Site icon IMLebanon

اقتصاد 2016 رهن التفاهمات السياسيّة التي تعيد إطلاق عجلة القطاعات

Lebanon-Economy

نقل عام 2015 الى سنة 2016 سلسلة تحديات إقتصادية ومالية لم تجد طريقها الى الحل حتى اليوم. فخلال العام الماضي، شهد الاقتصاد اللبناني مزيدا من التدهور نتيجة الازمات السياسية والامنية الداخلية والاقليمية مما إنعكس سلباً على وضع المالية العامة. وتبقى الآمال معقودة اليوم على ما قد تحمله سنة 2016 من تطورات على الصعيدين السياسي والتشريعي، مما سيحدد المسار المالي والإقتصادي للبلاد.
يعترف الخبير الاقتصادي غازي وزني أن إقتصاد سنة 2016 سيكون صعباً وقاتماً وسيبقى رهن التفاعلات السياسية، مما يؤكد وجود اولويات سياسية وإقتصادية وإجتماعية يجب توافرها لإعادة إطلاق عجلة الاقتصاد ووقف النزيف. ويعتبر أن سنة 2016 ستواجه سلسلة تحديدات أبرزها كيفية إعادة تحفيز النمو، والذي لا يمكن أن يحصل قبل التوصل الى تفاهمات سياسية تساهم في ايجاد مناخ إيجابي يحسّن النظرة المستقبلية للإقتصاد الوطني ويجذب المستثمرين والسيّاح، اضافة الى إعادة تحريك القطاع العقاري الذي شهد جموداً خلال الفترة الماضية، وتسهيل الصادرات، ما يحسن الميزان التجاري اللبناني. كل هذه العوامل تساهم، بحسب وزني، في خروج الاقتصاد الوطني من حالة الركود التي عاشها خلال 2015 مع نمو قرب صفر بالمئة، وإعادته الى مرحلة الانتعاش مع نمو قد يقارب 2.5% في 2016. أما في حال تعثر التفاهمات، فيشير وزني الى أن المؤشرات هذه السنة لن تكون مغايرة عن العام الماضي، وسيكون أداء الاقتصاد سيئاً. ورغم الاداء الجيد للمصارف، قد تشهد سنة 2016 تباطؤاً في نمو القطاع قد يبلغ مستويات أقل من 5%، بالاضافة الى العقوبات الاميركية التي جعلت من المصارف أكثر حذراً في نشاطها الايداعي والتسليفي”.

إقرار الموازنة
يعتبر وزني ان اولويات 2016 يجب أن تتمثل في إقرار الموازنة العامة. فاذا انطلقت التفاهمات قد تساعد على اقرارها، مما يسهم في تحقيق الانتظام المالي العام، ويؤدي الى ضبط فوضى الانفاق والاهدار، كذلك يجب ان تتزامن مع تنفيذ إصلاحات هيكلية وانمائية تعزز النمو وتحسن الاوضاع الاجتماعية والمعيشية. لكنه يخشى ان يؤدي تعثّر هذه التفاهمات الى بقاء الانفاق على القاعدة الاثني عشرية المتبع منذ العام 2005، ما قد يتسبب حتماً في ارتفاع العجز العام الى اكثر من 9.5 % من الناتج المحلي الاجمالي في حلول نهاية السنة الجارية، وينعكس سلبا على التصنيف الائتماني للدولة ويؤدي لاحقا الى ارتفاع في معدلات الفوائد. ومع غياب أي إجراءات تعيد الانتظام الى المالية العام، من المتوقع ان يرتفع الدين العام الى ما يقارب 69.6 مليار دولار نهاية 2015 (145% من الناتج المحلي) الى نحو 74.5 مليارات دولار في حلول نهاية 2016 أي ما يمثل 147% من الناتج. وتوقع وزني ان تشهد سنة 2016 تراجعا في حجم تحويلات المغتربين ( تحويلات إجمالية قاربت 7.5 مليارات دولار) وتحديدا من دول مجلس التعاون الخليجي التي تمثل نحو 70% من إجمالي التحويلات، نتيجة الازمات المالية التي تعانيها جراء تراجع اسعار النفط.
وفي ملف آخر، يعتبر وزني ان إقرار مرسومي النفط والغاز يجب أن يكون من أولويات 2016، مشدداً على أهمية التوصل الى تفاهمات في شأن إطلاق مناقصات التلزيم، والعمل على الانتهاء من معضلة ترسيم الحدود البحرية مع قبرص واسرائيل، بالاضافة الى إنهاء الخلاف في شأن البلوكات البحرية التي يجب تلزيمها في المرحلة الاولى، وانشاء شركة البترول الوطنية. ويخشى تجميد هذا الملف وتاليا خسارة لبنان صدقيته لدى الدول المنتجة للنفط والشركات النفطية العالمية، إضافة الى خسارته للاسواق المستقبلية التي يجب العمل على توفيرها لتصريف المنتجات النفطية الموعودة.
ويلفت الخبير الاقتصادي والاستراتيجي جاسم عجاقة الى ان عام 2015 كان من أسوأ الأعوام الاقتصادية التي عصفت بلبنان، وذلك حيال التآكل البنيوي للماكينة الاقتصادية. ويشير الى انه من المتوقع أن تكون سنة 2016 إستمراراً طبيعياً للوضع القائم مما يُبرز عدداً من التحديات التي يجب مُعالجتها. ويرى أن نمو عام 2015 كان بحدود 0.3% وتعود أسبابه إلى ارتفاع الإستهلاك في الأشهر الستة الأولى من 2015 وإلى الدعم الذي تلقاه هذا الاقتصاد خلال فترة الاعياد. لكن، وفي غياب الإستثمارات وتردّي الوضع السياسي والأمني، يبقى الاقتصاد اللبناني أمام تحديات ابرزها السيطرة على العجز في الموازنة وعلى الدين العام. وهذا الأمر يتمّ وفق عجاقة، عبر إقرار موازنة 2016 حتى وان لم تحتو على شق إقتصادي، فقوننة الإنفاق بحد ذاته هو لجم للعجز، بالاضافة الى السيطرة على البطالة عبر توفير فرص عمل للشباب وتحفيز الإستثمارات من خلال إقرار قانون الشراكة بين القطاعين الخاص والعام وقوانين ضريبية تحفز الاستثمارات، بالاضافة الى محاربة الفقر الذي بدأ يطيح الطبقة الوسطى التي تعتبر أساس النمو الاقتصادي في الدول.
ويؤكد عجاقة ان “هذه التحديات هي قبل كل شيء لوقف ثلاثية الموت “عجز، بطالة، فقر” التي تضرب الاقتصاد اللبناني، وهي إذا إستمرت ستؤدي إلى سيناريو من إثنين: الهجرة الجماعية المُمنهجة والتي تعني تغيير ديموغرافي، أو ثورة إجتماعية لن تكون عواقبها السياسية والأمنية غير محمودة. هناك أيضاً تحديات مُزمنة على رأسها حل مشكلة النفايات التي تبقى وصمة عار تطاول الشعب وحكامه، كما أن هناك ملف الكهرباء الذي يبقى العار الأكبر مع ما يحمله وحده من عجز وإنفاق غير مُجد، وبالطبع لا يُمكن أن ننسى ملف الفساد الذي يبدو ان محاربته كفيلة بالنهوض بالإقتصاد إلى مستويات الأعوام 2007 – 2010″.
وحض اخيراً على أهمية الاسراع في ملف النفط والغاز، “هذا الملف يُنذر بأزمة لا مثيل لها بين المكوّنات السياسية اللبنانية، وهنا تبرز تحديات إقرار مرسومي النفط والغاز بالإضافة إلى المرسوم التطبيقي لإنشاء الصندوق السيادي والذي أقر في قانون النفط البحري”.