يُمضي الرئيس أمين الجميّل وقته هذه الأيام في مركز مؤسسة “بيت المستقبل”، التي أعاد إطلاقها في أيار الماضي. وهو يهدف إلى أن يلعب مركز التوثيق هذا دور صانع السياسات في لبنان. يرفض القول لـ”الأخبار” إنه انسحب من المعركة الرئاسية لأنه “لم أترشح ولا حزبي رشّحني”. يغمز من قناة رئيس حزب القوات اللبنانية الذي “بدّو يعمل رئيس”، ليُفرّق بين “مشروعنا الوطني” ومشروع الآخرين الذي هو “مشروع سلطة”.
ووفق المعلومات التي حصل عليها الجميّل، الرئيس سعد الحريري والنائب سليمان فرنجية لم يلتقيا مرّة ثانية، “موفدا الطرفين هما من التقيا”. ينتقي كلماته بعناية وهو يؤكد أنّ “مبادرة الحريري الرئاسية جديّة وهو صادق بمقاربته”. المفاجأة كانت “في رفض هذه المبادرة بهذه الحدّة”.
وتابع: “الكتائب على تواصل دائم مع الحريري، وموقفنا من طرحه وطني يتجاوز الاعتبارات الأنانية، ولكن الكرة حالياً في ملعب قوى الثامن من آذار”. حتى مع فرنجية “اللقاءات تُعقد باستمرار من أجل التفاهم حول الموقف الوطني وإيجاد قواسم مشتركة. الأجواء كانت إيجابية. أكيد أنه حين تُحلّ التعقيدات تُصبح وتيرة الاتصالات أسرع”، مع التشديد على “تحالفات الكتائب ومبادئها”.
طيب، ماذا يريد رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع؟ “بدّو يعمل رئيس”، يردّ الجميّل. ويوضح أنّ “الفرق بيننا وبين الآخرين هو في مشروعنا الوطني ونضالنا من أجل قضية وطنية، بينما معظمهم مشروعهم هو مشروع سلطة”. يرفض الحديث عن ترشيح جعجع للنائب ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، “هناك الكثير من الصعوبات. لمّا بصير في ترشيح منحكي فيه”. يرفض السؤال عن انسحابه من المعركة الرئاسية “أنا من الأسماء المطروحة، ولكن أنا لم أترشح ولا الكتائب رشّحني”، علماً بأن الوزير سجعان قزي صرّح في تشرين الثاني الماضي، لـ”السفير”، بأنّ “لدى الكتائب مرشحاً رئاسياً هو الرئيس أمين الجميّل”.
في خضم كل هذه التطورات لم تنقطع علاقات الكتائب مع أي طرف، خاصة حزب الله الذي أعيد تفعيل قنوات التواصل معه. يقول الجميّل إن “هذه قناعتنا بأننا نعيش في الوطن نفسه. لا يُمكن بناء لبنان من دون هذه الشريحة التي يُمثلها حزب الله”. إضافة الى أنّ “القطيعة بين مكونات أساسيّة تعني التقسيم، وهو ما نرفضه ونحاربه”.
حزب الكتائب تمايز وابتعد عن قوى 14 آذار في محطات عديدة. لا يُنكر الجميّل ذلك، ولكنه في الوقت عينه يرفض نعي هذا الفريق. “هناك نمطان من العمل داخل 14 آذار”، يقول. النمط الأول هو السلطة وكيفية التعامل معها، “هنا ربما يكون هناك اختلافات كثيرة ونحن تمايزنا عنهم”. أما النمط الثاني فهو “القيم والأسس الوطنية التي تتميز بها 14 آذار، وهي أقوى مما كانت، بسبب المخاطر التي نواجهها وتقتضي أن تبقى القيادات متعاونة”.
يُفكر الجميّل قبل أن يطرح مقاربته للوضع الإقليمي وانعكاسه على لبنان “هناك معطيات عدّة تؤكد أنه في الظرف الراهن من مصلحة الجميع إبقاء ساحتنا بمنأى عن التطورات الدراماتيكية في دول الجوار. هي استراحة المحارب”. بيد أنّ ذلك قد لا يطول “إذا لم تلعب المؤسسات دورها من جديد، لأنه لا يُمكننا أن نتّكل فقط على حسن نية العالم”. يُلخّص الجميّل الوضع بجملة: “إنّ غياب المؤسسات ومنع انتخاب رئيس يُشبه الانتحار”.