كتبت ربى كبّارة في صحيفة “المستقبل”: تراوح احتمالات ملء الفراغ الرئاسي المستمر منذ اكثر من 19 شهرا بين مدّ وجزر. فالعرقلة التي تفتعلها ايران عبر تلطي “حزب الله” خلف تمسكه بوصول النائب ميشال عون الى هذا المنصب بانتظار اتضاح صورة اقليمية يرى بانها ستصب في مصلحته، لم تثنِ من طرحوا النائب سليمان فرنجية، رغم انتمائه الى المحور نفسه، عن استكمال السعي الى تحقيق هدفهم مساهمة منهم في تحصين البلاد من اخطار داهمة سواء اتت من الخارج او نبعت من الداخل بسبب استمرار شلل المؤسسات.
ويلفت سياسي سيادي الى ان ما نشهده من تراجع في زخم الطرح مرده في الدرجة الاولى الى فترة الاعياد، متوقعا ان يستأنف التزخيم بعد انقضائها لانها الحل الوحيد المتاح الذي بإمكانه ان يوفر حماية اضافية. كما اوضح مؤخرا رئيس كتلة “المستقبل” الرئيس فؤاد السنيورة ان طرح الرئيس سعد الحريري لفرنجية، الذي يحظي بقبول سعودي وغربي، لم يمت وهو مستمر رغم العرقلة المفتعلة من اخصام وحلفاء. وتزامن ذلك مع تجديد “حزب الله” من بوابة بكركي تمسكه بعون.
بالمقابل يعتبر سياسي وسطي، من ابرز المروجين لوصول فرنجية، أن الفرصة التي كان بامكانها ان تشكل نصرا لـ”حزب الله” ضاعت، مستبعدا ان يتم ملء الفراغ الرئاسي قبل نحو عام. فهو يرى ان ايران لا تريد ان تبيع ورقة الرئاسة الى السعودية وبالتأكيد لا تريد وضعها في سلة الحريري. هي تريد بيعها للولايات المتحدة، لكن لرئيسها المقبل، لا الى باراك اوباما الذي تنتهي ولايته قبيل نهاية العام 2016 .
وقد يتم تعويض الفراغ الرئاسي عبر تفعيل عمل الحكومة، شبه المشلول منذ اشهر عدة بسبب الخلاف على آلية عملها في ظل غياب رئيس للجمهورية والذي يتحمل عون المسؤولية الاساسية عنه وفق السياسي الوسطي. وبرأيه فإن عون سيكون اول المساهمين في هذا التفعيل لانه يفضل استمرار الفراغ على عدم وصوله الى سدة الرئاسة الاولى. وبالتالي الورقة الوحيدة المتاحة امامه هي تفعيل العمل الحكومي حتى لا تبقى الرئاسة مطلبا ملحاحا لاستكمال دور المؤسسات.
وتستقي ضرورة تفعيل العمل الحكومي حاليا اهميتها من توفر احتمالات تصعيد ما مع اسرائيل بعد اقدامها على اغتيال سمير القنطار في دمشق. فـ”حزب الله”، الذي خصص امينه العام حسن نصر الله، خطابه الاخير بالكامل لهذا الموضوع ليؤكد عزمه على ردّ يتخطى القواعد المعروفة لاحتمال كونه “عابرا للحدود والساحات” يرى نفسه، وفق السياسي السيادي مجبراً على الرد. فقد سبق للحزب ان رد على مقتل جهاد عماد مغنية رغم ان التعهد بالانتقام لوالده الذي اغتيل قبل عشر سنوات لم يتحقق بعد. ويلفت هذا المصدر الى ان اغتيال عماد مغنية اتى قبل تورط الحزب العسكري في سوريا الى جانب النظام الاسدي، وبالتالي كانت قدسية مقاومته لاسرائيل مصانة وليست بحاجة الى براهين، لكن الوضع اختلف بعد قتاله الشعب السوري وبات يتحين الفرص ليؤكد بان ذلك لم يبعده عن قتال اسرائيل.
كما يرى السياسي السيادي ان “حزب الله” يتمسك بعون رئيسا لا لاعتباره ان العناد في دعمه هو الذي ادى الى القبول بفرنجية وبالتالي فإن استمراره على هذا المنوال قد يوصل عون الى مبتغاه، وانما لان الصورة الاقليمية خصوصا في سوريا لم تتضح نهائيا بعد رغم ان سكة الحل السياسي تظهرت بعد اجتماعات فيينا لحل سياسي ينهي الحرب الدائرة منذ نحو خمس سنوات. لكن ذلك لا يعني سهولة التوصل الى بلورة الحل السياسي خصوصا بعد العقبات التي بدأت بالظهور في اطار سعي الروس الى إراحة بشار الاسد عبر تأمين محيط حماية واسع للعاصمة دمشق. فقد اقدموا على اغتيال زهران علوش، وهو ما رأت السعودية انه لا يخدم العملية التفاوضية خصوصا وان علوش كان مؤيدا للعملية السلمية وحارب “داعش”، كما رأت الولايات المتحدة انه يبعث برسالة خاطئة الى المعارضين المشاركين في الحوار السياسي.