رأى وزير الداخلية الأسبق مروان شربل أن التوترات الإقليمية وإن ترددت اصداؤها سياسيا على الساحة اللبنانية، الا انها حتما لن تتطور الى ترددات امنية، خصوصا ان القيادات السنية والشيعية في لبنان لديهم ما يكفي من الحكمة والبصيرة لمنع المذهبيين من الانزلاق إلى لعبة الموت الامنية، لاسيما ان تجربة الحرب الاهلية البغيضة (1975 – 1989) اثبتت انه لا قدرة لأي فريق لبناني على الغاء فريق آخر او حتى الانتصار عليه بأي مكان، لا بل اثبتت ان قدر اللبنانيين على الرغم من سقوط مائتي ألف قتيل من جميع المذاهب والطوائف اللبنانية، هو التلاقي والمصالحة والتفاهم والحوار، داعيا بالتالي الجميع الى الهدوء والتروي في مقارنة التطورات الإقليمية والى سحب اللغة الخطابية النارية غير المجدية في تحصين لبنان امنيا.
ولفت شربل في حديث لصحيفة «الأنباء» الكويتية الى ان الحوار بين المكونات اللبنانية عموما وبين السنة والشيعة خصوصا، اصبح ضرورة وطنية ملحة اكثر من ذي قبل، ليس بسبب تفاقم الازمة الاقليمية وحسب، انما لإيجاد الحل المرجو في إخراج البلاد من مستنقع الفراغ الرئاسي، او اقله لتفعيل عمل الحكومة ومجلس النواب بما يحصن الداخل اللبناني سياسيا وامنيا واجتماعيا، خصوصا ان خطر حدوث عمليات اغتيال سياسي وارباكات امنية متفرقة على مساحة الوطن، مازال قائما، ليس بهدف خلق الفتنة انما لتسهيل تسلل اجندة الارهاب الى الداخل اللبناني، مشيرا بمعنى آخر إلى أن الساحة اللبنانية مفتوحة على جميع الاحتمالات باستثناء احتمال اندلاع الفتنة المذهبية لم ولن تتحقق، معربا بالتالي عن خشيته من انتقال الارهاب والمزعجين من مناعة الجسم اللبناني، من أسلوب السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة إلى اغتيال شخصيات سياسية رفيعة ومهمة ووازنة لتحتيم قيام خلافات دموية بين اللبنانيين وسحبهم الى لعبة الموت، لذلك يؤكد شربل ان الاغتيالات والارباكات الامنية ان حصلت، فإن الحوارات القائمة حاليا بين مختلف الفرقاء اللبنانيين كفيلة بتبديد ارتداداتها السلبية على كامل الاراضي اللبنانية.
وردا على سؤال حول قراءته لمبادرة الرئيس الحريري وكيفية الوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية، لفت شربل الى ان ما بعد اتفاق الطائف ليس كما قبله، بحيث ان مشهد الصوت الحاسم الذي اوصل الرئيس الراحل سليمان فرنجية الى سدة الرئاسة في العام 1970، لم يعد موجودا بفعل الاتفاق المذكور الذي فرض التوافق بين اللبنانيين بكل شيء حتى بالاستحقاقات الدستورية، ما يعني من وجهة نظر شربل ان العودة الى مجلس النواب لانتخاب رئيس على قاعدة المنافسة الديموقراطية، اصبحت من الماضي، وحل مكانها الزامية التفاهم والتوافق على شخص الرئيس العتيد، وهو ما ينسحب بفعل الاتفاق نفسه على شخص رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب وعلى كل التعيينات الامنية والادارية والقضائية، لذلك يؤكد شربل انه واهم من يعتقد ان بإمكان الاستحقاق الرئاسي اجتياز الفراغ من خارج التفاهم بين جميع الفرقاء اللبنانيين.
واستطرادا ختم شربل مشيرا في سياق رده على الاسئلة الى ان بعض الاصلاحات السياسية قد تكون مفيدة في اعادة ترتيب وتنظيم البيت اللبناني على قاعدة تنظيم توازن القوى بين الطوائف اللبنانية، الا ان المطلوب قبل البحث بالعملية الاصلاحية هو تطبيق اتفاق الطائف نصا وروحا لمعرفة مكمن العيوب فيه ولفصل الخيط الابيض عن الاسود بهدف تنظيم الخلافات السياسية عبر وضع ضوابط لها، وذلك لضمان عدم انزلاق البلاد عند كل اختلاف في وجهات النظر بين اللبنانيين الى التعطيل والشلل.