IMLebanon

لماذا الاختلال الحاصل بين حجم الاقتصاد وتطوّر المصارف؟

BanksAssociation4
ابراهيم عواضة

يتعايش الاقتصاد اللبناني، والقطاع المصرفي على ساحة واحدة، لكن في علم الارقام، والواقعية فهما يغردان في سماء مختلفة. حجم الاقتصاد يتنامى، لا سيما منذ العام 2012 ببطء شديد، بينما حجم القطاع المصرفي يحلق عالمياً ويقفز بنسب كبيرة.
الارقام تشير الى ان حجم القطاع المصري اللبناني بلغ لتاريخه نحو 4 مرات حجم الاقتصاد اللبناني، اي الناتج المحلي الاجمالي للبنان. هذه مقارنة قل مثيلها في العالم، حيث العادة او كما يقول المنطق الاقتصادي ان يكون حجم الاقتصاد هو الاكبر، او اقله ان يتوازن حجم الاقتصاد مع حجم القطاع المصرفي.
في لبنان كل الامور يمكن ان تتصورها، وان تعتاش معها، ازمات سياسية موسمية بالجملة، اوضاع امنية غير مستتبة، تعطيل في عمل المؤسسات، فساد وهدر مالي وفوضى في المالية العامة (عشر سنوات ولبنان من دون موازنة). في لبنان نمو اقتصادي صفر في المئة، يقابله نمو في القطاع المصرفي بنسبة 6 في المئة. في لبنان اقتصاد منهك وقطاعات تواجه الانهيار، ولكن في لبنان ايضاً قطاع مصرفي ينمو، يكبر، يحقق الارباح، وحتى انه يدعم ويموّل القطاع الخاص والدولة اللبنانية.
الخبراء والباحثون في الشأن الاقتصادي اللبناني يتجنبون الخوض في ظاهرة الاختلال الحاصل بين حجم تطور الاقتصاد وحجم تطور القطاع المصرفي، ومن ثم يتجاوزون تحليل وتفسير اسباب، وسلبيات هذه المظاهرة لينتهوا الى التأكيد على ان المحصلة هي لمصلحة الاقتصاد الذي يواجه منذ العام 2012 تحديات سياسية وامنية محلية واقليمية عطّلت الى حد كبير محركاته الاساسية في السياحة، الاستثمارات، العقار والصادرات، النمو الكبير في حجم القطاع المصرفي ساهم في تمكين هذا القطاع من توفير عناصر الدعم للاقتصاد المنهك من خلال التسليفات التي وفرها ويوفرها لمختلف القطاعات الاقتصادية، وكان تالياً وراء منع انهيار اكثر من قطاع. النمو في حجم القطاع اتاح له ان يساهم في تغطية عجز الموازنة المتمادي منذ سنوات فحافظ بذلك على الدولة وهيبتها المالية، وحال تالياً دون سقوطها لا سمح الله.
بمعنى اوضح ان تطور حجم القطاع المصرفي غطى ضعف حجم الاقتصاد وحال ويحول حتى الساعة في منع دخوله دائرة الانهيار.

وبالعودة الى تطور حجم كل من الاقتصاد وحجم القطاع المصرفي يتبين الآتي:
اولاً: حجم تطور الناتج المحلي (حجم الاقتصاد) خلال الفترة 2005 ـ 2015 (مليار دولار).
في 2005 بلغ حجم الناتج المحلي 21.29 مليار دولار، وفي 2006 ارتفع الى 21.80 مليار دولار، وفي 2007 الى 24.58 ملياراً، وفي 2008 الى 28.83 ملياراً، ثم الى 35.14 ملياراً في 2009، 38.01 ملياراً في 2010، ثم سجل 40.08 مليار دولار في 2011، و42.96 مليارا في 2012، و45.02 مليار دولار في 2013 و47.50 ملياراً في 2014 و50.82 ملياراً في 2015.
يستدل من هذا الجدول ان نمو الناتج المحلي خلال الفترة كان بطيئاً ومتقلباً وذلك على ما يبدو بتأثير اولاً من تركيبة هذا النظام الريعي وثانياً بتأثير من الاحداث السياسية والامنية.
ثانياً: تطور الميزانية العامة للمصارف (حجم القطاع المصرفي) (مليار دولار):
في 2006 بلغ مجموع ارقام الميزانية العامة للمصارف 91.494 مليار دولار، وارتفع هذا الرقم في العام 2007 الى 101.435 ملياراً، ثم الى 117.253 مليار دولار في 2008، ثم الى 124.367 في 2009، الى 129.569 في 2010، ثم الى 141.178 في 2011، الى 151.439 في 2012، ثم الى 164.821 مليار دولار في 2013، ثم الى 175.7 ملياراً في 2014، وبلغ في الشهر الاخير من العام 2015 (181.7 مليار دولار).
يتبين من هذا الجدول حجم التطور الكبير والسريع في الميزانية العامة للمصارف، وتالياً يتبين حجم الثقة التي يحظى بها القطاع.