Site icon IMLebanon

هل يرفع جعجع شعار “عون حتماً”؟

 

 

مع ترحيل مبادرة ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية الى العام الجديد، يبدو أن مؤيديها ورافضيها لا يزالون يحاولون، حتى آخر لحظة من السنة الحالية، تجميع ما أمكن من الأوراق، لتحسين مواقعهم، استعدادا للآتي بكل ما يحمله من أسئلة بلا أجوبة.

وإذا كان هناك من يتوقع أن يقول الرئيس سعد الحريري كلمته في مطلع العام المقبل لإعطاء مبادرته طابعاً رسمياً، فإن المؤشرات المتسربة من الرابية ومعراب، تفيد بأن العماد ميشال عون ورئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع يعملان بصمت منذ فترة لتحضير الخطة «ب»، على قاعدة تبنّي رئيس «القوات» لترشيح «الجنرال»، إنما ضمن مقاربة سياسية شاملة تتناول بشكل محوري قانون الانتخاب ومستقبل الدور المسيحي في الدولة.

وحتى ما قبل الأعياد، كان كل من النائب ابراهيم كنعان ورئيس جهاز التواصل في «القوات» ملحم رياشي ينشطان بين الرابية ومعراب لبلورة تصور قواتي ـ عوني مشترك، يمكن ان يشكّل رافعة لتبني ترشيح عون لاحقاً.

ووفق المعلومات المتواترة، فإن عون أكد لـ«الحلقة الضيقة» أن «الحوار الرئاسي» مع جعجع يتقدم، وأن احتمال أن يبادر رئيس «القوات» الى ترشيحه هو أكثر من جدي وحظوظه ترتفع يوماً بعد يوم!

وفي سياق متصل، أبلغت مصادر مسيحية واسعة الاطلاع «السفير» أن فرضية ترشيح جعجع لعون يجري انضاجها على نار هادئة، وهي موضع بحث معمّق بين الرجلين، لافتة الانتباه الى أن الأكيد هو أن هذا الخيار لم يعد من المستحيلات أو المحرّمات، لاسيما بعد توقيع «إعلان النيات» الذي أدخل العلاقة بين الطرفين في مرحلة جديدة.

لكن المصادر أشارت الى أن اتخاذ قرار نهائي في هذا الصدد يتوقف على نضوج مجموعة من الاعتبارات السياسية التي من شأنها أن تؤمن الحصانة للخيار المحتمل، مؤكدة أن ترشيح جعجع لعون، إذا حصل، «لن يكون حدثاً منفصلا ومعزولاً، بل هو سيندرج ضمن مجموعة شمسية متكاملة، بالمعنى السياسي» على حد تعبير المصادر نفسها.

وشددت المصادر على أن «القوات» و«التيار» لن يتخذا أي قرار من موقع ردّ الفعل المتسرّع، أو من باب النكاية، ولذلك فهما يخوضان نقاشاً سياسياً عميقاً، أوسع من مبدأ الترشيح بحد ذاته.

وأكدت المصادر أن «التيار» و«القوات» لا يقبلان بأن يكونا على مقاعد الاحتياط في المبادرة الرئاسية، خصوصاً أن استحقاق الرئاسة يعني المسيحيين بالدرجة الأولى، وهما لاعبان أساسيان من شأنهما، إذا أجادا تبادل التمريرات، تغيير وجهة المباراة وتسجيل هدف ذهبي في مرمى الآخرين، جازمة بأن ما بعد ترشح فرنجية ليس كما قبله.

وأمام تقدم فرضية ترشيح جعجع لعون، فإن أسئلة عدة تفرض ذاتها، من بينها:

– هل يمكن أن يبادر رئيس «القوات» الى ترشيح «الجنرال» قبل أن يعلن الحريري رسمياً عن ترشيح فرنجية، وذلك لتعطيل مفعول هذا الإعلان مسبقا، أم أن جعجع لن يستعجل مثل هذه الاندفاعة والتبرّع بدعم عون مجاناً ما لم يضطره الحريري الى ذلك؟

– ماذا سيكون موقف كل من بكركي وفرنجية والرئيس أمين الجميل، إذا قرر «الاقوى مسيحيا»، أي «التيار» أولاً و «القوات» ثانياً، التوافق على ترشيح عون، وكيف سيتصرف على الضفة الأخرى كل من الرئيس نبيه بري والحريري والنائب وليد جنبلاط؟

– كيف سيكون ردّ فعل «حزب الله» على أي توافق رئاسي ـ سياسي بين عون وجعجع، وإلى أي حد يمكن أن يحرجه وصول «الجنرال» الى قصر بعبدا عن طريق معراب؟

– هل سيحظى ترشيح جعجع لعون بمظلة إقليمية ـ دولية (كما حصل مع فرنجية ولو أن بعض الحلقات الإقليمية ظلت ناقصة)، أم أنه في الأساس موجّه ضد المظلّة التي تغطي فرنجية في استعادة لتجربة العام 1988؟ وبالتالي الى أي مدى يستطيع رئيس «القوات» أن يذهب في معاندة الإرادة الملكية السعودية؟

– من سيقترب من الآخر إذا حصل الترشيح؟ هل سينجح عون في استقطاب جعجع نحو خياراته، ام سيتمكن جعجع من استمالة «الجنرال» الى خياراته تمهيداً لوراثة جمهور «التيار» على المدى الطويل، ام سيلتقيان في منتصف الطريق؟

وعلى صعيد متصل، ذكرت صحيفة “الأخبار” أن تبادلاً للأوراق بين عون وجعجع جرى أخيراً لرسم معالم التفاهم في المرحلة المقبلة، استكمالاً لورقة إعلان النوايا، وتحديداً في حال أقدم الحريري على ترشيح فرنجية علناً، ما سيدفع جعجع إلى إعلان تأييده لترشيح عون. وتشير الأوراق المتبادلة إلى مجموعة أفكار تلحظ إمكانية وصول عون إلى سدّة الرئاسة وشكل تقاسم الحصص والوزارات بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، وشكل العلاقة في حال عدم وصول عون إلى الرئاسة، من تعميق للتحالف في الانتخابات النيابية والبلدية والنقابات والجامعات.

إلّا أن مصادر معنية في القوات والتيار الوطني الحر نفت نفياً قاطعاً أن يكون النقاش قد وصل إلى هذه المرحلة المتقدمة. وقالت مصادر في القوات لـ«الأخبار» إن «النقاش مفتوح في كلّ الأمور مع التيار، لكن مسألة تبادل الأوراق أو الاتفاقات الخطية غير صحيحة». كذلك قالت مصادر التيار الوطني الحر إنه «منذ ورقة إعلان النوايا يجري النقاش في كل شيء، لكن لا اتفاقات خطية ولا تبادل أوراق، ولا أحد مضطر من الآن لأن يقطع وعوداً على نفسه أو يلزم نفسه بأي أمر قبل أن يظهر أي شيء في الأفق».