على وقع التجاذبات السياسية الداخلية المستمرة، وأزمة الفراغ الرئاسي التي استعصت لأكثر من 19 شهراً حتى تم ترحيلها إلى العام المقبل، وتداعيات الأزمة الإقليمية على حركة الاستثمار المحلية، وتراجع معظم المؤشرات الاقتصادية والمالية بشكل عام، تباطأ النشاط في الأسواق المالية اللبنانية مع انحسار ميل المتعاملين إلى تعزيز محافظهم بتوظيفات جديدة، كما ورد في تقرير بنك عوده الأسبوعي. ففي سوق الأسهم، انخفضت قيمة التداول الاسمية لهذا العام بنحو 20% مقارنة بالعام 2014 لتبلغ زهاء 498 مليون دولار، كما تراجع مؤشر الأسعار بنسبة 1.2%. وعلى صعيد سوق سندات الأوروبوند، ألقت الأوضاع السياسية الهشة بثقلها على مناخ الاستثمار إذ أبدى المتعاملون المحليون اهتماماً أقل بسندات الدين اللبنانية ولا سيما في ظل جاذبية شهادات الإيداع الجديدة بالدولار الأميركي. عليه، سجل تراجع في أسعار الأوروبوند كما اتسع متوسط الهامش بمقدار 60 نقطة أساس إلى 368 نقطة أساس. أما سوق القطع فظلت على الرغم من تبلد الأجواء السياسية الداخلية تسير بخطى ثابتة مدعومة بالثقة المتراكمة التي حظيت بها السلطات النقدية على مر المحن مع تعزيز المركزي احتياطياته لتصل إلى مستويات قياسية، والتوافر المريح للسيولة الجاهزة بالعملات الأجنبية لدى المصارف والتي تغطي أكثر من 40% من الودائع المصرفية بالعملات، والنمو المطرد للودائع المصرفية والذي يشكل صمام الأمان في عملية تمويل احتياجات الدولة المالية. في هذا السياق، ظلت قوى العرض والطلب متوازنة في سوق القطع بدون أي ضغوط تذكر على سعر الصرف.
الأسواق
سوق النقد: تميز العام 2015 بتوافر مريح للسيولة بالليرة. وقد لوحظت في العام 2015 عودة الانجذاب الى شهادات الإيداع كما يتبيّن من نمو محفظة شهادات الإيداع بالليرة بقيمة 4580 مليار ليرة خلال الأشهر العشرة الأولى من العام 2015، بعد أن شهدت تقلصاً بقيمة 4140 مليار ليرة في العام 2014. كذلك، استقطبت شهادات الإيداع بالدولار اهتمام المتعاملين ولا سيما بعد أن تم لأول مرة إطلاق الشهادات الطويلة الأجل من فئة 15 سنة و20 سنة و30 سنة، مما استتبع اتساعاً في محفظة شهادات الإيداع بالدولار بقيمة 3.1 مليار دولار خلال الأشهر العشرة الأولى من العام 2015. واتسعت الكتلة النقدية بمفهومها الواسع (م4) بنحو 8214 مليار ليرة بشكل أساسي نتيجة ارتفاع الودائع الادخارية بالليرة بقيمة 4458 مليار ليرة والودائع بالعملات الأجنبية بقيمة 2052 مليون دولار.
سوق سندات الخزينة: أصدرت وزارة المالية للمرّة الأولى في العام 2015 سندات من فئتي 7 سنوات و10 سنوات ذات الفوائد العالية أثناء المناقصات الدورية وذلك التزاماً بتوصيات صندوق النقد الدولي. في موازاة ذلك، خفّضت الوزارة معدل الفائدة على السندات من فئة 7 سنوات بمقدار 42 نقطة أساس ليبلغ 7,08% بحيث بات مساوياً لمردود شهادات الإيداع ذات الأجل المماثل. كذلك الأمر في ما يخصّ معدل الفائدة على السندات من فئة العشر سنوات خفضت بمقدار 52 نقطة أساس إلى 7.46%، بحيث تساوى مع مردود شهادات الإيداع بالليرة ذات الأجل المماثل. وواصل مصرف لبنان سدّ النقص على مستوى الطلب في السوق الأولية لسندات الخزينة، كما يُستدلّ من النمو الملحوظ لمحفظة سندات الخزينة بالليرة لدى المركزي في العام 2015 بنحو 5834 مليار ليرة. هذا وقد بلغت الإكتتابات الإجمالية للجهاز المصرفي بسندات الخزينة حوالي 16200 مليار ليرة مقابل استحقاقات بنحو 12900 مليار ليرة، مما أسفر عن فائض اسمي بنحو 3300 مليار ليرة في 2015.
سوق القطع: حافظت سوق القطع على نشاطها المتوازن خلال العام 2015 على الرغم من الشلل السياسي والتطورات الإقليمية. وقد جاء ذلك مدعوماً بالمستوى المرتفع للموجودات الخارجية لدى مصرف لبنان والتي ظلت مستقرة على 38.0 مليار دولار حتى منتصف كانون الأول 2015. عليه، غطت الموجودات الخارجية لدى المركزي نحو 73.6% من الكتلة النقدية بالليرة، مما يسلط الضوء على قدرة مصرف لبنان على الحفاظ على استقرار سعر الصرف.
سوق الأسهم: شهدت بورصة بيروت تباطؤاً في حركتها وانخفاضاً في أسعارها في العام 2015 إذ لم يظهر المستثمرون ميلاً إلى تعزيز محافظهم نظراً للتجاذبات السياسية الداخلية المتمادية والفراغ الرئاسي المستمر وذلك على الرغم من نسب التسعير السوقية الجاذبة في البورصة بالمقارنات الخارجية. في التفاصيل، بلغت قيمة التداول الاسمية نحو 498 مليون دولار في العام 2015 مقابل 619 مليون دولار في العام 2014. أما معدل دوران الأسهم في بورصة بيروت فكان متدنياً إذ لم تتجاوز 4.8% في العام 2015 مقابل 5.9% في العام 2014، علماً أنه لا يزال أدنى بكثير من المتوسّطات الإقليمية والعالمية. وعلى صعيد مؤشر الأسعار، تراجع مؤشر الأسعار بنسبة 1.2% في العام 2015.
سوق سندات الأوروبوند: سجلت سوق سندات الدين انخفاضاً في الأسعار خلال العام 2015، في ظلّ انحسار ميل المستثمرين إلى التوظيف، فضلاً عن تفضيل بعض المستثمرين المحليّين توظيف قسم من سيولتهم بالنقد الأجنبي في شهادات الإيداع الجديدة بالدولار الأميركي التي أصدرها مصرف لبنان لآجال تراوح بين 15 و20 و30 سنة. في هذا السياق، اتسع متوسط المردود بمقدار 96 نقطة أساس ليقفل على 5.48% على الرغم من أن المستثمرين الأجانب سجلوا عمليات شراء صافية خلال العام 2015. إلى ذلك، اتسع متوسط الهامش بنحو 60 نقطة أساس ليقفل على 368 نقطة أساس وسط ارتفاع محدود في المردود الأجنبي.