Site icon IMLebanon

الأسد يستعيد الروح من بوابة الرئاسة اللبنانية!

 

كتبت روزانا بومنصف في “النهار”:

تأجيل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الى 8 شباط المقبل، أي شهرا كاملا، فيما كانت الاستعدادات في جلسة 16 كانون الاول الماضي تدور حول النصاب والاصوات المحتملة التي ستؤدي الى انتخاب الرئيس، شكل ترجمة معبرة بالنسبة الى مصادر سياسية عن تمديد طويل للشغور الرئاسي على وقع عدم نضج ما سمي تسوية رئاسية محتملة على وقع تفجر الخلاف السعودي-الايراني على خلفية إعدام السعودية 46 شخصا من بينهم الشيخ الشيعي نمر النمر، وإحراق السفارة السعودية في ايران. وعلى رغم الدعوة الى جلسة للحكومة تعقد الخميس المقبل، وفي جدول أعمالها أمور إدارية لا تستلزم توقيع الوزراء مراسيم محددة، لا تفاؤل فعليا لدى هذه المصادر بما يمكن اعتباره تفعيل العمل الحكومي، كبديل من فشل التوصل الى اتفاق في شأن الانتخابات الرئاسية. وتكشف هذه المصادر أن وزراء التيار العوني يشترطون تحريك التعيينات في المجلس العسكري تحت طائل العودة الى اعادة البحث في قيادة الجيش، وتضامن “حزب الله” معهم لن يسمح بتفعيل الحكومة على رغم الكلام والتصريحات التي تصب في هذا الاطار.

وفي الموضوع الحكومي كما في موضوع رئاسة الجمهورية، دخلت عناصر جديدة لا يمكن تجاهلها الى جانب التعقيدات التي نشأت أصلا. وآخر هذه العناصر الروح العائدة الى رأس النظام السوري بشار الاسد الذي لم يخف أمام زوار على ذمة المصادر السياسية المعنية أن له رأيه في موضوع الرئاسة اللبنانية بحيث لا يجوز تجاوزه. هذه الروح عادت الى الاسد، ليس تبعا للدعم الروسي الذي أمن له البقاء في منصبه ومنع خسارة المزيد من الاراضي أمام المعارضة، بل ايضا القرار 2254 الذي صدر في 18 كانون الاول الماضي عن مجلس الامن والذي أهمل الاشارة الى مصير الاسد، متحدثا عن مدة سنتين للوصول الى نهاية المرحلة الانتقالية. وعلى رغم تداول وسائل الاعلام ما تردد عن انه خطة او خريطة اميركية تحدد آذار 2017 موعدا لتنحي الاسد، يبدو أن قرار مجلس الامن معبر على نحو واضح في هذا الاتجاه. فقد تحدث عن المسار السياسي الذي سيؤدي الى خروج الاسد بعد سنتين، آخذا في الاعتبار انتهاء ولاية اوباما في خريف السنة الحالية، وانتخاب رئيس اميركي جديد والافساح في المجال امام الادارة الاميركية للبدء بالعمل. وهذا القرار كان من شأنه إعادة الروح الى الاسد الذي ضمن بقاءه من دون أي مواقف فاعلة أو مؤثرة يمكن أن تطالب بتنحيه أو برحيله في حال التسليم جدلا بأن هذه المواقف أقلقت الاسد فعلا في المرحلة الماضية، وكان طموحه الحصول على غض نظر أميركي، إن لم يكن على رضى اميركي لبقائه. وليس غريبا او مستغربا في ضوء ضمان الاسد بقاءه في موقعه، ألا يحاول ليس فقط فرض إيقاعه على اي تسوية او حل سلمي في سوريا فحسب، بل ايضا استعادة بعض الحيثية السياسية من خلال التأثير في لبنان، وهو تأثير حاصل فعلا من خلال تعطيل عمل الحكومة التي يرأسها الرئيس تمام سلام عبر حلفائه في قوى 8 آذار، وتاليا، وفي ضوء ما ابلغه الى زواره، فإنه ينوي ان يكون له كلمة في الملف الرئاسي الذي وصل اخيرا الى دعم الرئيس سعد الحريري ترشيح النائب سليمان فرنجيه. والكلام الذي صدر عن مسؤولي “حزب الله” ونوابه في الاسابيع الثلاثة الأخيرة، وقبل انفجار الازمة بين السعودية وايران، ركز في مقابل تلقفه الهدية الثانية التي قدمها الحريري، وهي دعم ترشيح فرنجيه، بعد مبادرة مماثلة قبل عام تمثلت بدعم ترشيح عون- وهو ما يعني تقديم اغلى الهدايا التي يمكن ان يقدمها الحريري من الموارنة الى الحزب- على انه بات يتعين على الحريري ان يقدم من كيسه الشخصي، والسني تحديدا. واستكمالا لمنطق استعادة الاسد الروح بالقرار 2254، سيكون صعبا جدا ان تسلك المبادرة الرئاسية بدعم ترشيح فرنجيه المسار المتوقع لها. إذ إن منع عودة الحريري التي أعلن فيها الحزب ما يضمره فعلا في هذا الشأن، سيكون مسألة حيوية بالنسبة الى النظام السوري الذي يستحيل ان يقبل الحريري رئيسا للحكومة في لبنان في السنتين المتبقيتين له في الحكم في سوريا، في حال التسليم جدلا بأنه لن يبقى سوى هاتين السنتين، ولو مع استمرار الحرب والتدمير والقتل على نحو يومي.

من هذه الزاوية فان الكلام على تجميد لما سمي مبادرة رئاسية قد لا يكون في مكانه، خصوصا في ضوء السقف الذي وضعه الحزب والذي قضى بالقول ان ليس عليه هو ان يقنع العماد ميشال عون بالمبادرة التي تؤدي الى انتخاب فرنجيه، راميا الكرة في ملعب الحريري بالذات من أجل ان يقنع عون باحتمال ترؤسه الحكومة ايضا، على استحالة هذه المهمة، مما يعني انه كما في السابق، جعل عون معبرا قبل الوصول الى الحزب كمحطة نهائية يغربل فيها الامور، ويدرس اذا كان يمكن ان يوافق على عودة الحريري الى رئاسة الحكومة ام لا. وبين المعبر الذي يشكله عون والمحطة التي يشكلها الحزب، اذا كان سيتم تحريك المبادرة فانه ينبغي البحث جديا في ما تتجه اليه الامور، بما يعني عمليا اعادة البحث في كيفية الوصول الى هذا الواقع وكيف يمكن تجنب الاخطاء التي ارتكبت وتجاوزها، اقله وفق ما تعتقد هذه المصادر.