اعلن مجلس الخدمة المدنية في 30 تشرين الاول 2014، النتائج النهائية في المباراة المحصورة لملء بعض المراكز الشاغرة في وظائف الفئة الثانية في ملاك الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بموجب القرار رقم 782/2، ولكن هيئة مكتب مجلس إدارة الصندوق، بدل أن تتخذ القرار بتعيين هؤلاء، عمدت الى تمديد تعيين رؤساء المصالح الذين يشغلون هذه المراكز بالوكالة لمدة 6 أشهر في المرة الأولى ثم لمدة ستة اشهر ثانية انتهت في 31/12/2015، وذلك الى حين الاتفاق على تسوية بين اعضاء هيئة المكتب تقضي بتعيين “بعض الراسبين والنافذين بالوكالة في مقابل تعيين الناجحين”.
اجتمعت هيئة مكتب الضمان في 29/12/2015 وعلى جدول اعمالها تعيين هؤلاء الناجحين، لكن وبعد نقاشات محتدمة بين اعضائها قررت عدم تجديد او تمديد وكالات الموظفين وكذلك ارجأت بت تعيين الناجحين، بما يؤدي الى شغور في هذه الوظائف الحساسة في الصندوق. أمام هذا الواقع، عمد المدير العام للضمان محمد كركي الى اتخاذ قرار في 31/12/2015 بتمديد الوكالات لـ 4 رؤساء مصالح من أصل 9، على اعتبار ان الوكالات الخمس الباقية ممددة حكماً. وطلب كركي في مذكرة رقمها 125 تاريخ 31 كانون الثاني 2015 من “رؤساء المصالح المعينين بالوكالة والتي انتهت وكالاتهم بتاريخ 31/12/2015، الاستمرار في تأمين أعمال المصالح التي يشغلونها بالوكالة، لحين تعيين الناجحين في وظائف الفئة الثانية أو تمديد وكالاتهم. أما الذين شملهم القرار فهم: رئيس مصلحة المحاسبة بالوكالة ايلان بجاني، رئيس مصلحة الشؤون الادارية بالوكالة عدنان فرحات، رئيس مصلحة المستشفيات بالوكالة مهى حيدر (تبلغ السن القانونية في 19/01/2016)، رئيس الاطباء بالوكالة الدكتورة ليلى الهبر. إلا أن بجاني، فاجأت الجميع برفضها تنفيذ القرار لـعدم قانونيته، معلّلة ذلك بأن اصدار قرار مماثل ليس من صلاحية المدير العام، بل من صلاحية هيئة المكتب. من هنا تؤكد مصادر في الضمان، أن الشغور في المحاسبة هو شغور في كل عمليات القبض والدفع في الصندوق، بما يعني توقف كل معاملات المضمونين التي تحتاج الى توقيعها، وستبقى تاليا معلّقة الى حين تعيين الناجحين.
فما الذي يمكن أن يجري في الصندوق خصوصاً أن مجلس الخدمة المدنية اعتبر في أحد آرائه المبدئية عام 2011 (كتابه رقم 1874 تاريخ 29/6/2011 الموجه الى وزارة الزراعة)، أن الوظيفة التي أجريت في شأنها مباريات وصدرت نتائجها لا يجوز إشغالها بأي طريقة من غير الناجحين في المباراة، مشيراً الى أن هذه الوظيفة هي بحكم المحجوزة للناجحين ويعود لهم الأفضلية في التعيين فيها طيلة فترة العمل بلائحة الناجحين، ولا يمكن للإدارة اعتماد أي طريقة أخرى لإشغال هذه الوظيفة ما دامت لائحة الناجحين لم تستنفد مفعولها، لذلك فإنه لا يجوز التجديد لا الضمني ولا الصريح لأي وظيفة أجريت مباراة لإشغالها، ولا يمكن ان تعتمد الادارة أي طريقة أخرى لإشغال هذه الوظيفة ما دامت لائحة الناجحين لم تستنفد مفعولها. إلا أنه وأثناء المناقشة في جلسة هيئة المكتب في 29/12/2015، عرض أحد أعضاء هيئة المكتب أن يقوم المدير العام بتسيير المرفق العام، فكيف يمكن أن يتم ذلك؟.
وفق مصادر الضمان، تنص المادة 43 من نظام المستخدمين – الفقرة الخامسة على الآتي: “تحدد مدة الوكالة بسنة، وتجدد تلقائياً لسنة أخرى في حال عدم اتخاذ قرار بتجديدها أو إلغائها من سلطة التعيين شرط أن يكون المستخدم الوكيل قد تقدم، قبل انتهاء مدة وكالته بشهرين، بطلب بطريق التسلسل إلى سلطة التعيين لتجديد وكالته”. تتحدث هذه الفقرة عن تجديد صريح وآخر ضمني لسنة أخرى، إلا أن هيئة المكتب رفضت التجديد الصريح حتماً، وأوصدت الطريق أمام التجديد الضمني وهذا ما تثبته جلسات هيئة المكتب السابقة وخصوصاً رأي رئيس اللجنة الفنية الذي اعتبر أنه لا يجوز تجديد الوكالات. لذا فإن قرار تجديد الوكالات للموظفين الذين يقومون بتسيير هذه المصالح المتنازع عليها، رفضته هيئة المكتب. ويبرز في هذا المجال رأي قانوني مدعّم بالآراء والاجتهادات القضائية يفيد بأن لا سبيل أمام المدير العام إلا أن يكلّف رؤساء المصالح الناجحين بتسيير هذه المصالح حتى يحين تعيينهم نهائياً من هيئة المكتب، خصوصاً أنه لا يوجد أي مانع بتعيينهم، في حين ان المانع بتكليف الوكلاء ثابت في رفض هيئة المكتب لتجديد الوكالات، علماً أن اتخاذ القرار في استمرار الوكلاء بأعمالهم يرتب مخالفة قانونية لا سيما أن لهذا القرار تبعات مالية قد تستدعي تدخل النيابة العامة لدى ديوان المحاسبة في حال استمرارهم بأعمالهم، وذلك بسبب استحقاق بدلات التمثيل للوكلاء والساعات الإضافية التي تعتبر جزءاً من الدخل الذي يتخذ اساساً لاحتساب تعويض نهاية الخدمة، خصوصا ان موعد إحالة بعضهم الى التقاعد اقترب.
السؤال الذي يفرض نفسه في هذه الحال: هل يصوّب المدير العام الامور، كما فعل في ملف الفئة السادسة حين عيّن الناجحين في مباراة مجلس الخدمة، أم أن الشغور سيحكم عمل الصندوق بدءا من اليوم اذ سيتوقف عمل كل مصالح الصندوق الأساسية بما فيها معاملات المضمونين؟