IMLebanon

2016 نقطة تحوُّل: الكهرباء 24 ساعة والتوفير..كبير؟

 

ElectricityProduction

 

كتب انطوان فرح في صحيفة “الجمهورية”:

هناك تحديات واستحقاقات سلبية كثيرة على المستوى الاقتصادي تنتظرنا في العام 2016. لكن فرص خفض التداعيات، قائمة في حال تمّ وضع خطة للمواجهة، اذ أن بعض الظروف المستجدة، وأهمها تراجع اسعار النفط، ينبغي أن يتم التعامل معها بدقة، لأن سلبياتها ثابتة، لكن ايجابياتها متوافرة أيضا.في العامين 2013 و2014 دفع المُكلف اللبناني 4.12 مليار دولار لسد العجز في مؤسسة الكهرباء، لتأمين التيار بمعدل 6 ساعات يوميا في المناطق، خارج نطاق بيروت الادارية.

وفي حين كان يجري تنفيذ خطة تطوير معامل انتاج جديدة قادرة على تأمين التيار 24 ساعة لكل لبنان، كان يدور في الكواليس همس مفهوم في شأن الطريقة التي ستُعتمد لخفض فاتورة العجز لدى انتهاء مشروع بناء وتأهيل المعامل.

التقديرات الاولية اشارت الى ان خسائر الكهرباء قد ترتفع من ملياري دولار سنوياً الى حوالي 4 مليارات دولار، في حال تمّ تصدير التيار 24 ساعة للمواطنين من دون رفع التعرفة، وهو رقم تعجز الخزينة عن دفعه طبعا.

وكانت مبررات رفع التعرفة ترتبط بأسعار المحروقات تحديداً، اذ ان التعرفة القائمة حاليا أُقرّت في العام 1994 على اساس سعر وسطي لبرميل النفط الخام يبلغ 28 دولارا. ومن البديهي ان كلفة الانتاج ارتفعت الى ارقام قياسية عندما وصل معدل سعر البرميل الى مائة دولار، وبقيت التعرفة كما هي.

هذه المعادلة تبدلت اليوم مع تراجُع اسعار النفط الى مستويات قياسية، بحيث اقترب سعر برميل النفط من 30 دولارا، وهو رقم قريب جدا من السعر الذي جرى اعتماده لتحديد التعرفة في العام 1994. ماذا يعني ذلك بالنسبة الى قطاع الكهرباء والى الخزينة؟

اولا – بالنسبة الى الكهرباء، أصبح في الامكان استقبال حقبة الـ24 ساعة تغذية من دون قلق مُبرَّر، على اعتبار ان سعر المحروقات عاد الى المربع الاول الذي جرى اعتماده لتحديد تعرفة يُفترض انها كافية لضمان مداخيل عادلة تجعل المؤسسة قادرة على تأمين التوازن المالي، وتستغني عن الدعم الذي كانت توفره لها الخزينة سنويا.

ثانيا – ان استمرار العجز في ظل اسعار النفط الجديدة يكشف حجم الهدر الناتج عن مجموعة اسباب منها، الهدر في التوزيع بسبب اهتراء شبكات التوزيع، سرقة التيار المباشرة من خلال سحب الكهرباء من شبكات التوزيع، (التعليق)، تراكم الفواتير على اشخاص او جهات لا تدفع، وهي تتمتع بالحماية السياسية الكافية لمنع قطع التيار عنها، كما يجري في العادة مع المواطن الذي يتأخر في دفع فواتيره، وأخيرا الهدر الناتج عن فساد او هدر داخل المؤسسة نفسها.

ثالثا – اعادة النظر في مسألة التعرفة التي تفرضها شركات الامتياز التي تولّد الطاقة، الى جانب شراء الطاقة من مؤسسة الكهرباء، بانتظار ان تصبح المؤسسة قادرة على توريد كميات كافية من التيار الى هذه الامتيازات للاستمرار في سياسة التغذية لـ24 ساعة.

رابعا – الافادة من اسعار المحروقات لاقرار تخفيضات اضافية للقطاع الصناعي، خصوصا الصناعات التي تشكل الطاقة نسبة مرتفعة من كلفة انتاجها، وهي قطاعات معروفة وقد جرى تقديم لوائح مفصلة بها الى الجهات الرسمية المختصة.

خامسا – اعادة دراسة تعديل التعرفة بحيث ان اي زيادة عليها ينبغي ان تكون بنسبة مقبولة يستطيع المواطن تحملها من دون ان تؤثر على قدراته الشرائية، وصرف النظر عن الاقتراحات السابقة التي جرى تداولها منذ بضعة اشهر وتقضي برفع التعرفة بنسبة تتراوح بين 60 و100 في المئة، حسب الشطور. وقد اصبح منطقيا التفكير في زيادة لا تتجاوز الـ20 في المئة كمعدل عام للزيادات على التعرفة.

سادسا – تسريع تنفيذ عملية تأهيل القطاع، وعدم المماطلة كما جرى حتى الان، سواء عن قصد بهدف تأخير استحقاق الوصول الى 24 ساعة تغذية تحاشياً لمأزق الاتفاق على التعرفة الجديدة، أو بسبب التجاذبات السياسية وتصفية الحسابات الخاصة، او بسبب الاهمال الناتج عن غياب الحس بالمسؤولية تجاه قضايا حياتية وحيوية من هذا النوع، تعني المواطن في حياته اليومية، وتعني الاقتصاد في انتاجيته، وتؤثر على المالية العامة للدولة من حيث الغاء العجز السنوي الذي ترتّبه عملية دعم الكهرباء المستمرة منذ اكثر من عشرين عاما، وقد كلفت الخزينة أكثر من 20 مليار دولار حتى الآن.

سابعا – الوصول سريعا الى مرحلة الاستغناء عن بواخر الكهرباء التي بات الاعتماد عليها في الفترة الأخيرة مبالغاً فيه، وتوفير اكثر من 300 مليون دولار سنويا، كلفة انتاج الطاقة من البواخر.

في النتيجة، ينبغي ان يكون العام 2016 نقطة تحوّل في ملف الكهرباء، وان نصل في نهايته الى توازن مالي في مؤسسة الكهرباء، والى 24 ساعة تغذية، بحيث ان الخزينة ستوفر حوالي ملياري دولار سنويا، تعوضها الخسائر التي تتكبدها جراء تراجع المداخيل، كما ان القدرة الشرائية للمواطن تبقى ثابتة، بل تتحسّن قليلا، بحيث يؤدي ذلك الى تحريك اضافي في الدورة الاقتصادية.

لكن الوصول الى هذه النتيجة لخفض التداعيات السلبية للظروف الاقتصادية السيئة المرتبطة بتراجع اسعار النفط، واحتمال خفض مداخيل اللبنانيين العاملين في الخليج، تحتاج الى خطوة اصلاحية في الكهرباء، والى رفع الغطاء السياسي عن القطاع، لكي يعود التوازن المالي الى المؤسسة في اسرع وقت ممكن.