اعتبر الوزير السابق الدكتور طارق متري أن فرص نجاح التسوية الليبية “تحت السؤال ومحفوفة بالمخاطر واحتمالات نجاحها ليست عالية” نافياً ان تكون تسويات المنطقة “مرتبطة ببعضها البعض لأن لكل بلد أسبابه وخصوصيته الداخلية”.
ورأى أن اغتيال زهران علوش أضعف صدقية العملية السياسية في سوريا وأن ظلالاً تخيّم على السلوك الروسي وأهدافه مثل تعزيز النظام السوري وعدم سقوط نظام الأسد، مشككاً بنجاح المفاوضات المقبلة في 25 الجاري في جنيف وصولاً إلى نتائج حاسمة وبأنه لن يكون هناك تفاوض حقيقي..
متري لم ير في حديث لصحيفة “المستقبل” تغييراً في السلوك الإيراني يقدم إيران إلى سياسة “مسؤولة” في المنطقة مؤكداً ان ابتكار تسوية داخلية لبنانية “ممكن لكنه معقد مع طرف داخلي صار طرفاً إقليمياً، ما يصعب الفصل عن التسويات الإقليمية ويربطه بها.
ويدعو إلى وفاق داخلي “حقيقي صريح ومعلن لا يكتفي بمنع الانفجار الهش ويبني على الأفكار المطروحة بشأن رئاسة الجمهورية لأن الشغور الرئاسي يعكس أزمة وطنية متوقفاً عند الدور المهم الذي يمارسه رئيس الجمهورية كسلطة معنوية”.
واشار الى ان لبنان منذ سنوات طويلة كان يشكل ساحة مفتوحة لصراعات إقليمية ودولية. الآن الساحة في سوريا هي المفتوحة لتلك الصراعات. ولبنان فقد دوره كساحة وهو يستعيد دوره كممر وكبلد خدمات مصرفية، ومطار ومرفأ ويشكل حاجة سورية والسوريون مستفيدون من الرئة اللبنانية. كل هذه العناصر مجتمعة جمدت العنف، العنف السوري الذي كان يمكن ان ينتشر في لبنان من حمى السلم الأهلي.
أما في ملف النازحين والعودة الطوعية فيقول: “ان ثمة من “حول قضية اللاجئين السوريين الى قنبلة موقوتة، وثمة من تعامل بعنصرية مع الملف وحوّل اللبنانيين الى ضحايا تلك المآسي. ولكن ما حصل ان الانفجار، تحديداً انفجار اللجوء السوري لم يحصل ولم ينفجر الملف السوري حتى مع وجود مليون ومئة ألف لاجئ، وأكثرهم حقيقة من النساء والأطفال نحو (350،000) والبقية منهم يمارسون مهنة الحراسة وعمال بناء.. بالمحصلة لم ينفجر البلد نتيجة ذلك. هذا من حسن حظنا جميعاً.
واعتبر ان تأخر انتخاب رئيس للجمهورية يعكس أزمة وطنية ويعكس أزمة الكل وخصوصاً المسيحيين. ما يهمنا حقيقة هو الناس المسيحيين بعيداً عن القيادات السياسية والقوى السياسية الرئيسة التي تشكل 30 أو 40 بالمئة منهم. فيما الأكثرية من المسيحيين لا علاقة لها بتلك القوى الفاعلة أو ما يسمى “نادي الأقوياء”.
ويضيف متري: “فكرتان تتنازعان أو يتنازع عليهما المسيحيون منذ عصر النهضة وما قبل، وهما اللتان تحكمان خياراتهم وخصوصا حول موضوع رئاسة الجمهورية.
ـ الفكرة الأولى تقول إن على المسيحيين ان يتكتلوا ويرصوا صفوفهم ويتكلوا على أنفسهم وقواهم الذاتية وبمنطق من يريد الحفاظ على الطائف والمناصفة والبناء عليها، مع قانون انتخاب نيابي ينتخب فيه المسيحيون ممثليهم، وبمنطق تيار القوى الذي يحافظ فيه المسيحيون على خصوصيتهم.
ـ الفكرة الثانية تقول ان المسيحيين لعبوا دوراً أو أدواراً في النهضة العربية وأثروا في تحديث المجتمع العربي بتنويره واعتنقوا قضايا العالم العربي والانتماء العربي وساهموا في نشوء الأحزاب والنقابات، وكسبوا مواثيق حقوق الانسان وتحرير المرأة ولعبوا دوراً قيادياً وطليعياً في الثقافة والفنون بمعنى القيم العالمية والانسانية وانتشروا وابدعوا..
الفكرتان متصارعتان الى الآن، بين النزعة الأقلوية والانتماء الضيق، وبين فكرة وهي ابداعية سياسية ترفض القول ان المسيحيين اقلية وذلك بانتمائهم العربي والانساني الواسع.