كتب هيثم الطبش
كثيرة هي الأمور التي اختلفت على الساحة المحلية بعد التصعيد السعودي الإيراني الأخير، وبخلاف النبرة المرتفعة من الطرف الإيراني الداخلي المتمثل بحزب الله من أمينه العام إلى نوابه أو أولئك الذين يدورون في فلكه، يبدو أن هناك حرصاً لدى الفرقاء الآخرين على ضبط الأمور ومنع انفلاتها حتى حصول تطور خارجي ما.
المعطيات المتجمعة تشير إلى أن إيران، وعلى عكس حزبها في لبنان، تشعر، في ضوء الإجماع العربي عموماً والخليجي خصوصاً، بأنها أحطأت في التعاطي مع السعودية وهي تبحث عن مخارج ممكنة وقد وسّطت لذلك أطرافاً عديدين، إلا أن المملكة التي ضاقت ذرعاً بتصرفات النظام الإيراني في المنطقة اتخذت قرارها بإقفال أي منافذ للوساطة.
حزب الله الذي لا يترك مناسبة إلا ويوظفها للهجوم على السعودية وقيادتها، يفضّل ألا يفتح على ذاته جبهة إضافية على الساحة اللبنانية، وهو الغارق في جبهات ممتدة من اليمن إلى سوريا مروراً بالعراق. ولذلك تفيد المعلومات المتوافرة بأن الحزب اختار التهدئة في الممارسة السياسية من جهة ومواصلة الحرب الكلامية مع المكونات السياسية الأخرى وعلى رأسها تيار المستقبل من جهة أخرى.
ومن هنا فإن الترجمة العملية جاءت في جلستي الحوار اللتين عقدتا كما كان متوقعاً وحافظتا على الأمور تحت سقف التهدئة السياسية، وعليه فإن التوقعات تصب في اتجاه حضور وزراء الحزب الجلسة المرتقبة للحكومة وكذلك الأمر بالنسبة لوزراء التيار الوطني الحر خصوصاً أن مرجعاً وزارياً لمس من النائب ميشال عون حرصاً على دعم الإنتاجية الحكومية.
على الصعيد الرئاسي تبدو الأمور أكثر تعقيداً مما هي عليه في الملفات الأخرى. فالمعطيات تشير إلى أن ميادرة إيصال النائب سليمان فرنجية إلى بعبدا منيت بضربة قاضية بعد التوتر السعودي الإيراني المستجد، وإن كان بعض تيار المستقبل لا يزال يقول إن الأمور “ماشية” وإن بوتيرة أبطأ من السابق.
ووفق المتوفر من المعلومات، فإن الدوائر المحلية والعالمية المؤثرة في عملية اختيار رئيس الجمهورية عادت لتتداول وبقوة بأسماء مرشحين “تكنوقراط” في الكواليس.
وتشير هذه الأوساط إلى أن الداعمين لمثل هؤلاء المرشحين كثر واعتبرت أن سمير جعجع أفضل من يقرأ من المنظار الوطني الصرف من دون ثقل وازن لمصالحه الخارجية فيعرف كيف يختار، وأثبتت التجارب أن خياراته على المستوى الاستراتيجي الوطني هي الأسلم والأدق، ويبدو أن جعجع لا يمانع بوصول “تكنوقراط” كحل نهائي ووحيد لأزمة الملف الرئاسي.
الثاتب والمتقاطع في قراءات المواكبين لمجريات الأمور في كواليس العمل السياسي أن الجميع يعرف بوجود مستحيلين على صعيد رئاسة الجمهورية، الأول هو وصول النائب ميشال عون إلى كرسي الرئاسة مهما حاول، والمستحيل الثاني هو فوز رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، بالسباق الرئاسي، لكن اليوم أصبح هناك مستحيل ثالث أيضاً هو دخول سليمان فرنجية إلى قصر بعبدا.