شهد العام 2015 تراجع سعر صرف أكثر من نصف العملات العربية وإن بنسب مختلفة، وهو ما أثر سلبيا على القدرة الشرائية لمواطني الدول المعنية بهذا الهبوط، وأدى لتزايد الضغوط التضخمية بما يرفع أسعار المواد المعيشية.
وقد كان من مسببات هذا الانخفاض عوامل داخلية مرتبطة بالسياسة النقدية للبنوك المركزية وضعف الوضع المالي للحكومات والمتمثل أساسا في ارتفاع النفقات وتراجع الإيرادات، كما تأثرت العملات بالعوامل الجيوسياسية في المنطقة العربية من حروب واضطرابات داخلية.
ففي اليمن، أدت الحرب الدائرة والتوقف شبه الكلي لعجلة الاقتصاد إلى تهاوي سعر صرف العملة المحلية الريال، إذ انخفض إلى 270 ريالا للدولار الواحد حاليا مقابل 214 ريالا في وقت سابق، وهو ما يعني نسبة التراجع بـ26%.
الدينار الجزائري
وكان الدينار الجزائري من أكثر العملات العربية تضررا في العام الجاري، إذ انخفض بنسبة 22.5%، ويعزى السبب في ذلك إلى الهبوط الكبير لإيرادات النفط التي تشكل 98% من إيرادات خزينة الدولة، وحالة الضعف الاقتصادي والمالي الشديد في البلاد.
وكانت لسياسات البنك المركزي الجزائري نصيب في هبوط العملة، إذ يعتمد البنك على سياسة التعويم المتحكم فيه للدينار أمام العملات الرئيسية بغرض دفع العملة للانخفاض بهدف الحد من قيمة الواردات.
وفي مصر، انخفض الجنيه في سوق الصرف الرسمي بنسبة 11% منذ مطلع العام الجاري، ووصل سعر الدولار في السوق السوداء في الفترة الأخيرة إلى نحو 8.60 جنيهات مقابل 7.10 جنيهات في بداية العام.
وتفاقمت أزمة العملة جراء عدة عوامل، أبرزها تراجع المساعدات من الحلفاء الخليجيين بسبب انخفاض أسعار النفط، إضافة إلى التراجع الكبير في العائدات السياحية المصرية بعد حادث سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
الليرة السورية
وواصلت الليرة السورية انخفاضها للعام الخامس على التوالي منذ اندلاع الأزمة في البلاد، وفقدت في العام الجاري 5% من قيمتها وفق سعر الصرف الرسمي، ولكن الانخفاض كان أكبر في السوق السوداء، إذ تداول الدولار الواحد بأربعمئة ليرة في بعض المناطق السورية مقابل 138 ليرة في بداية العام الجاري.
ويعد سعر أربعمئة ليرة للدولار أدنى مستوى لها على الإطلاق، وكان الدولار الواحد يعادل خمسين ليرة قبل بداية الثورة السورية.
وجاء استمرار تهاوي قيمة الليرة السورية نتيجة حالة الحرب التي تعيشها البلاد، وتبدد الاحتياطي النقدي، وعدم قدرة البنك المركزي على تزويد السوق بالسيولة من الدولار، وتراجع الصادرات والتحويلات النقدية الخارجية بشكل كبير، وتعطل عجلة الإنتاج الصناعي والزراعي.
الدينار العراقي
وخسر الدينار العراقي 4% من قيمته منذ بداية العام في ظل الأزمة الاقتصادية والأمنية التي تعيشها البلاد، إذ انخفضت إيرادات العراق النفطية بنسبة 60%، وهو ما فاقم عجز الموازنة وأدى إلى شح في السيولة.
كما يعزو اقتصاديون ذلك إلى عدم تلبية البنك المركزي لحاجة السوق من العملة الأجنبية، إذ أوقف البنك في مايو/أيار الماضي مزاده لبيع الدولار، وهو ما أدى إلى ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار، إلا أن البنك المركزي يرجع تراجع العملة إلى المضاربات، وانحسار نشاط المصارف العاملة في العراق.
الدينار الليبي
وفي ليبيا، خسر الدينار 3.8% في العام الجاري نتيجة استمرار الاضطرابات الأمنية والسياسية في البلاد، التي أدت إلى تناقص كبير في الإنتاج النفطي وفي حجم إيرادات الخزينة المعتمدة بشدة على البترول، وتهافت المودعين على سحب ودائعهم من البنوك، إذ فاق السحب من المصارف عمليات الإيداع.
وشهدت السوق السوداء في ليبيا مؤخرا ارتفاعا وتذبذبا حادا في سعر صرف الدولار مقابل الدينار الليبي، إذ بلغ سعر بيع الدولار في ديسمبر/كانون الأول الجاري ٣.٧٠ دنانير، في سابقة هي الأولى من نوعها.
الجنيه السوداني
وهوى الجنيه السوداني بنسبة 9.7% نتيجة استمرار معاناة الاقتصاد المحلي من نقص الإيرادات من النقد الأجنبي، إذ يفوق الطلب على الدولار المعروض منه، فضلا عن تأثير العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان.
الدينار التونسي
كما تراجع الدينار التونسي بنسبة 8.3% نتيجة الصعوبات الكبيرة التي يعاني منها الاقتصاد المحلي جراء الاضطرابات الأمنية التي تعيشها البلاد، وهو ما أدى إلى انخفاض إيرادات الخزينة بنسبة كبيرة أضر بوضع العملة المحلية، ولم تسلم عملتا المغرب وموريتانيا من الهبوط، إذ انخفضت الأوقية الموريتانية بنسبة 12% والدرهم المغربي بنسبة 9.2%.
العملات الخليجية
في المقابل، عرف سعر صرف العملات الخليجية استقرارا في العموم مقابل الدولار ما عدا الكويت التي هوت عملتها منذ بداية 2015 بنسبة 3.8%، كما استقر سعر صرف كل من الليرة اللبنانية والدينار الأردني.
ويعزى استقرار العملات الخليجية إلى استمرار ربط السلطات النقدية لكل من السعودية وقطر والإمارات والبحرين