اعتبرت أوساط محايدة في بيروت في حديث لصحيفة “الراي” الكويتية انه بمعزل عن مفاضلة “حزب الله” بين النائب سليمان فرنجية والعماد ميشال عون، فإن “القطبة المخفية في الملفّ الرئاسي هي ان الحزب لا يريد عودة “الحريرية السياسية” الى سابق عهدها في إدارة الحكم، عاد الحريري الى الحكومة أو لم يعد، فالمسألة بالنسبة الى “حزب الله” هي: القرار لمَن؟ وتالياً فإن الحزب الذي لم يَرُق له تفاهم فرنجية – الحريري، لا يستهدف في إحباطه تفاهُمهما فرصة فرنجية بالوصول الى الرئاسة بقدر ما يريد قطع الطريق على عودة (وازنة) للحريري الى السلطة”.
وتذكّر هذه الأوساط بالكلام الكثير الذي قيل عن “اجتثاث الحريرية السياسية” يوم أٌقصى “حزب الله” زعيم “تيار المستقبل” عن الحكم في الـ 2011 وجاء بحكومة يترأسها نجيب ميقاتي للإعداد لانتخابات نيابية كانت مقرَّرة في الـ 2013، وسط خريطة طريق محكومة بهدف مركزي يتمثّل في الإتيان بغالبية برلمانية لمصلحة “حزب الله” وفريقه وبمعزل عن الكتلة الوسطية الترجيحية للزعيم الدرزي وليد جنبلاط.
وفي تقدير الأوساط عيْنها ان “(حزب الله) كان يعتزم يومها الإمساك بغالبية برلمانية تتيح له إحداث تعديلات جوهرية في إدارة الحكم على النحو الذي يجعله صاحب الإمرة في تحديد الخيارات الداخلية والإقليمية للبنان في إطار مشروعه الإستراتيجي كقوّة متقدمة في المحور السوري – الإيراني، وخصوصاً انه كان يدرك ان لبنان مرشّح لمكانة أهمّ في ضوء الثروة النفطية الواعدة”.
ورغم انكسار شوكة هذا التوجه مع انفجار الصراع في سورية وترنُّح سلطة الرئيس بشار الأسد، واستقالة حكومة ميقاتي، فإن المشروع الإستراتيجي لـ “حزب الله” لم يتبدّل، في رأي تلك الأوساط، التي رأت ان “الحزب الذي ذهب للقتال في ساحات مترامية دفاعاً عن محوره، من سورية الى اليمن مروراً بالعراق، لن يسلّم بعودة الحريري ومحوره الى السلطة، وكأن شيئاً لم يكن”.
ومَن يدقّق في المعطيات التي رشحت عن “الأسباب الموجبة” التي دفعت الحريري الى ترشيح فرنجية بـ “مبادرة جدية وغير رسمية”، واعتبار زعيم “المردة” التفاهم مع القطب الأبرز في “14 آذار” فرصة ثمينة لوصوله الى الرئاسة، يكتشف ان “براغماتية” الطرفيْن التي قامت على محاولة اجتراح تسوية لا تضمر إحداث تغييرات في التوازنات التي تدير الحكم، اصطدمت بـ “لا” شبه حاسمة من “حزب الله” الذي بدا من الواضح أنه يربط عملية الإفراج عن الرئاسة بالاتفاق المسبق على سلّة متكاملة من الحلول تشمل إضافة الى الرئاسة، الحكومة (رئاسةً وتوازنات وتركيبة) وقانون الانتخاب الذي تتحكّم طبيعته بما سيكون عليه البرلمان المقبل.