في هذا السياق، توقف شماس عند 3 مؤشرات ملفته خلال العام 2015 وهي:
– اولا: تراجع قطاع العقارات والبناء في لبنان. فقد شهد العام 2015 تراجعاً ملحوظاً في المساحات المرخصة للبناء وتسليم الاسمنت، علماً أن هذا القطاع هو المستفيد الاول من تسهيلات مصرف لبنان الذي ضخّ خلال السنوات الثلاث الماضية حوالى اربعة مليارات دولار في الاقتصاد اللبناني، نحو 60 في المئة منها استعملت في قطاع البناء، خصوصاً أن هذا القطاع يشغّل مجموعة من القطاعات معه، منها التجارية والصناعية والنقل والتأمين والمصارف….
– ثانياً: الارتفاع الكبير في عجز ميزان المدفوعات والذي سيفوق المليارين ونصف المليار دولار. هذا الرقم الى تزايد مضطرد خلال السنوات الاربع الاخيرة رغم تراجع سعر صرف اليورو، علماً انه كان يفترض بهذا التراجع ان يخفّض فاتورة الاستيراد الى لبنان.
وبالنتيجة انخفض العجز التجاري في مقابل ارتفاع عجز ميزان المدفوعات. هذه المفارقة الملفتة تطرح السؤال التالي: الى اي مدى كان ليزيد العجز في ميزان المدفوعات لو لم يتراجع العجز التجاري؟
– ثالثاً: بات معروفاً ان نسبة النمو خلال العام 2015 لن تتجاوز الصفر في المئة، رغم التزايد الكبير للدين العام والخاص، بحيث من المتوقع ان يتجاوز الدين الـ 71 مليار دولار مع نهاية العام 2015، كذلك اقترب الدين الخاص من الـ 55 الى 60 مليار دولار.
وتالياً لا نمو رغم التزايد الكبير في المديونية العامة والخاصة، والسؤال المطروح ماذا كانت ستصبح نسبة النمو لو لم ترتفع المديونية؟ بالطبع أقل من صفر في المئة بكثير.
أضاف شماس: ان القاسم المشترك بين هذه المؤشرات الثلاثة هو انه رغم مسببات ايجابية تراجعت هذه المؤشرات بشكل كبير، ولم يتمكن لبنان من الافادة من الدعم أو «العكيزات» التي تقدمت له خلال العام 2015، بل استمر بالانزلاق نحو الهاوية.
وتبين استناداً الى المؤشرات ان الأُسر اللبنانية باتت تضبط الاستهلاك، لأن هناك خشية حقيقية من تراكم المديونية لدى الأُسر اي الديون الشخصية التي بدأت بالتراكم والتي بدأت آثارها تظهر في موضوع الانفاق او الاستهلاك. بدأ الاستهلاك بالتراجع بدليل تراجع مقاصة قيمة الشيكات ما بين 6 و 7 في المئة خلال العام 2015 وهذا أكبر دليل على ان الأُسر اللبنانية بدأت تفرمل استهلاكها.
أضاف: في ضوء القلق على مستقبل القطاعات الانتاجية، أحجمت بعض المؤسسات وقلّصت من حجم استثماراتها والادوات التشغيلية.
الى جانب كل هذه المؤشرات، يجب التوقف ايضاَ عند موضوع التصدير، الذي تراجع بدوره عام 2015 للأسباب اللوجستية المعروفة مع التبدلات الاقليمية والحلول الموقته مثل موضوع التصدير البحري. وما زاد الطين بلة ارتفاع سعر الدولار خلال العام 2015، وكون العملة اللبنانية مرتبطة بالدولار أدّى ذلك الى مزيد من الانتكاسة في القدرة التنافسية للصادرات اللبنانية.
يُضاف الى هذا الموضوع، اقفال روسيا باب التصدير من دول اوروبية عدة، بما جعلها ترتد الى الاسواق التقليدية للبنان مثل اسواق الخليج أو اسواق عربية أخرى حتى باتت تنافسنا بقسوة. الى جانب رفع المصرف المركزي الاميركي الفائدة على الدولار، وعاجلاً ام آجلاً، سوف ترتفع بُنية الفوائد في لبنان. الى جانب التطورات المالية والاقتصادية في الدول الخليجية وخفض هذه الدول لميزانيتها بما من شأن ذلك أن يرتد على تحويلات المغتربين الى لبنان.
كل هذه العوامل والمؤشرات دفعتنا الى إقفال العام بتطلعات سلبية بما جعل عامل الثقة بالاقتصاد اللبناني متدنيا جداً. ويبدو حتى الان ان العام 2016 حافل بالاحداث التي ستنعكس سلباً على الاقتصاد اللبناني، خصوصاً وأن التطورات الاقليمية والدولية تتوالى فصولا وبوتيرة متسارعة والتي قد تكون لها انعكاسات على لبنان.
حركة الاعياد
رداً على سؤال، عن وضع القطاع التجاري خلال العام 2015، قال شماس: هذا العام ايضاً لم يخالف القاعدة، فالانخفاض مستمر منذ نهاية 2011 حتى نهاية 2015، بحيث تعتبر نسبة التراجع بناء على مؤشري جمعية تجار بيروت-فرنسبنك لتجارة التجزئة، ومؤشر جمعية تجار بيروت -بنك ميد لتجارة الجملة، دليلا على انخفاض خطير وصل الى ما بين 25 الى 30 في المئة، حتى يمكن القول ان القطاع التجاري في لبنان بات منكوباً. والتطور الاخطر هو جفاف السيولة في شرايين القطاع التجاري.
أما عن الحركة خلال عيدي الميلاد ورأس السنة، فقال: يمكن القول ان العشرة أيام التي سبقت عيد الميلاد كانت فيها حركة التسوق ناشطة ومقبولة. انما اللافت ان هذه الحركة لم تمتد الى فترة ما بين عيدي الميلاد ورأس السنة، خصوصاً اننا نعتبر ان هذا الاسبوع مكمل اساسي لمحطة عيد الميلاد.
بل حدث هبوط مفاجئ في الحركة لا يزال يمتد حتى يومنا هذا. وقال: ان التخفيضات لم تعد تحدث حركة في الأسوق كما كانت تجري العادة، خصوصاً وأن التنزيلات بدأت أصلاً منذ بداية كانون الاول.
ختم شماس: لا يمكن اليوم بناء قطاع تجاري متين، يكون العمل فيه جيدا لاسبوع فقط أو لشهر فقط في السنة.