اشارت مصادر وزارية الى ان رئيس الحكومة تمام سلام عندما وافق على اتخاذ قرارات مجلس الوزراء بالتوافق، إنطلق من نية حسنة ولم يكن يعتقد ان هناك من سيتذرع بموقفه لتعطيل مجلس الوزراء لأسباب واهية ولا تمت بصلة الى النصوص الواردة في الدستور في هذا الخصوص. واكدت المصادر الوزارية نفسها أن رئيس تكتل “التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون ومعه، بدرجة أقل، حليفه “حزب الله” بدأ يواجه الإحراج تلو الآخر على خلفية تعطيله مجلس الوزراء، إضافة الى مسؤوليته المباشرة حيال تعطيل النصاب المطلوب لانتخاب الرئيس.
واوضحت ان عون قد يلجأ تحت الضغط المحلي والدولي والإقليمي الى “تنعيم” موقفه في اتجاه الإفراج عن جلسات مجلس الوزراء اعتقاداً منه أنه يمنح الحكومة جائزة ترضية يمكن أن تخفف من مسؤوليته حيال بقاء سدة الرئاسة الأولى شاغرة.
وبكلام آخر، فإن عون – وفق المصادر عينها – وفي حال موافقته على إعادة الاعتبار للحكومة من خلال استئناف جلسات مجلس الوزراء، يظن انه يستطيع التعويض حكومياً عن تعطيل انتخاب الرئيس وبالتالي يتمكن من استيعاب الضغوط المحلية والخارجية التي يتعرض لها بسبب مواقفه هذه. وتضيف أنه لم يعد من خيار أمام عون، في حال تأكد له أن تمديد انتخاب الرئيس قائم لا محالة، سوى الاستجابة لتفعيل العمل الحكومي وإنما بحدوده الدنيا، أي قطع الطريق على مجلس الوزراء لمنعه من اتخاذ قرارات كبرى أو ذات طابع سيادي ما لم يوافق عليها.
ورأت المصادر أن عون وضع نفسه في الزاوية بسبب تعطيله مجلس الوزراء ووقوفه ضد انتخاب الرئيس ما لم يضمن الرئاسة لنفسه. وتقول إن الكرة هي الآن في مرماه وإن غالبية اللبنانيين باتت تحمله مسؤولية الالتفات الى مطالبها وحاجاتها. وتسأل عما إذا كان عون يخطط لتحويل الحكومة الى “مجلس بلدي موسع” يتولى تدبير شؤون اللبنانيين وإنما في مجالات محدودة جداً لا تسمح للحكومة باتخاذ قرارات سياسية، فيما يتصرف رئيس “التيار الوطني الحر” وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل كأنه فاتح على حسابه وهذا ما يتبيّن من خلال بعض مواقفه السياسية ذات الطابعين الاقليمي والدولي.
وسألت المصادر الوزارية عن الدوافع التي تملي على باسيل التصرف، وأحياناً من دون العودة الى مجلس الوزراء، مع انه يتحمل مسؤولية تعطيله. وقالت إن تنسيقه مع سلام مطلوب لكنه لا يكفي، وبالتالي لا يغطيه في اتخاذ مواقف باسم لبنان في المنتديات العربية والدولية من دون أن يحمي نفسه بغطاء المجلس مجتمعاً. وتؤكد أن مجلس الوزراء هو الذي يرسم السياسة الخارجية للبنان وأن رئيس الحكومة هو الناطق باسم حكومته، وتقول إن باسيل يرفض العودة الى المجلس مع انه يتصرف كأن الحكومة في أحسن أحوالها ولا تنأي بنفسها عن هموم اللبنانيين، علماً ان المسؤولية لا تقع على عاتق الرئيس سلام وانما على الذين يمارسون سياسة تعطيل كل شيء، اضافة الى ان إشادة البعض بمواقف الأخيرة وبصبره لا تكفي ولا تصرف بالمعنى السياسي في أي مكان.
واعتبرت هذه المصادر أن من يشيد بصبر رئيس الحكومة وبحكمته عليه ان يضغط على “تكتل التغيير والاصلاح” لوقف تعطيله مجلس الوزراء، خصوصاً أن من بين من يشيد بمواقفه هم حلفاء لعون ويحرصون على مراعاته ويلوذون بالصمت ولا يتدخلون لديه لإخلاء سبيل الحكومة لتأمين تفعيلها ووقف مسلسل الشلل الذي ترزح تحت وطأته. وابدت المصادر مخاوفها من أن تؤدي إعادة الاعتبار الى مجلس الوزراء لمعاودة تعطيله من الداخل أي أن يبقى جدول أعماله محصوراً في أمور روتينية ولا مكان للسياسة فيه… التي كانت غائبة في معظم الأحيان عن جلساته السابقة كأنها تصنع في مكان آخر خارج المجلس.