قبل بناء واحدة من الشركات الناشئة الواعدة أكثر من غيرها في المكسيك، كان لدى جوستاف لوبيز بالأصل ما يبدو أنه ثقافة صاحب المشاريع الأعمال التقليدي: اثنان من المشاريع الفاشلة ودرجة جامعية لم يكمل دراستها.
بعد مرور ثلاث سنوات على إطلاق “فوكسفيد” الذي يربط بين الشركات التي تبحث عن الإعلانات الإلكترونية، مع المتطوعين المستعدين للترويج لهذه الشركات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، جمع مبلغ 2.25 مليون دولار وكون علامة تجارية تبلغ قيمتها ثمانية ملايين دولار.
ومن المتوقع أن تحقق هذا العام إيرادات بقيمة 2.5 مليون دولار، و”ضعف ذلك” عام 2017. يجري تصنيف هذه الشركة الشابة من قبل المستثمرين وأصحاب المشاريع الزملاء، على أنها واحدة من ألمع الأعمال في مشهد الشركات الناشئة الوليدة في المكسيك. كما أن لديها رئيسا تنفيذيا واعيا يبلغ من العمر 24 عاماً، تعتبر الفلسفة إحدى اهتماماته وخطته لحياته تقليدية بلا مواربة.
مع ذلك، يوصف أسلوبه بأنه رجل أعمال ماهر أكثر من كونه مبدعا حالما. يقول عن الشركة الناشئة: “إنها لا تدور حول الفكرة، بل هي حول التنفيذ”. وبينما يرتدي الجينز ويجلس على أريكة في المقر الرئيس لشركة فوكسفيد، منزل في المدينة الثانية في المكسيك، جوادالاجارا، يبتسم وهو يتكلم، لكنك تشعر أيصا بوجود انضباط كامن.
أين يرى نفسه بعد عشر سنوات؟ في حين أنه يتوقع أنه سيكون بالتأكيد قد باع شركة فوكسفيد مقابل ربح جيد، لا يتردد لوبيز في إجابة سؤال “متزوج ولديه عائلة” وهو تركيز شخصي بشكل لافت، وليس مهنيا، بالنسبة لرئيس تنفيذي شاب جائع.
رغم كونه يتكلم الإنجليزية بطلاقة ويعيش على بعد أربع ساعات بالطائرة فقط من وادي السيليكون، يرى نفسه أيضا أنه سيبقى في مدينته الأصلية جوادالاجارا، وهي مركز نشط للتكنولوجيا الناشئة.
كما أنه يرغب في “جعل هذه المدينة مكانا أفضل” بأن يصبح ذلك النوع من المستثمرين الذين يراهنون على شركة فوكسفيد، لكن بناء ثقافة مشاريع يستغرق وقتا: “نحن لسنا في وادي السيليكون- ليس لدينا تاريخ. لم نشهد فيسبوك هنا”.
يعمل مشروع فوكسفيد، الذي قام بتأسيسه مع مانويل دي لا توري، صديقه من أيام الجامعة، وكأنه سوق لربط “ذوي النفوذ” بالشركات- مثل آير بي إن بي، وإي باي، ونوكيا، وديزني، وتيلسيل، وشركة سكاي المصنعة للفودكا، وبي إم دبليو- التي تبحث عن إعلانات لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. يعترف لوبيز بأن المخططات المشابهة كانت منذ فترة قيد التنفيذ في الولايات المتحدة، مثل كلاوت ومافرك وناريتيف: “عندما قدمنا الفكرة للمستثمرين، قال الجميع: لكن هذا موجود بالفعل. قلت لهم” نعم، لكن الشركات المنافسة الأمريكية لا تركز على أمريكا اللاتينية. كانت هذه هي الفرصة”.
باعتباره شخصا يستشهد بكتاب “كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس” كأحد الكتب المفضلة لديه – “يبدو كتابا غبيا حقا لكنه في الواقع كتاب مدهش” – تفهم لوبيز الحاجة إلى بناء الثقة في عالم أعمال محافظ لا تزال العلاقات الأسرية فيه سائدة، وهذا النوع من الشركات “لم يكن موجودا”.
السوق موجودة: تمثل المكسيك 36 في المائة من الإنفاق السنوي على الإعلانات الرقمية في أمريكا اللاتينية البالغة قيمتها 1.5 مليار دولار، وفقا لشركة يورومونيتور. والسوق في المكسيك توسعت بنسبة 32 في المائة عام 2014 عن عام 2013، مع توسع الإعلانات على الهواتف المحمولة بنسبة 113 في المائة في تلك الفترة، وفقا لوكالة آي إيه بي في المكسيك، رابطة الإعلانات عبر الإنترنت وشركة برايس ووترهاوس كوبرز.
حين فاز بالدعم المالي، رأى طالب الأعمال والتسويق الأسبق في الجامعة أن شركة أمريكانا في جوادالاجارا وأنه يجب عليه تقديم النتائج بسرعة. يقول: “إذا لم تكسب المال، ستموت. لن تكون قادرا أبدا على جمع جولة أخرى من التمويل”.
في السنة الأولى من التشغيل، حققت فوكسفيد إيرادات وصلت لنحو 25 ألف دولار. وفي السنة التالية قفزت الإيرادات إلى 850 ألف دولار. والمبلغ المتوقع في عام 2015 قريب من 1.4 مليون دولار: “في عام 2016، نأمل تحقيق 2.5 مليون دولار وفي عام 2017، أريد مضاعفة المبلغ”. كان مشروع فوكسفيد مربحا بعد ثمانية أشهر فقط، مع هامش للربح بلغ أكثر من 25 في المائة.
جاءت فكرة إنشاء فوكسفيد، التي كان اسمها الأصلي ريتويتي، في كانون الأول (ديسمبر) من عام 2012، عندما حضر دي لا توري، شريك لوبيز في مشروع فاشل شبيه بمشروع دروبوكس، مؤتمرا سمع فيه أحد الحضور يتحدث حول الدفع لأصحاب النفوذ مقابل إعلانات عبر شبكة الإنترنت.
يقول لوبيز: “فكرنا في الموضوع وقلنا إن علينا أن نفعل ذلك بطريقة بسيطة وقابلة لتغيير النطاق. وجاءني بنموذج أولي- مكون من ثلاثة عملاء وعشرة من أصحاب النفوذ، ربما- لكنه كان ناجحا”. في شباط (فبراير) من عام 2013، التقى الشريكان بآندي كيفير، المخضرم في وادي السيليكون الذي يدير صندوقا للمشاريع قيمته مليونا دولار، مشاريع مختبرات آجاف، في جوادالاجارا.
وقال: إذا وضعتَ بعض الأهداف المحددة وتمكنتَ من تحقيقها خلال أسبوعين، سأقدمك للمستثمرين”. لم يحتج لوبيز طرح السؤال لأكثر من مرة – حيث كان أحد أول العملاء واحدا من أساتذته في الجامعة، وكان يرغب في الإعلان عن مادة جامعية للتدريس.
عمل كيفير بالشكل الصحيح على إيجاد تواصل بين الزوجين مع مجموعة رأس المال المغامر، ألتا للمشاريع في المكسيك، في مقرها في العاصمة الشمالية الصناعية للبلاد، مونتيري. يقول لوبيز: “لكنهم كانوا كبيرين فوق الحد بالنسبة لنا. طلبوا منا أن نعود مرة أخرى عندما نصبح أكبر حجما”.
بدلا من ذلك، تحولوا إلى شبكة الاستثمار أنجيل في جوادالاجارا، التي قدمت لهم مبلغ 47 ألف دولار. حصل كيفير على 3000 دولار وقدم تدريبا وإرشادا عمليا. يقول لوبيز: “حصلنا على المال في شهر آب (أغسطس) من عام 2013 وفي شهر آذار (مارس) من عام 2014 بدأنا نشهد النمو المتسارع”. في ذلك الشهر، فاز مشروع فوكسفيد بأول عميل كبير له، أي موفيستار، شركة الهواتف المحمولة، التي أنفقت مبلغ 10 آلاف دولار على حملة مع “فوكسفيد”.
في شهر تموز (يوليو) من عام 2015، جمع مشروع فوكسفيد نحو 1.75 مليون دولار، مع مستثمرين يشملون مشاريع نازكا، وهي صندوق لرأس المال المغامر ولديها مكاتب في المكسيك وتشيلي والأرجنتين وكولومبيا والبرازيل، وشركة أسينزا كابيتال، مكتب لعائلة مكسيكية.
كان هذا كافيا لإقناع والده، مستشار الأعمال الذي كان قد شاهد فشل مشروعين لابنه، وهما مشروع قارورة حفظ رماد الموتى المبكرة، ومؤشر الوصفات على الإنترنت. يقول لوبيز: “كان يعتقد بأنها كانت مجرد هواية. توقف عن هذا الرأي عندما عدت ومعي مبلغ 50 ألف دولار، ومن ثم 1.75 مليون دولار”.
مع ذلك، يواجه مشروع فوكسفيد تحديات، حيث يرغب المعلنون بمحتوى يشد الانتباه وينتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في حين يجب أن يبقى أصحاب النفوذ “صادقين” وأن يتعلموا “ألا يصبحوا مزعجين”، بحسب ما يقول لوبيز.
لدى مشروع فوكسفيد إجراءات للتحقق من أصحاب النفوذ. إذا بدا أي منشور بأنه غير صادق، لن يكون مؤثرا، كما يقول.
أدى البدء في تشغيل الأعمال إلى الإدمان على ساعات العمل في البداية. يقول: “ومن ثم، أدركت أن النجاح الحقيقي اليوم هو السعادة… لن تنتهي من عمل كل شيء حتى تموت. لذلك، عليك بذل أقصى مجهود لديك حتى يكون كل يوم فيه إنجاز لك. إذا كنت تنتظر تحقيق الهدف أولا ومن ثم العيش، فإن الحياة لن تنتظر- سيكون الوقت قد تأخر جدا”. إن مثل هذا الاتجاه أمر غريب في بلاد فيها أطول ساعات العمل في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.