اعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في حديث لـ«الديار» ان مصرف لبنان اتخذ اجراءات عدة لمساعدة الاقتصاد الوطني ومنها اطلاق رزمة التحفيزات للتسليف التي يمكن ان تصل الى مليار ونصف المليار دولار في العام الحالي، كما سيضخ اموالاً في اقتصاد المعرفة التي سيخلق الاف فرص العمل للبنانيين.
لكن سلامة اكد انه لا يمكن للبنان ان يحقق ازدهاراً في ظل مشاكل داخلية وخطر امني ووضع المنطقة التي تشهد حروباً وعدم استقرار. معتبراً ان تحاويل اللبنانيين هي عامل مهم لتغذية لبنان.
واكد سلامة ان لبنان يعمل تبعاً للقوانين اللبنانية وتعاميم مصرف لبنان التي تأخذ بعين الاعتبار كل ما هو مطلوب عالمياً يبقى لبنان منخرطاً في العولمة المصرفية.
وتوقع سلامة ان يعمد الاميركيون الى رفع الفائدة واحد في المئة في العام 2016، واذا لم يقم لبنان بالاصلاحات المطلوبة فمن المؤكد ان ترتفع الفائدة في لبنان.
ورفض سلامة القول ان اطلاق منصة للتداول الكترونياً سيكون بورصة بيروت ثانية، لان المنصة تعم كل الاوراق المالية وبعضها غير موجود في بورصة بيروت، والهدف ليس المنافسة بل خلق تسهيلات اكثر وتسييل اهم لمساعدة الاقتصاد اللبناني والقطاع الخاص فيه.
واعتبر سلامة ان مستقبل لبنان اقتصادياً هو اقتصاد المعرفة وتطويره، معرجاً على القول ان الليرة اللبنانية ستبقى مستقرة والقطاع المصرفي سليم رغم ان نسبة النمو بلغت صفراً.
جاء ذلك في حوار مع سلامة لـ«الديار» على النحو الآتي:
* كيف تقيمون العام 2015 وماذا تتوقعون في العام 2016؟
ـ 2015 كانت سنة جيدة على الصعيد النقدي، بمعنى اننا تمكنا خلال هذا العام من تخفيض الفوائد المعمول بها من مصرف لبنان والقطاع المصرفي ثانياً تمكنت الدولة من تحقيق اصدارات رغم الصعوبات السياسية والامنية التي يعيشها لبنان، كما بقيت الليرة اللبنانية مستقرة دون تدخل مصرف لبنان وهذا يدل على الثقة، كما نمت الودائع بما يقارب الـ5 في المئة، واستمرت التحاويل الى لبنان رغم الصعوبات الموجودة في الدول التي يعمل فيها اللبنانيون، لان انخفاض سعر النفط يخفف السيولة المتداولة والتي يستفيد منها اللبنانيون اضافة الى انخفاض المواد الاولية ايضاً.
من ناحية اخرى، لبنان لم يتمكن من تحقيق النمو في العام 2015 والنسبة قريبة من الصفر في المئة وصندوق النقد الدولي كان يتوقع 2 في المئة، وميزان المدفوعات عانى من العجز.
في العام 2016، سيكون الواقع الحالي مستمراً ومؤثراً ولكن الليرة اللبنانية ستبقى مستقرة، وقد اتخذنا اجراءات عدة لمساعدة الاقتصاد الوطني منها اطلاق رزمة التحفيزت للتسليف التي يمكن ان تصل الى مليار ونصف المليار دولار هذه السنة، وسنضخ اموالاً من خلال هندسات مالية في قطاع اقتصاد المعرفة ومنها التعاميم التي سمحت بتنظيم القروض مع التجار والمقاولين والقطاع الخاص عامة التي تريّح الاقتصاد والبلد.
اما بالنسبة للقطاع المصرفي اللبناني فهو سليم وليس لدينا مشاكل في هذا القطاع، ونسبة السيولة فيه مرتفعة وملاءته جيدة. وقد حقق القطاع 12 في المئة من نسبة الملاءة حسب بازل 3.
من المؤكد ان اي خبر ايجابي يساعد الاقتصاد اللبناني، ولذلك علينا الانتظار.
} السلات التحفيزية }
* السلات التحفيزية كان لها مردوداً ايجابياً على الاقتصاد، ولكن رغم ذلك ما زال الاقتصاد يعاني ركوداً ومنكمشاً، هل يمكن لمصرف لبنان ان يستمر في اطلاقه السلات التحفيزية في ظل هذه الاوضاع السياسية والامنية؟
ـ لا يمكن اخذ لبنان بمعزل عن الواقع الذي يعيشه، اذا ما قارنا ما حصل في لبنان على ضوء تداعيات المنطقة والاوضاع الداخلية الصعبة، فانه يمكن القول اننا تمكنا من تحقيق انجاز للمحافظة على الاستقرار. هناك دول تجاورنا في منطقة البحر المتوسط فلسّت او عملتها انهارت، هناك دول في العالم العربي لا تملك السيولة وقد طلبت من صندوق النقد العربي وصندوق النقد الدولي المساعدة، لكن لبنان ما زال قادراً على تأمين تمويله بامكانياته الذاتية ويؤمن اقتصاده، لكن لا يوجد احد يمكنه ان ينتظر لكي يزدهر لبنان في ظل مشاكل سياسية داخلية وخطر امني ووضع المنطقة التي تشهد حروباً وعدم استقرار.
* استمرار الازمة السياسية الا ينعكس سلباً على الاوضاع الاقتصادية والمالية؟
ـ لقد انعكس والتوقعات للذين يعملون في السوق اللبناني اخذت بعين الاعتبار الوضع السيىء سياسياً. هناك مفاجآت تأتينا مثل انخفاض سعر البترول بهذا الشكل، او ارتفاع الفائدة الاميركية على الدولار هذه معطيات جديدة نعالجها بشكل تحفيز الطلب الداخلي، ولكنني اشدد على نقطة على انه لا يمكننا ان نأخذ الاقتصاد بمعزل عن البيئة التي يعيش فيها.
* تحدثت عن مفاجأة تراجع اسعار النفط، هل هذا يعني انه حدثاً سلبياً بالنسبة لنا؟
ـ يؤثر ايجابياً بمعنى اننا نستورد النفط بكلفة اقل، انما يؤثر سلباً لأن الدول النفطية هي تلك التي يعمل فيها اللبنانيون ويحولون اموالهم الى لبنان.
* يعني يمكن ان تتراجع هذه التحاويل على ضوء تراجع اسعار النفط المؤثرة سلباً علي الدول النفطية؟
ـ التحاويل هي التي تغذي البلد والاستهلاك الذي يأتي من اخواننا في دول الخليج يخف ويتراجع، لان الامكانيات تخف.
} قرار الكونغرس الاميركي }
* كيف تتعاطون مع قرار الكونغرس الاميركي القاضي بفرض المزيد من العقوبات المالية ضد حزب الله وطلب الامين العام للحزب حسن نصرالله من المصارف اللبنانية عدم الانصياع لهذا القرار؟
ـ نحن نعمل في لبنان تبعاً للقوانين اللبنانية، وتعاميم مصرف لبنان، تأخذ بعين الاعتبار كل ما هو مطلوب عالمياً ليبقى لبنان منخرطاً في العولمة المصرفية. من هناك المقياس الذي نتبعه هو القانون اللبناني.
* هل ستقومون بأي تحرك على هذا الصعيد؟
سأكتفي بما قلته لك.
وبالنسبة لرفع الفائدة الاميركية ربع نقطة هل استمرار انخفاضها سيؤثر على سعر الفائدة في لبنان وهل من تدابير يتخذها مصرف لبنان؟
ان ارتفاع سعر الفائدة الاميركية ربع في المئة لن يكون له التأثير السلبي ولكنه يعطي اشارة الى ان الفوائد سترتفع اكثر يعني انتهت الفترة التي كانت فيها الفائدة صفرا وابتدأت العودة الى الاوضاع الطبيعية من هذه الناحية. ويتوقع ان يعمد الاميركيون الى رفع الفائدة على الدولار بما مجموعه واحد في المئة في العام 2016 وربما واحد في المئة اضافية في العام 2017. اذا لم نقم بالاصلاحات اللازمة لتحسين من تقييم لبنان وملاءته فمن المؤكد ان ترتفع الفائدة في لبنان ليبقى هذا الفارق. ولكن اذا تمت اصلاحات فانها تسمح للبنان ان يبقى لبنان يمارس فؤائد مقبولة رغم ارتفاع الفائدة عالميا.
الجواب يكون عبر المبادرات التي من الممكن ان تأخذها الدولة اللبنانية لتحقيق الاصلاح لتحسين ملاءة البلد ويخفف من الفارق الموجود وهو 4.50 في المئة بين الفائدة في لبنان والفائدة في الخارج وبدلا من ان يكون الارتفاع في الخارج يقابله ارتفاع الفائدة في لبنان فإنه يمكن لهذه الاصلاحات ان تؤدي الى قبول هبوط في المئة وتبقى بالتالي الفائدة مستقرة.
تركزون في كل تصاريحكم وندواتكم على ضرورة اطلاق منصة للتداول الكترونيا في العام 2016، الا يشكل اطلاقها منافسة غير متكافئة مع بورصة بيروت؟ او تكون المنصة بورصة ثانية؟
ليس الهدف من اطلاق المنصة الالكترونية منافسة بورصة بيروت بل الهدف منها ان يكون لدينا سوق الكترونية تتواصل مع المصارف والمؤسسات المالية والمؤسسات المهتمة بالعمل المالي في لبنان ليصبح هناك تداول شفاف ومراقب على الادوات المالية اللبنانية. الفارق كبير مع بورصة بيروت التي لديها معايير معينة وشركات يمكن ادراجها وشركات لا يمكن ادراجها في ظل الشروط التي تطبقها. بينما يوجد في المنصة الالكترونية كل انواع الاوراق المالية اي اسهم لشركات تكون غير قابلة للتداول في بورصة بيروت ومنها اسهم الشركات الناشئة التي نقوم بتشجيعها، ومنها سندات تجارية حيث يمكن لمؤسسات اصدار سندات تجارية ويمكن للمصارف شرائها وتداولها مع بعضها البعض وهذه السندات غير موجودة في بورصة بيروت ومنها اسهم صناديق للاستثمار العقاري وهي ايضا ليست من اختصاص بورصة بيروت وانما هذه الاسهم تساعد السوق العقاري على تأمين سيولة اكثر في ظل وجود سوق منظم له ومنها سندات الدين وشهادات الايداع للمصارف ومصرف لبنان. اذن المواد الموجودة في منصة التداول هي مواد تختلف كليا عن مواد بورصة بيروت والهدف ليس منافسة بورصة بل خلق تسهيلات اكثر وتسييل اهم لمساعدة الاقتصاد اللبناني والقطاع الخاص في لبنان ونساعد الدولة ايضا في اصداراتها وتحركاتها.
وكذلك ركزتم على اقتصاد المعرفة هل ستؤمنون المزيد من الدعم لهذا ا لاقتصاد الذي اثبت نجاحه؟
اعتبر ان مستقبل لبنان اقتصاديا يرتبط بتطوير اقتصاد المعرفة. نحن اصبحنا في عالم حيث انخفضت كل ا لمواد الاولية والمادة الاولية التي على ارتفاع هي اقتصاد المعرفة والشركات الناشئة من وراء هذا القطاع يمكن ان تكون بالمئات وتوظف الآف اللبنانيين او تخلق فرص عمل لآلاف اللبنانيين وهذا القطاع سيعطي للبنان قدرة تنافسية في كل قطاعاته الباقية وسيعطي للبنان موادا يمكن تصديرهما وهو قادر على ذلك.
القطاع ناجح لاننا تمكنا من خلق ديناميكية اوصلت القطاع المالي باقتصاد والمعرفة. لبنان مستقبلا لديه 3 قطاعات اساسية ستدعم بقية القطاعات ومنها اقتصاد والمعرفة والقطاع المالي وربما في وقت لاحق الغاز والبترول.
ونحن ودعنا العام 2015 واستقبلنا العام 2016 ماذا يمكن ان يطمئن حاكم مصرف لبنان اللبنانيين على الصعيدين المالي والمصرف والاقتصادي؟
نتمنى لجميع اللبنانيين ان تكون هذه السنة سنة خير وسنقوم بواجباتنا، الليرة اللبنانية مستقرة، وسنبقى مستمرين في السهر على تحفيز الاقتصاد اللبناني.