IMLebanon

سويسرا بين الحلم الأميركي والهيمنة الصينيّة على الأسواق

زيوريخ، سويسرا
زيوريخ، سويسرا

رأى محللون في سويسرا، أن التغيرات الجيوسياسية التي سيواجهها العالم في السنوات المقبلة، ستلعب دوراً كبيراً في توجيه الأسواق المالية إلى آفاق جديدة لها حسناتها وسيئاتها. وتقع حالياً دول القارة الأوروبية ومن ضمنها سويسرا، ضحية الحلم الأميركي والمنافسة الصينية معاً. إذ تلتقي الأحلام الأميركية الرأسمالية التوسعية والمنافسة الصينية الرامية إلى إغراق الأسواق العالمية بسلع متدنية السعر في أسواق أوروبا قبل أن تنفجر، لتفضي إلى دوامة من المضاربات العاتية في كل الأسواق. كما يؤجّج موقع أوروبا الجغرافي القريب من منطقة الشرق الأوسط ودول الخليج، مضاربات كهذه في شكل يفوق التوقعات.
وفي الوقت الحاضر مثلاً، تراجعت المضاربات التي تقودها صناديق التحوّط الأميركية والصينية في دولها الأم نحو 45 في المئة. لكن في موازاة ذلك، تركّز هذه الصناديق مضارباتها خارجياً، ومن ضمنها الأسواق الأوروبية والسويسرية. علماً أن وتيرة هذه المضاربات ارتفعت خلال العام الماضي أكثر من 57 في المئة في الأسواق الأوروبية، محقّقة أرباحاً لا بأس بها. ولافت أن أميركا والصين تهدفان إلى شلّ أي نشاط روسي في القارة القديمة. لذا، بدأت روسيا تنظر إلى إبرام شراكات استراتيجية مع بعض الدول الآسيوية الناشئة لتكوين كتلة اقتصادية – مالية تتجانس مع مزاجها البوتيني. وفي سياق متّصل، غابت القوانين التنظيمية عن الأسواق الدولية، وفقاً لمحللين سويسريين. كما أن تأثير منظمة التجارة الدولية في هذه الأسواق تراجع كثيراً، لا بل أضحى من دون أي مفعول منذ سنوات.
من جهة أخرى، خسرت الولايات المتحدة مرتبتها العالمية كالقوة السياسية والاقتصادية الأولى، وباتت عاجزة عن ممارسة الضغوط على دول العالم. لذا، يرى محللون محليون أن كل دولة من الدول بدأت تخطّط لإبرام شراكات استراتيجية اعتماداً على مصالحها الوطنية والتوقعات المقبلة حول التغيرات الجيوسياسية الدولية. ومرة أخرى، يرى الخبراء تباعداً فاضحاً بين سويسرا ودول الاتحاد الأوروبي. صحيح أن الدول الآسيوية الناشئة ساعدت الدول الغربية في خوض استثمارات ضخمة ناجحة. لكن دول الاتحاد الأوروبي لا تزال متمسكة بشراكتها التجارية الحيوية مع أميركا. في حين تحاول سويسرا انتهاز فرص جديدة، ومن ضمنها التوغل في الأسواق المصرفية والصناعية في إيران مثلاً، فور إزالة العقوبات الدولية عن الأخيرة. ويشير خبراء مصرفيون في مدينة زيوريخ، إلى أن ما زاد نقمة السويسريين على الأميركيين نتيجة مشاكل فرضت على السرية المصرفية السويسرية غرامات ببلايين الدولارات، هو انضمام القضاء الأميركي إلى مصلحة جباية الضرائب في واشنطن في حربه ضد سويسرا، ما حضّ المصرفيين الكبار على اتهام وزيرة المال السويسرية بالخيانة العظمى، نظراً إلى تعاطفها «الاصطناعي» المستمر مع حكومة واشنطن، الذي كلّف المصارف السويسرية الأبرز غرامات ضخمة.
وترى حكومة برن في تطوير علاقاتها التجارية مع دول أفريقية وعربية وخليجية ومع إيران، متنفساً بل بديلاً مهماً في السنوات المقبلة، في ضوء حرب تستعر أكثر بين أميركا والصين، للهيمنة على التجارة العالمية، وتُعتبر أوروبا من أبرز ضحاياها مالياً واقتصادياً واجتماعياً.