كتبت ليا القزي في صحيفة “الأخبار”، 37 مرشحاً يتنافسون في الانتخابات الداخلية في “التيار الوطني الحر” في قضاء جزين. محاولات التوافق بين المرشحين فشلت، ومن المتوقع أن تكون هناك منافسة بين لائحتين، في وقت التزم فيه النائب زياد أسود بطلب “المركزية” النأي بنفسه عن المعركة.
“جزّين هي أمّ المعارك”، هكذا يُلخص أحد المطلعين على سير الانتخابات الداخلية في “التيار الوطني الحرّ” الأجواء في القضاء الجنوبي. في هذه المنطقة، حيث الخلاف بين الهيئات الحزبية المتعاقبة منذ عام 2005. ونائب المنطقة زياد أسود يشكّل السمة الأبرز للانتخابات التي تتخذ المعركة فيها بُعداً آخر، هو “شدّ حبال” بين عددٍ من الأشخاص، يدعي كلّ منهم تأمين “مصلحة التيار”. في وقت يبدو فيه أسود مُلتزماً حتى الساعة بإيعاز رئيس الحزب، وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، عدم التدخل في الانتخابات: “أنا غير مبالٍ ولا أتدخل، علماً بأنني أفضل التوافق”، يقول أسود لـ”الأخبار”.
توجز المصادر المُطلعة تاريخ نشوء “التيار” في جزين، فتتذكر يوم كانوا “«في عام 1998، 25 شخصاً أسسوا، بمبادرة من أسود، تجمع أبناء جزين الأحرار”.
كان هؤلاء يُصدرون بيانات بشأن الأوضاع الأمنية في المنطقة. “بعد قرابة العام، طلب اللواء نديم لطيف انضمام الـ25 إلى التيار. لم يرتفع عددهم حتى عام 2004”. بعد ذلك، بدأ الوضع يتبدل حيث تقدم 2800 شخص بطلبات انتسابهم إلى التيار الوطني الحرّ، “كان يحضر 80 شخصاً حين تجتمع لجنة جزين”.
الوئام بين أعضاء “الهيئة التأسيسية” لم يصمد طويلاً بعد عام 2005، واستعر الخلاف بين أسود من جهة وعدد من “العونيين” من جهة أخرى، بينهم رئيس بلديّة جزين واتحاد بلديات المنطقة خليل حرفوش. انعكس هذا الخلاف على عمل “التيار” في جزين، حيث هناك اليوم 750 بطاقة حزبية ومناكفات شبه دائمة بين هيئة القضاء وأسود. تتحدث المصادر عن أنه “تناوب على رئاسة الهيئة كل من: حبيب فارس، طوني فرحات وآلان فارس. في الولايات الثلاث، كان طلب أسود الاجتماع معها يواجه بالرفض، ولم يستجيبوا له إلا ثلاث مرات”. هناك أيضاً، العلاقة السيئة بين البلدية وأسود “الذي يقول دائماً إنه سيسعى هذه المرّة إلى ترشيح أشخاص جُدد للانتخابات البلدية، حتى لو أدّى ذلك إلى خسارته”.
المناكفات بين بعض “العونيين” وأسود وبين بعضهم البعض، أدّت إلى بروز ستة أسماء تطرح نفسها لرئاسة الهيئة: طوني منصور، طوني عون، السيّدة كمال شرفان، أسعد هندي، طوني سكاف وشربل سكاف “الذي يُجاهر بأنه يخوض المعركة ضدّ أسود”.
تتحدث المصادر عن وجود فريق “طالب بانتخاب وجوه جديدة، كون التجربة الحزبية في جزين كانت فاشلة. كما أنهم طلبوا من باسيل إيجاد صيغة توافقية بناءً على معايير واضحة حتى يصل من يستحق المركز”. الأخير تدخل، فأصدر بداية “فرمانه” طالباً من أسود عدم التدخل في المعركة. ثم جمع في المرحلة الثانية الـ37 مرشحاً في منزله على مدى ساعتين ونصف ساعة.
النائب أسود:
أنا غير مبالٍ ولا أتدخلّ، علماً أنني أفضل التوافق
اختلى باسيل مع كلّ شخص على حدة، وقد قدّم كلّ منهم الاسم التوافقي الذي يريده، “كان باسيل واضحاً في طلبه أن لا تأتي هيئة قضاء تكون على خلافٍ مع نائب المنطقة”. خلاصة الجلسة كانت “تأليف لائحة قوامها طوني عون والسيّدة كمال شرفان، وقدمت كلّ لائحة الأسماء التي تريد ترشيحها والمركز، حتى يكون الجميع ممثلاً”. الاتفاق لم يُعمّر طويلاً، “ما إن وضعوا أرجلهم خارج بوابة منزل باسيل حتى تنصلوا من الاتفاق”.
على الرغم من ذلك، لم يستسلم دعاة الوفاق: “مساعي التوافق لا تزال قائمة. انشالله بتزبط”، يقول طوني عون. يوضح أنّ كل شخص لديه حساباته “ولكن نحن لا نُدخل الحسابات الشخصية في المعركة، وهي ليست موجهة ضد أسود”. في الإطار نفسه، يتحدث رئيس الهيئة الحالي حبيب فارس، نافياً وجود خلافات مع أسود “أنا شخصياً لا علم لي بأن هناك مشكلة مع أحد”. الأمر المؤكد بالنسبة إليه هو تدخل أسود في المعركة “وإذا قلت خلاف ذلك، أكون أكذب”. فارس أيضاً يتمنّى نجاح التوافق: “انشالله يبيّن شي حلو”. هو طرح اسم طوني سكاف “والأهم مصلحة التيار”. أما في حال فشل التوافق، فـ”منرجع بالنهاية منمشي بالصفّ”.
حالياً، تتنافس في جزين ثلاث لوائح. لائحة طوني منصور حتى الساعة غير مُكتملة، ما يعني أنها ستُستثنى من الانتخابات، “وهو رفض أي تركيبة عدائية”، استناداً إلى المصادر. تبقى لائحتا طوني عون وأسعد هندي. الثقل الانتخابي هو في بلدات جزين والعيشية والجرمق. الجميع ينتظر الساعة الصفر لحسم التوافق أو المعركة.
وفي عاليه معركة بين أعضاء الهيئة الحالية
860 ملتزماً في “التيار الوطني الحرّ” ــ قضاء عاليه، سيتوجهون يوم الأحد المقبل لانتخاب هيئتهم الجديدة. في عاليه معركة ديموقراطية، بين ثلاث لوائح منبثقة من الهيئة الحالية، لذلك “ما حدا يضحك على حدا. لا وجود لشيء اسمه تغيير وتجديد في القضاء، الهيئة تُنافس نفسها”، استناداً إلى مصادر عونية في عاليه.
اللائحة الأولى يترأسها المنسق الحالي لهيئة “التيار” بول نجم، فيما يترأس اللائحة الثانية نائبه أسعد صوايا. أما اللائحة الثالثة فبرئاسة أمين سرّ الهيئة باسكال أنطون.
ثلاث محاولات سُجلت في عاليه بغية التوصل إلى حلّ توافقي، انطلاقاً من “تمنيات” رئيس الحزب، وزير الخارجية والمغتربين، جبران باسيل. ولكن هنا أيضاً، خابت آمال الرئيس، “بسبب رغبة المرشحين في إثبات أنفسهم في القضاء”.
بعدما باتت المعركة حتميّة بين اللوائح الثلاث، يتجه أنطون إلى إعلان لائحته الثلاثاء، في حين أن صوايا أرسل رسائل نصية تتضمن أسماء المرشحين إلى جانبه، أما نجم فلم يكشف عن أعضاء لائحته بعد.
البطاقات الحزبية في عاليه تتوزع بشكلٍ أساسي في بلدات الكحالة وعين دارة وبسوس وبليبل وسوق الغرب ومنصوريّة بحمدون. أما على صعيد الأفراد، فهناك حضور لفريقين مُقربين من “السلطة”. الفريق الأول، قوامه مستشار باسيل المهندس سيزار أبي خليل. والفريق الثاني يُمثله الشقيقان حنا، فادي (مسؤول قطاع الطلاب والشباب السابق) وإيلي (منسق لجنة النقابات).
تؤكد مصادر رفيعة المستوى في عاليه أن أبي خليل لا يتدخل في المعركة لثلاثة أسباب. أولاً، “هو مرشح إلى الانتخابات النيابية، وبالتالي ليس من مصلحته أن يكون طرفاً”. السبب الثاني هو “علاقته الوطيدة بباسيل وعمله معه”. أما ثالثاً، فلأنه “حاول التوصل إلى لائحة توافقية”.
تبدأ مصادر لائحة صوايا من تأكيد أن المعركة ليست شخصية، بل هي “معركة مشاريع والهدف واحد: خدمة المنطقة. المعركة طابعها ديموقراطي من دون تشنجات”. إذاً، لماذا لم تقبلوا بالتوافق؟ الجواب هو بأن “الخلاف وقع على هوية المنسّق”. تقول المعلومات التي حصلت عليها “الأخبار” إن مسؤول الهيئة السابق عماد مكرزل يدعم لائحة صوايا، في حين أن مصادر الأخيرة تؤكد أن “الأخوين حنا يدعمان علناً خيار أنطون. أما بالنسبة إلى أبي خليل، فحتى الساعة لاحظنا أنه يقف على مسافة واحدة من الجميع”.
يلتزم جميع المرشحين قرار “المركزية” عدم التصريح للوسائل الإعلامية. ولكن، تقول مصادر لائحة نجم إنه في الأساس “الهدف كان التوافق، وثمة استحقاقات أخرى كالانتخابات البلدية كان يمكن أن نتحضر لها”. “تُهمة” نيل اللائحة دعم أبي خليل، فيها “نوع من التجني. الصداقة معه لا تعني وقوفه طرفاً. ونحن لم نختَر أحداً من بلدته بليبل على لائحتنا منعاً لإحراجه”.
من جهتها، تبدو مصادر أنطون مرتاحة إلى وضعها “رغم وجود ضغط التحضير للانتخابات”، أما السبب فهو أن “لائحتنا هي الوحيدة التي تضم مرشحين من مختلف الانتماءات المناطقية والطائفية”.
يحاول كلّ طرف الإيحاء بأن الأصوات ستصبّ لمصلحته. لا تحسم المصادر إن كانت المعركة شخصية، “ولكن الأكيد أنه في مكان ما هناك نكايات”. على الرغم من ذلك، “الجوّ رايق والمتنافسون يتواصلون بعضهم مع بعض. الانتخابات ستبثّ الحيوية في عاليه”.