أجرى رئيس اتحاد رجال أعمال المتوسط جاك صراف قراءة اقتصادية تقييمية لسنة 2015، أبدى فيها “عدم ارتياحه إلى هذا العام بعد موجة التشاؤم التي سادت العام 2014 “، معتبراً أن “السنة ليست امتداداً سنوياً يتوقف فيها التاريخ ويتغيّر، بل تكامل مع الأعوام السابقة”.
واعتبر أن “سنة 2015 أفضل من 2014 اقتصادياً التي شهدت مفاجآت رئيسية خصوصاً ما حصل في العراق والذي كان مزعجاً، إضافة إلى الأحداث الجارية في سوريا، لكن من دون الوصول الى التوافق الذي يحدث اليوم”.
وقال لـ”المركزية”: بدأنا كلبنانيين ورجال أعمال في الداخل والخارج، بالتأقلم مع ما يحصل في أكثر من بلد، وأصبحت لدينا مناعة واستعداد للتحضير لأي مفاجأة قد يكون وقعها قوياً علينا. قد يكون هذا العام سيئاً على السياحة، لكننا نشهد حالياً انفراجات على صعيد الفنادق والمطاعم بسبب عدد اللبنانيين الذين فضّلوا تمضية فترة الأعياد في لبنان، وبالتالي يجب أن نشكر جميع اللبنانيين المقيمين في الخارج لوجودهم في لبنان خلال الأعياد، على أمل أن يكون ذلك وسيلة لتحريك النشاط الاقتصادي، و”الزحمة” التي نشاهدها اليوم دليل على ذلك.
وتابع صراف: في العام 2015 وبرغم كل المعوقات التي واجهتنا، مالية أو نقدية، والضغوط التي تتعرّض لها المصارف اللبنانية، كان القطاع المصرفي شامخاً متراصاً محافظاً على اقتصاد لبنان بفضل المنسق القائد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وأعطى القوة لبقية القطاعات. فساعد المصانع التي لم تتمكن من الإيفاء بالتزاماتها تجاه المصارف، وضخ الاموال لقطاعات البناء ضمن سلاته التحفيزية، اضافة الى قطاعاته الانتاجية. كما حاول مساعدة القطاع التجاري على تقسيط ديونه. لذلك إن العام 2015 كان سليماً وأفضل مما كنا نتوقع.
ورداً على سؤال عن تناقضه مع تشاؤم رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير الذي اعتبر ان “العام 2015 هو الأسوأ على الاقتصاد منذ سنوات”، قال صراف: قد يكون رأى أن العام 2015 دون السنوات الباقية أو مقارنة بالعام 2014 ، لكنني أقارن بين 2014 و2015 وبالتالي لم أقل إن العام 2015 هو الأفضل على الصعيد الإقتصادي.
أضاف: أما بالنسبة إلى العام 2016، فهي لا تقف بالتاريخ وتغيّر معطياتها، لديّ نفحة أمل بهذه السنة أولاً لبنانياً بالشكل، حيث يمكننا أن نحلم بتوافق الرئاسة أي حكومة جديدة، مجلس نيابي جديد، ان تعود الدولة بكل مؤسساتها، وهذا ما سيؤدي الى سنة نأمل ان تكون جيدة. وإذا عدنا الى الواقع فيجب تقسيمها فعليا، اي ثلاثة اشهر، ونتمنى ان يتم انتخاب رئيس للجمهورية في خلال الفصل الاول من العام 2016 ونبدأ بالتحرّك، انما هذا التمني إن لم يحصل فسيكون الفصل الاول تابعاً للعام 2015 من حيث النتائج مع بعض الانكماش الاقتصادي. واستدراكاً، شهد العام 2015 تراجعاً في معظم العملات الاجنبية انما الدولار بقي قويا وهذا جيد لاقتصادنا المدولر ومفيد، لان ذلك سيؤدي الى تراجع حجم الاستيراد بالعملات الاوروبية لأن 55% من حجم استيرادنا بالعملات الاوروبية، وهذا ما لاحظناه في خلال الاشهر الأربعة الماضية والذي كان احد الاسباب الذي حرك الاسعار ايجاباً في الاسواق اللبنانية، برغم ان الشركات الاوروبية زادت اسعارها، كذلك الامر بالنسبة الى اسعار النفط التي تراجعت وكانت لها تداعيات ايجابية على المصانع والمولدات الكهربائية واسعار النقل والكهرباء وغيرها، وهي نقاط كانت مفيدة في العام 2015 وسيكون لها ترددات في العام 2016.
وتابع: كما يمكننا القول ان الاستقرار الامني عامل مهم ولمسته في العام 2015 من خلال الدور البارز الذي قامت به الأجهزة الأمنية، ونجحنا فيه ونتوقع ان يستمر هذا الاستقرار في العام 2016 في ظل الخبرة التي أصبحت تملكها الاجهزة الامنية وفي تمكن الجيش وقيادته من حماية حدودنا، وحتى مع الحكومة الحالية برغم الضغوط التي تتعرّض لها، تمكنت من الحفاظ على حد ادنى من التفاهم وما قام به رئيس الحكومة تمام سلام هو افضل شيء ممكن لان لا بديل عن هذه الحكومة.
وقال: انني متفائل اكثر بمعنى اكثر من العام 2014 ، و”الربيع العربي” الذي كان مزعجاً لنا وتداعياته على لبنان، أصبح هناك ربيع حقيقي هذه المرة وليس ربيعاً احمر بل رمادي، لان ما يحصل في سوريا وفي اليمن وفي العراق وفي الثورات الطائفية الاخرى، بدأ بالتراجع. صحيح ان العام 2016 هو عام مرور 100 سنة على “سايكس بيكو” الذي قسّم المنطقة الى طوائف وجغرافيا، ويجوز بعد “سايكس بيكو” في العام 2016 أن نشهد تقسيمات في بعض البلدان، وهذا ما أشعر به في بعض المناطق مثل العراق واليمن وحتى في سوريا ولغاية اليوم لم أشعر به في لبنان.
وتابع: كانت لـ”الربيع العربي” تداعيات اقتصادية على لبنان، إذ أقفلت الحدود وعمدنا كرجال اعمال الى وضع خطط قصيرة المدى أي لمدة ثلاثة اشهر حيث نقوم بأعمالنا، وليس لمدى أطول في ظل هذه الظروف، وان يكون تخطيطنا مرتبطاً بإدارة الازمات وهذا ما قمنا به في مجموعتنا. وأنصح كل المؤسسات بأن تنشئ ادارة أزمات لمعالجة كل موضوع على حدة وتتفاعل معه.
وردا على سؤال عن قدرة الاقتصاد اللبناني على الاستمرار في ظل الاوضاع الاقنصادية والسياسية السائدة قال صراف: الوضع في لبنان ما زال كما هو منذ السبعينات، والازمات السياسية التي مرت على لبنان ألم تكن اصعب من هذه الازمة؟ إذاً لبنان ما زال صامداً، وذلك يعود الى المقاومة الاقتصادية، الى المؤسسات التي لا تزال تقاوم وتقوم بعملها وتفتش عن البديل الذي يعطيها قوة الاندفاع لتبقى موجودة في لبنان. هناك مؤسسات تضررت لانها لم تكن مهيأة لمواجهة الازمات، لذلك من خلال التجربة أؤكد ان إنشاء خلية لإدارة الازمات هو السبيل الوحيد للإستمرارية.