تبدي اوساط سياسية مواكبة لمسار التسوية الرئاسية المتعثرة شديد قلقها ازاء المصير الذي ستؤول اليه، اثر التطورات الاقليمية الساخنة التي سدّدت اليها الضربة القاصمة بعدما أصيبت بشظايا الاعتراض المسيحي والتحفظ السياسي من ابرز اركان قوى 8 آذار، حزب الله، الذي تمترس خلف ترشح رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون لتبرير رفض السير بها، وهي التي كان يفترض ان تحمل احد ابرز قيادات 8 آذار الى قصر بعبدا.
وتفيد الاوساط الوكالة “المركزية” بانّ المستجد خلال اليومين الاخيرين لم يضرب التسوية الرئاسية فحسب، انما يبدو قطع اي أمل بان يكون للبنان رئيس جمهورية قبل انجاز التسوية السورية، الا اذا بادر القادة المسيحيون، انطلاقا من وعي خطورة ربط الرئاسة بالازمة السورية، الى التجاوب مع مساعي بكركي للاجتماع حول المصلحة الوطنية العليا وتجاوز المصالح الخاصة والشخصية والاتفاق على رئيس توافقي. بيد ان الاوساط تستبعد الامر ما دام القادة الموارنة لم يتجاوبوا مع فكرة الاجتماع مجددا تحت قبة بكركي، لا بل غابوا عنها في عيد الميلاد ولم يزرها اي منهم لتقديم التهنئة لسيد الصرح في موقف قرأ فيه المراقبون تهربا من اي التزام بالتسوية الرئاسية وتجنبا للاحراج.
وعلى رغم العلم المسبق بمواقف القادة الموارنة، فان الجهود الكنسية لم تتوقف في هذا الاتجاه،اذ ما زال عدد من المطارنة يتحرك على خط محاولة حل العقد، كما تؤكد الاوساط لـ”المركزية” وان البحث جار عن مخرج لائق للتسوية التي أكد البطريرك مار بشارة بطرس الراعي انه يؤيدها من دون التزام بالاسماء، ليقينهم بأن الفرصة اذا ضاعت اليوم فلا رئاسة في الافق المنظور، والى حين انجاز التسوية في سوريا، بعدما ربط بعض اطراف الداخل الاستحقاق بالشأن الاقليمي والمسار التصعيدي في العلاقات بين دول الاقليم. ويراهن البعض على ان عودة سفراء الدول الكبرى الى بيروت قد تسهم نوعا ما في اعادة تفعيل التسوية، ذلك ان ادارات دولهم تبدي قلقا كبيرا على الاستقرار في لبنان وتحث على انتخاب رئيس في غض النظر عن هويته واسمه.
وتشدد الاوساط على ان التداعيات التي خلّفها التصعيد الاقليمي بين السعودية وايران أثبت بما لا يرقى اليه شك ان الورقة اللبنانية ما زالت حاجة ايرانية تستخدم في المفاوضات لتعزيز الاوراق في مجال تسوية الازمة السورية ولن تتخلى عنها بالسهولة التي اعتقدها البعض حينما تم تسويق المبادرة، لا بل ستزداد تمسكا بها الى حين معرفة طبيعة الحل السوري ومصير الرئيس بشار الاسد وحجم الدور الايراني في العملية برمتها وفي منطقة الشرق الاوسط ككل.
وتشير الاوساط باهتمام بالغ الى الموقف الذي اعلنه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد اليوم لتعتبره مثابة رصاصة الرحمة على التسوية الرئاسية بعدما نعاها رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة منذ ايام، اذ قال رعد ما حرفيته: “إن كل ما يجري من محاولات لإجراء صفقات وتسويات تحت عنوان إعادة الاستقرار لهذا البلد، إنما هدفها رسم مسار إخضاع هذا البلد لسياسات هذه المملكة أو تلك الدولة الكبرى، وعليه فإنه يجب أن نكون عارفين بما يجري من حولنا، فالمسألة ليست مسألة شخص نسلّمه موقعاً في رئاسة الجمهورية، ثم لا يجد صلاحيات يستطيع أن يحكم بها البلاد، لأن كل الصلاحيات مصادرة من قبل الشخص الموكل بحفظ سياسات هذه المملكة أو تلك الدولة”.