ابلغ وزير المال علي حسن خليل، مؤسسة كهرباء لبنان، بتاريخ 2/1/2016، موافقته على لحظ اعتمادات دفع لمدّة 60 شهراً، بقيمة 515 ملياراً و986 مليوناً و200 ألف ليرة، مخصصة لصيانة وتشغيل معملي دير عمار والزهراني. إلا أن هذه الموافقة جاءت مترافقة مع جملة ملاحظات أبداها على عقد التلزيم بالتراضي الذي رسا على شركة Primesouth LLC.
وكان مجلس إدارة المؤسسة قد اتخذ قراراً بتاريخ 26/11/2015، يقضي بعقد الصفقة بالتراضي مع الشركة المذكورة، لكونها «العارض الأدنى للأسعار والأفضل تقويماً»، بحسب ما ورد في القرار. وذلك لمدّة 5 سنوات، تبدأ في 16/2/2016 وتنتهي في 15/2/2021.
أحاطت التباسات كثيرة بهذه الصفقة، إذ أعلنت مؤسسة كهرباء لبنان في 20 آذار الماضي إجراء استدراج عروض لتشغيل المعملين وصيانتهما، وطلبت من الشركات الراغبة في الاشتراك تسليم عروضها الفنية والإدارية والمالية في مهلة أقصاها 26 أيار الماضي، على أن تتولى الشركة الاستشارية السويسرية AF CONSULT تقويم هذه العروض، تمهيداً لإعلان الشركة الفائزة قبل 16 شباط المقبل، وهو موعد نهاية عقد الشركة الماليزية YTL، التي تتولى حالياً تشغيل هذين المعملين وصيانتهما.
قدّمت شركتان فقط عروضهما ضمن هذه المهلة، هما الشركة الهندية POWER MAKE والشركة الأميركية HPI. إلا أن المؤسسة قررت تمديد مهلة استدراج العروض إلى 5 أيلول، فلم تتقدّم أي شركة أخرى. عمدت المؤسسة إلى فتح العروض الفنية والإدارية (من دون المالية) للشركتين المتقدمتين، وعمدت إلى تقويمهما عبر الشركة الاستشارية، ليتبين أن ملف الشركة الهندية غير مستوفٍ الشروط، فقررت المؤسسة في 22 أيلول الماضي تمديد مهلة تقديم العروض مرّة أخرى حتى 20 تشرين الأول الجاري. عندها تقدم تحالف من شركتي Primesouth الأميركية وKSCC الكويتية (وكيلتهما شركة الديار/ سمير ضومط) ليفوز بالصفقة بمبلغ 339 مليوناً و464 ألفاً و657 دولاراً، فيما بلغ عرض شركة HPI نحو 347 مليون دولار.
يبدي وزير المال ملاحظة على السعر الذي فازت به شركة Primesouth LLC، إذ يتجاوز السعر الذي تقاضته الشركة الماليزية YTL لفترة السنوات الخمس الماضية بنحو 83 مليوناً و720 ألفاً و658 دولاراً، إذ بلغت قيمة العقد مع هذه الشركة نحو 255 مليون دولار، أو 192 مليون يورو في حينه. وأوضحت المؤسسة أن «فرق الأسعار بين العرض المقدم من الشركة الفائزة وقيمة العقد مع الشركة الملتزمة حالياً، يعود إلى أن دفتر الشروط في المناقصة الحالية يختلف عن دفاتر الشروط في المناقصات السابقة في أمور جوهرية، إذ يتضمّن أعمالاً إضافية ضرورية، ومنها على سبيل المثال: تأهيل كامل لكافة المراجل (Boilers Full Rehabilitation) في معملي دير عمار والزهراني، شراء مجموعة كاملة من شفرات العنفة الغازية (Gas Turbine blades) لكل معمل، تغيير الأنابيب المستخدمة لتفريغ مادة الغاز أويل من البواخر في المعمل (Single Point Mooring Hoses)، تفريغ جميع بواخر الفيول أويل، بما في ذلك البواخر التي تفوق حمولتها مواصفات المصب SPM، ارتفاع مؤشر الأسعار العالمي (Producer Price Index) لقطع الغيار الاستهلاكية وخدمات الصيانة لمجموعات الإنتاج، ارتفاع معدل الأجور في ما خص اليد العاملة المحلية والأجنبية، تقدم عمر المعملين، إجراءات أمنية إضافية نظراً إلى الوضع الأمني في لبنان والمنطقة.
يبدي وزير المال ملاحظة على توضيحات المؤسسة، وجاء في كتابه أن «معدل الأجور لم يرتفع عن الفترة الأخيرة العائدة للتلزيم السابق، كذلك إن الكلفة الإضافية للزيادة المبنية على كلفة الإجراءات الأمنية الإضافية غير مبررة في ضوء التوقعات المستقبلية». ويطلب «بيان الأعمال الإضافية المطلوبة من المشغل الجديد بشكل منفصل ضمن الصفقة، وأن يتم عند تنفيذ التلزيم متابعة الأشغال التي تمت زيادتها عن التلزيم السابق». تقول مصادر مطلعة إن قيمة العقد مع الشركة الماليزيه سعّر باليورو عام 2011 (192 مليون يورو حينها عادلته المؤسسة أخيراً بنحو 255 مليون دولار)، في حين أن المعدات التي تستخدم تشرى عادة باليورو. منذ عام 2011، شهد اليورو تراجعاً ملحوظاً أمام الدولار. فهل يبرر ذلك فارق الأسعار؟ كذلك إنّ العقد مع الشركة الماليزية كان يتضمن تحديث المجموعات المولدة للطاقة بقيمة 80 مليون دولار من القيمة الإجمالية، وهو ما لم تتضمنه أعمال العقد مع الشركة الجديدة.
بعد وزارة المالية، سيحول ملف إبرام الصفقة مع الشركة الأميركية إلى وزارة الطاقة (الوزارتان وصيتان وموافقتهما ملزمة). استباقاً للموافقة النهائية، وجهت الشركة الأميركية الخاسرة في المناقصة HPI رسالتين لوزيري المال والطاقة، بتاريخ 30 كانون الأول الفائت، تعرض إمكانية حسم نحو 40 مليون دولار من سعر العرض الذي تقدمت به (347 مليون دولار) للمناقصة، باعتبار أن السبب الرئيسي لاختيار الشركة الفائزة هو تقديمها السعر الأدنى. فهل سيؤثر ذلك في مسار الصفقة؟ علماً بأن ملف الشركة الأميركية يعاني من شوائب ونواقص.