كتبت ريتا صفير في صحيفة “النهار”:
ترجم “ترحيل” رئيس مجلس النواب نبيه بري جلسة انتخاب رئيس للجمهورية الى 8 شباط المقبل كلامه في “الأربعاء النيابي” عن وضع الاستحقاق الرئاسي في الثلاجة، بقي تصاعد التوتر الايراني-الخليجي وتداعياته لبنانيا، محط أنظار اللاعبين الاقليميين والدوليين، عشية استحقاقات عدة. لعل أبرزها بدء “العد التنازلي” نحو انطلاق المفاوضات في جنيف بين المعارضة السورية والنظام، في 25 الجاري، بموجب القرار الدولي 2254.
تزامنا مع التحرك الاممي الذي عكسته حركة المبعوث الدولي الى سوريا ستيفان دي ميستورا في اتجاه العواصم الاقليمية ومنها طهران، جددت منسقة الامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ دعوتها الى انهاء الشغور الرئاسي خلال جولاتها على المسؤولين. وتكشف مصادر ديبلوماسية غربية مجموعة خطوات طبعت المشهد الاقليمي ومن شأنها ان تلقي بثقلها على الساحة اللبنانية في المرحلة المقبلة، في مقدمها:
-ان الميدان السوري لم يعد “ملعب” طهران بعد 4 أشهر على الدخول الروسي على خط الازمة السورية. وبينما غدا الساحل السوري جزءاً من “الاوقاف الروسية” لأسباب جيوسياسية ونفطية، باتت دمشق والمحيط “ورقة قوة” النظام على طاولة المفاوضات. وذلك في وقت يتجه الميدان اليمني الى تثبيت العملية السياسية عبر أحكام التحالف العربي سيطرته على المرافق البحرية والجوية.
– رغم استمرار التحالف الايراني-الروسي “حتى إشعار آخر”، تتحدث المصادر الديبلوماسية الغربية عن تراجع روسي في رعاية “المشروع الراديكالي الشيعي”، وذلك في حين تسعى موسكو الى تعزيز علاقاتها بالعالم الاسلامي، بغالبيته السنية. وهو سعي كلله التوجه الروسي المتواصل الى تثبيت الوضع العربي- الاسرائيلي عبر خطوات متلاحقة حفلت بها الأسابيع الماضية. لعل أبرزها، الزيارة التي قام بها الموفد الروسي الخاص الى سوريا الكسندر لافرانتيف لإسرائيل في 24 الشهر الماضي على رأس وفد رفيع. وبحسب المصادر الديبلوماسية الغربية، فقد أثار الطرفان مواضيع ذات اهتمام مشترك، بدءا من ضبط الهجمات عبر الحدود السورية، مرورا بتعزيز التنسيق لجهة منع وصول الاسلحة الى “حزب الله” في لبنان عبر سوريا، وصولا الى تعهد القوى المشاركة في “اجتماع جنيف” وقف شن الهجمات المباشرة وغير المباشرة على اسرائيل. وكان الموفد الروسي زار بغداد والأردن ومصر والامارات العربية المتحدة للغاية نفسها، علما أن جولاته استثنت بيروت وطهران فالرياض التي ما زالت تعاني تداعيات اغتيال قائد “جيش الإسلام” زهران علوش.
-تراقب المصادر الديبلوماسية الغربية -من كثب- تداعيات القيود التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على التحويلات المالية والحسابات المصرفية لعناصر من “حزب الله”، ومسؤولين في “الحرس الثوري الإيراني”، الى عدد من المؤسسات التي يتهمها الأميركيون بتمويل نشاطات الحزب. ويبدو ان تداعيات هذه الإجراءات، معطوفة على الخطاب الناري الأخير للأمين العام “لحزب الله” حسن نصرالله ، فإطاحة الحزب المبادرة الرئاسية القاضية بترشيح النائب سليمان فرنجية، تعزز اتجاهات تحول لبنان “ورقة ايرانية” بامتياز في هذه المرحلة المفصلية. أما الدعوات الى تعزيز عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية، واعادة اطلاق الحوار “بنسختيه”، الثنائية والجماعية، كبديل من اتمام الاستحقاق الرئاسي، فتبدو، وفقا لهذه المصادر، غير ذات جدوى ولاسيما انها لن تقدم اي جديد. وفي حين ترفض المصادر الديبلوماسية الغربية التسليم بمقولة إن لبنان غدا حلا “للمأزق” الايراني الاقليمي، ترى ان الساحة اللبنانية تبقى رهن مجموعة معطيات ستتبلور في المرحلة المقبلة. أبرزها، هل تتمكن القوى السياسية اللبنانية من استعادة الاستحقاقات، الدستورية منها والامنية، من اللاعبين الاقليميين، وخصوصا ان لبنان بمقوماته الراهنة يبدو عاجزا عن التأثير في ميزان القوى الاقليمية؟