كتبت ناتالي إقليموس في صحيفة “الجمهورية”:
“الصَبر” كانت الكلمة الأكثر تكراراً في اللقاء الذي جمعَ أهالي العسكريين المخطوفين لدى “داعش” مع رئيس الحكومة تمّام سلام، في حضور الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير، في السراي الحكومي أمس.
“بصراحة، خابَ ظنّي”، تُتَمتِمُ وَضحة، زوجة الجنديّ المخطوف خالد مقبل حسن، وهي تتأمّل ولدَيها مقبل إبن السنوات الثلاث وآزاد ابنة السنتين. بغَصَّة تُحدّق إليهما وهما يسابقان ظلالهما، متمنّيةً أن يباغتهما ظلّ والدهما. وبحسرة تَروي لـ”الجمهورية”: “لبَّينا دعوةَ الرئيس سلام على أمل أن نسمعَ ما يبَرِّد أعصابَنا، ولكن عُدنا خاليَي الوفاض، دعانا مراراً لكي نصبرَ ونتريّث”.
وأضافت: “المؤسف أن لا أحد من السياسيين يعيش الوضعَ الذي نحن فيه، لذا “الجَمرة ما بتحرق إلّا مطرحا”، ماذا عساي أقول لابنتي التي لم يتسنَّ لها بعد التعرّف إلى والدها إلّا بالصورة ؟ كم علينا الانتظار”؟
حالُ وضحة كغيرها من العائلات التِسع، المطلب واضح: “نريد أيَّ تسجيل صوتيّ أو صورة تؤكّد أنّ أولادنا أحياء”. فتَصرخ “بَدنا أي دليل إنّن طيّبين، لنعرف حالنا”.
بين الترقّب والتصعيد
في وقتٍ تبدو الأمّهات على أعصابهنّ، يبدو الآباء أكثرَ تماسكاً، فيصف حسين يوسف والدُ العسكري المخطوف محمد، لقاءَ سلام بأنّه لـ”تقوية المعنويات، ولكن بما أنّه افتقَر إلى أيّ دليل أو معطى جديد يُطَمئننا، بدت ملامحُ الخيبة على وجوهنا”.
ويَشرح يوسف تفاصيلَ الاجتماع، قائلاً: “أثنى سلام على موقف أهالي العسكريين الذين صبَروا إلى حين تحرير 16 من أبنائهم، على اعتبار أنّهم لم يَنجرّوا إلى وسائل قد تَدفعهم للتصعيد. كذلك أكَّد أنّ الحكومة مستمرّة في متابعة الملفّ”.
وسط سخط الأهالي العارم، يؤكّد يوسف “أنّ التصعيد سيكون في أوانه”، قائلاً: “أدعَم فكرة الأهالي بالتصعيد، مع العِلم أنّنا في مرحلة ترَقّب للنظر إلى ما قد ستَؤول إليه الأمور، والتحرّك وارد في أيّ لحظة”. ويشير إلى بعض المواعيد التي يَطمحون إليها، ومنها “لقاء قائد الجيش العماد جان قهوجي”.
أسبوع الحسم
أمّا نظام مغيط شقيق المعاون المخطوف إبراهيم مغيط، فيَبدو أكثرَ إلحاحاً للتصعيد، بعد تأسُّفِه لعدم سماع أيّ معطى جديد. ويروي لـ”الجمهورية”: “بخيبة خرَجنا من اللقاء الذي دامَ قرابة نصف ساعة، لقد وجَدنا أنّ “الوضع لوَرا”… تأمَّلنا أن نلمس تطوّراً في مكان ما، ولكنّ الأمور تُراوِح مكانَها”.
ويسأل بنبرةٍ حاسمة: “كيف نتأكّد من أنّ الشباب أحياء؟ لا صورة، لا تسجيل، لا خبَر رسمياً! فلم نتبَلّغ أيّ عنصر إيجابي، والواضح أنّ الدولة لا عِلمَ لديها بشيء حتى الآن”.
ويضيف: “مطلعَ الأسبوع المقبل سنقوم بعددٍ من الزيارات وعلى إثرها سنعود إلى التصعيد لا محالة، يومياً نقترب من اتّخاذ هذا القرار تزامُناً مع ارتفاع منسوب الخوف في داخلنا”.
أكثر ما يَحزّ في قلب مغيط وبقيّة العائلات حربُ الأعصاب التي يعيشونها، فيقول: “إنتظرنا أكثر من عام ولم يصِلنا أيّ خبر عن الشباب، نخشى أن ننتظر أكثر ليصلنا أوّل خبر، ومن ثمّ ننتظر سنوات لتبدأ ملامح التفاوض ترتسِم، وبحراً من السنوات لنصل إلى الخواتيم السعيدة”.
“الخرطوشة الأخيرة”
في وقتٍ ملَّ الأهالي الانتظار، وبدأت الخيبة تَتسلّل إلى قلوبهم، يتهامس بعضُهم مستنجداً بـ”آخِر خرطوشة”، كما يَحلو لهم وصفُها، مراهنين على أنّ تأجيل جلسات أحمد الأسير المتتالية، من العام المنصرم إلى الحالي، قد يَحمل بذورَ مشروع صفقة قد تنضج مع الوقت شرط معرفة الاستفادة منها.
فهل تُطابق حسابات حقل الأهالي حسابات بيدر الجهة الخاطفة؟ أم سيكون للدولة اللبنانية حسابات مغايرة لتثبتَ سيادتها وقدرتَها على الضرب بيَدٍ من حديد مجدّداً؟