كتب علي حمادة لصحيفة “النهار”:
تعرقلت “المبادرة الرئاسية” التي أطلقها الرئيس سعد الحريري، وربما سقطت بفعل تقاطع معارضة “حزب الله” أي تسوية رئاسية حتى لو كان المطروح “صديق” بشار الأسد النائب سليمان فرنجية، مع رفض الجنرال ميشال عون البحث في أي اسم سواه حتى لو كان جزءا من التحالف العريض لقوى ٨ آذار وأحد أركان الرباعي الماروني، ورفض الدكتور سمير جعجع لفرنجية لأسباب تتعلق أولا بالاصطفاف السياسي، وثانيا بالعداوة المناطقية، وثالثا الامتعاض من خطوة الحريري المنفردة. ورغم هذه التقاطعات الموضوعية ، فإن العائق الأساس لانتخاب رئيس جديد للجمهورية لا يختصره لا عون ولا جعجع، وانما موقف “حزب الله” الآخذ في الاعتبار مشهداً إقليمياً أوسع من حدود لبنان، والمتسق تماما مع مشروع الحزب الاساسي القاضي بدفع لبنان – الصيغة المبني على قاعدة ميثاقي ١٩٤٣ و ١٩٨٩ الى الهاوية، من اجل اعادة صوغ لبنان جديد يتوافق مع اهداف “حزب الله” البعيدة.
في السياق المشار إليه يمكن تعيين جملة المواقف التي أطلقها مسؤولون “مأذونون” ضد التسوية الرئاسية، وضد عودة سعد الحريري الى لبنان ، وضد صلاحيات رئاسة الحكومة المنبثقة من الميثاق الثاني (الطائف)! ومن هذا المنطلق سيكون غير واقعي أي حديث عن “المبادرة الرئاسية” واعادة تفعيلها في المدى المنظور. فالاشتباك الإقليمي بين السعودية وايران وتداعياته المحلية واقع لا يمكن إغفاله. والتوقيت الإيراني الذي يعبر عنه “حزب الله” في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي حقيقة تفيد بأن أوان التسويات لم يحن بعد. والأجندة اللبنانية البعيدة المدى لـ”حزب الله” والتي تستهدف مؤسسات الدولة برمتها، تمهيدا لطرح مصير النظام برمته على طاولة البحث، لم تتغير ولن تتغير .
استنادا الى ما تقدم، لا رئاسة في المدى المنظور. ولا حتى إعادة تفعيل جدية لعمل الحكومة. فرغم دعوة رئيسها تمام سلام الحكومة الى الانعقاد الخميس المقبل ، فإنها باقية “بطة عرجاء” من دون قدرة حقيقية على انجاز أي ملف ذي جدوى. والاجتماع المقبل للحكومة لا يغير في الواقع : الحكومة الحالية هي في أحسن الأحوال مجلس بلدية !
تبقى مسألة مطروحة : مصير “التهدئة” والاستقرار الداخلي . قصارى القول إن الاشتباك الاقليمي العنيف لن يغير شيئا في المشهد اللبناني ، ما لم يتخذ “حزب الله” قرارا بالخروج من تفاهمات “التهدئة” التي أدت الى ولادة حكومة تمام سلام . وما من مؤشر إلى أن الحزب مقبل على الانقلاب على “التفاهمات” التي تخدمه اكثر مما يتصور كثيرون . أما الفريق الآخر ولا سيما “تيار المستقبل” فلا خيار أمامه سوى الحفاظ على “التهدئة” التي تتوافق ومقاربته السلمية للمشهد السياسي الداخلي . و بناء عليه فإن لبنان “الدولة المعلقة”، و”النظام المأزوم” يشرف على سنة جديدة لا تختلف كثيرا عن التي انقضت.