أشارت الوكالة “المركزية” إلى أنّ الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ردّ بخطاب ناري مثقل بمواقف ورسائل من العيار الثقيل، على اعدام المملكة العربية السعودية الشيخ الشيعي المعارض نمر باقر النمر، حيث شن هجوماً هو الاعنف على آل سعود مطالباً بانهاء نظام حكمهم، ومتهماً اياهم بتغذية الارهاب الذي يدّعون محاربته على حدّ قوله.
ولفتت الى أنّ كلام نصرالله لم يمر مرور الكرام في الداخل، حيث استوقف سقفه المرتفع عددا من فاعليات 14 آذار وأبرزهم الرئيس سعد الحريري، الذي سارع الى الرد على ما جاء فيه، معتبرا اياه تدخلا سافرا في شؤون دولة أجنبية. وفي هذا السياق، أكدت أوساط قيادية في قوى 14 آذار عبر “المركزية”، أن قرار المملكة باعدام 47 مواطنا لضلوعهم في محاولات انقلابية وفي أعمال ارهابية، شأن داخلي سعودي بحت، سائلة “على اي أساس يسمح نصرالله لنفسه بالاعتراض على تدابير الرياض؟ وما دخل لبنان في ما تقرره المملكة في شأن أمنها وسياساتها”؟ مضيفة: “هل يجوز مثلا للفاتيكان أو فرنسا مستقبلا فتح نيرانهما على السلطات اللبنانية اذا قررت اتخاذ تدابير في حق مواطن مسيحي ترى أنه يشكل تهديدا لها”؟. وجزمت الاوساط بأن خطاب نصرالله شكل خرقا فاضحا للقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية التي وقّعها لبنان، فهي تمنع على أي كان التحريض على دولة أخرى أو تعكير علاقات لبنان بدولة صديقة، وهذا ما فعله نصرالله بالامس، متخطّيا موقف الدولة اللبنانية التي ترى في السعودية دولة صديقة، ومتخطيا سياسة النأي بالنفس التي تعتمدها، غير آبه بآلاف اللبنانيين العاملين في المملكة”.
في المقابل، برز إطمئنان من وزارة “الخارجية” الى ان لبنان موضوع خارج دائرة التخوف من أي إنعكاس للتصعيد الاقليمي، حيث أفاد مصدر فيها، “المركزية” انّ السفير السعودي لدى لبنان علي عواض عسيري لم يطلب من السلطات اللبنانية تعزيز الحماية للسفارة ويعتبر وفق ما يؤكد المصدر انّ لبنان الرسمي يولي الاهمية المطلقة لحماية السفراء وأركان ومقار السفارات في لبنان بحسب ما ينصّ عليه اتفاق “فيينا” وان الاحتياطات الامنية المتخذة في محيط مقر السفارة السعودية من ضمن واجب الدولة تجاه كل البعثات الديبلوماسية التي تعتمد طاقما لها في لبنان.
واعتبر المصدر انّ الخوف من ايّ ارتدادات لمواقف سياسية ضد السفارة السعودية في بيروت على خلفية إعدام السلطات السعودية الشيخ النمر أمر طبيعي، كما وانّ الإجراءات الامنية المتخذة تندرج في خانة التدابير الاحترازية.
الى ذلك، أشارت معلومات صحافية الى ان مسؤولا أمنيا كبيرا يعمل على خط مساعي ضبط الشارع الشيعي في لبنان، نقل رسالة الى قيادة “حزب الله” بضرورة إبقاء التصعيد ضمن الإطار الكلامي المعقول، لأنّ أيّ تحرك في الشارع ضدّ المصالح السعودية سيقابل بحزم مهما كلف الأمر.
هذا لبنانياً. أما إقليمياً، فأشارت مصادر دبلوماسية عبر “المركزية” الى أن اعدام النمر كشف مرة جديدة الكباش السياسي الحاصل داخل ايران بين النهج المعتدل الذي يمثله الرئيس حسن روحاني، والمتشدد الذي يشكّل رأس حربته مرشد الثورة آية الله علي خامنئي والحرس الثوري الايراني، وأخرج هذا الصراع الى العلن بوضوح. فساعات بعيد احراق السفارة والقنصلية السعوديتين في ايران، ردا على اعدام النمر، سارع روحاني الى ادانة الاعتداءات، مطالبا بتوقيف المهاجمين، ومعتبراً ان ما حصل غير مبرر على الاطلاق. ولفتت المصادر الى أن الشرخ الايراني في مقاربة الحوادث والتطورات الايرانية والاقليمية مرشح للازدياد مع اقتراب موعد انتخابات مجلسي الشورى وخبراء القيادة الايرانيين المقررة في 12 شباط المقبل، خاصة وأن الاستطلاعات تظهر تقدم خط روحاني بنسبة 55%، علما أن مجلس الخبراء منوط به اختيار المرشد الأعلى عند شغور المنصب بالوفاة أو أي سبب آخر.
واذ اعتبرت أن نبرة نصرالله المرتفعة أمس ما هي الا انعكاس للتوجه الايراني المتشدد، رأت المصادر ان كلامه شكّل ردا قويا من الحرس الثوري على تمسك السعودية بشروطها للقبول بأي انفتاح على طهران والتي تتمثل في مطالبتها بانسحاب الحرس الثوري من سوريا ووقف ايران دعمها لنظام الرئيس السوري بشار الاسد ووقف طهران تدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول العربية عبر مجموعات مذهبية توظفها لضرب أنظمة تلك الدول.
وأمام المشهد الملبّد في الاقليم، سألت المصادر عن مصير التسوية الرئاسية اللبنانية التي صاغ الفرنسيون خطوطها العريضة ولاقت قبولا من الجانب الايراني، وتولى الرئيس الحريري إخراجها، معتبرة ان مستقبلها مرتبط بالموقف الايراني منها، وما اذا كانت الكلمة الفصل في شأنها سيقولها المتشددون أو المعتدلون في طهران.