن نسبة نمو الـ 2 و 3 في المئة غير قادرة على توفير فرص عمل ولا تؤدي الى خفض ملحوظ في مستوى الدين للناتج المحلي الاجمالي.
ورداً على سؤال، اعتبر سويد ان انتخاب رئيس للجمهورية قد يكون احد الامثلة القادرة على خلق صدمة ايجابية في الاسواق، والكفيلة بخفض عجز ميزان المدفوعات وتحويله الى فائض، والمساهمة في رفع معدلات النمو، وتحريك عجلة الحركة الاقتصادية وحماية لبنان من خفض تصنيفه الائتماني.
وأوضح ان انتخاب رئيس للجمهورية هو المفتاح للولوج الى معالجة الملفات الاقتصادية من الكهرباء الى الاتصالات الى الخصخصة وقانون الشراكة مع القطاع الخاص، ضمان الشيخوخة الى جانب عشرات المبادرات المرتبطة بالشؤون الاجتماعية والبنى التحتية والفوقية المحفزة للاقتصاد.
ولفت سويد الى ان التدهور الكبير الحاصل في العام 2015 هو في ميزان المدفوعات، في وقت تسجّل اسعار النفط العالمية تراجعاً لافتاً، والتي كان يفترض ان تسجل صدمة ايجابية لميزان المدفوعات.
وبالتالي فإن وضع لبنان المالي بالنسبة الى العالم الخارجي غير صحي. الى ذلك، لم يستبعد سويد أن يتوقف العمل في عدد من المشاريع في دول الخليج، أو أن تلغى حتى، نتيجة تراجع اسعار النفط العالمي، وتالياً من المتوقع ان يؤثر هذا العامل على تحويلات المغتربين اللبنانيين الى لبنان. لكن لا شك ان التقدّم بالحلول السياسية من شأنه ان يضع حداً لكل هذه الصدمات السلبية.
كلام نصرالله
عن الكلام الأخير للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله تجاه المصارف اللبنانية، قال سويد: «نترك لجمعية المصارف التعليق على هذا التصريح، لكن نصرالله قال في كلامه ان ليس لحزب الله اي علاقة مباشرة مع المصارف اللبنانية، وتاليا هو برّأ المصارف اللبنانية من أي شبهة قد تتعرض لها. انطلاقاً من ذلك، يجب النظر الى هذا التصريح بايجابية».
اما عن الزيارة المتوقعة لوفد جمعية المصارف الى الولايات المتحدة الأميركية في أواخر كانون الثاني المقبل، قال: «ان هذا النوع من الزيارات يتم دوريا ولا علاقة له بالقرار الاميركي الاخير. فهذه الزيارات تتم بتعاون وثيق مع البلدان الاخرى خصوصا مع الولايات المتحدة الاميركية لان عملتها هي المتداولة عالمياً ونحن نتعامل بها، وهذا لا ينبع من اي خلفية سياسية».